الهارب .. آلة موسيقية صاحبت مارية 200 جندي روماني مدججون بالسلاح في وحشة خلاء صحراء جنوبالفيوم لم يرهبوا الأب صمويل الراهب رئيس دير القلمون رغم شيخوخته وضعف جسده ليرمي رسالة المقوقس تأمره باعتناق مذهب جديد يخالف مذهبه القبطي فيصرخ في وجه مبعوثه.. ليس لنا من رئيس إلا بنيامين (بطريرك القبط الهارب للصعيد) رغم يقينه من اعتدائهم عليه حتي قارب الموت فالعند المصري للاستقلال بعقيدتهم وثقافتهم قهر كل المحتلين.. وبقي المصريون. المقوقس هو الحاكم الروماني لمصر (31 641 م) بسلطات دينية وحربية ومالية وتنظيمية وقضائية وقد وُصف بالبلاغة والخطابة وتأثيره علي الجماهير مثلما امتص غضب جماهير الإسكندرية عندما وصلهم العرب بعد معاهدة تسليم الإسكندرية لتحصيل الجزية فأقنعهم أنه لمصلحتهم وحقن دمائهم لكنه فشل في إقناع المصريين بالمذهب الجديد (المشيئة الواحدة للمسيح) ولم ينفع معهم قسوة الاضطهاد وهرب منه الأنبا بنيامين بطريرك القبط لمدة 10 سنوات وجاءه حاطب بن أبي بلتعة سفيرا لرسول الله وأرسل معه السيدة مارية للرسول (ص) وهو الذي عاصر الفتح الإسلامي.
في بحثي لم أجد له جنباً يرتاح عليه ولا ارتحت. في الإسكندرية لم أجد كنيسة أبو يحنس وقيل دفن فيها في منطقة الحبالين (صناعة الحبال) وقد تكون هدمت في حرائق وتدمير الكنائس لأكثر من مرة أو من زلزال عنيف. المؤرخون المسلمون ينظرونه بتعالي المنتصر وتصب أفضاله عندهم في توقعه ببشارة سيدنا محمد وأن ديانته ستسود مصر وإرساله هدايا له ثم تعقله في التسليم أمام بسالة جيش الفتح. القبط.. هو الأبغض في تاريخهم رغم اضطهادهم منذ دخلت المسيحية 62م بل وتعرضهم لفتن طائفية في الحكم الإسلامي. الروم الأرثوذكس أهل مذهبه ومعهم د. بتلر- في فتح العرب لمصر- يعاملونه كمتآمر بتسليم وسرقة ضرائب مصر- ووصفوه بالمسيخ الدجال ويتهمونه قبل الإسلام بإيمانه سراً باليعقوبية مذهب القبط رغم تعذيبه لهم وبعد الفتح يؤمن سراً بالإسلام ويشمتون في أنه لم يفز بشيء كأن يستمر حاكماً أو أي امتيازات أخري رغم أن ذلك يصب في براءته ورغم كل ذلك لم يعلن إسلامه وحافظ حتي مات علي مكانته بطريركاً ملكانياً من حقه الدفن في كنيسة (القديس الذي ترهبن في الثامنة وزرع شجرة الطاعة من عود جاف أمره معلمه برعايته فسقاه مرتين يوميا لمدة 3 سنوات رغم ابتعاد البئر حتي أثمر والذي لا يحب ألا يكون في راحة وغيره في عذاب بسببه وأسلم الروح وهو ساجد فهل نفهم من اختيار إشارات في حياته لم ترصد أو تُفهم ويهمني في ذلك أن كنيسة أبو يحنس الأصلية في المنيا موطن مارية لكني لم أجد ما يفسر شيئاً. والبعثة الأثرية الإيطالية في مصر وتتبع جامعة نابولي وتدرس الآثار الرومانية في قرية الشيخ عبادة بالمنيا (مدينة أنتنيو بولس) من عام 1936 لم ترد علي أسئلتي عنه رغم الاتصال علي مدي 3 سنوات.
لم أجد في تاريخه إلا الأسئلة.. فالثقافة العربية كانت شفهية ولم يبدأ تسجيل تاريخ فتح مصر إلا مع محمد بن الحكم 257ه، بعد 250 سنة من التناقل الشفهي بالزيادة والنقصان وعدم وجود دليل لحواراته باللغة اللاتينية مع رجاله وتفاصيله السرية. ولم يضف المؤرخون الأقباط كثيراً من الأسقفين يوحنا النيقوسي وساويرس بن المقفع (عاصرا الفتح) ثم سعيد بن البطريك (939م) وهو بطريرك ملكاني غير أنهم شمتوا في فشله بإقناع ابن العاص لعودة القبط اللاجئين للإسكندرية إلي قراهم وقد خشي أن يقاتلوا المسلمين وكذا في مرض موته الدوسنتاريا كعقاب لخيانته وسجلوا تاريخ موته (21 مارس 642م) ولم يعرفوا تاريخ ميلاده ولم يسجلوا حتي سن موته. بدأ من اسمه: هل هو صفة الحاكم كما فهمها المسلمون أو نسبته الي موطنه القوقاز - القوقازي - ونطقها القبط (أمِّقوْقس) ونطقها العرب مقوقس أم كيرس أو سيروس أم جريج بن مينا أو ابن قرقب اليوناني بل قيل المقوقس بن رعيل من الأسماء الخيالية للملوك والسحرة أيام الجاهلية لكن توقفت عند تفسيرين ذكرا علي استحياء (الحمامة المطوقة أو قطعة نقود برونزية مثقوبة ضئيلة القيمة).. والحمامة طوق عنقها بلون ريش مختلف وهي سيدة الحمام، لكنها عند المصريين زينة لا تؤكل مثل الحمام البلدي ولا تنتج روثة لتسميد الأرض فهي رونق بلا فائدة أما قطعة النقود فهي تحقير لجمعه الضرائب حتي أصغر عملة للتضييق عليهم وتحقيق أكبر حصيلة للإمبراطورية أو أنه ينتزع العملة الضئيلة ممن لا يملكونها وأن قيمته عندهم رغم هيلمانه لا تزيد علي قيمتها الحقيرة فسخرية المصريين من أخطر طرق المقاومة بالكناية وتكبير العيوب وتحقير العظيم منذ الفراعنة، وللأبد ضد الحكام والقضاة ورجال الدين وعندهم إله للمسخرة (بس) وفي العصر الروماني نفسه اشتكي القضاة من دفاع المحامين المصريين عن المتهمين بالتهكم علي الحكم والقضاة وكانت السخرية المصرية- ولا تزال- تسري سراً كالنسيم فيضحكون في أشد أوقات المحن بل ويقال إن اسمه صفة قبيحة أطلقها عليه المصريون ولا أستبعده منهم. ولولا مخاطبة النبي له بهذا الاسم واكتشاف أصل الرسالة لقلت إن المصريين جعلوه بالزمن حقيقة.
ثم نقله من أسقفية القوقاز الي بطريركية الإسكندرية والذي لم يكن علي هوي رجال الكنيسة المصريين (قبطاً وملكانيين) لأنه منذ مجمع خلقيدية 325 م (منذ 300 عام) منع نقل الأساقفة (لأخري أكبر جاهاً أو مالاً لأن الأسقفية شرف في حد ذاتها) والاستثناء بموافقة البابا والإمبراطور ولغرض سياسي. وكانت رغبة هرقل (610- 641م) الراحة من الخلافات العقائدية وإغراق العامة في تفاصيل فلسفية مكانها أروقة العلم بعد الاحتفال بنصره علي الفرس وإعادة خشبة الصليب للقدس بعد عشر سنوات (627م) أمضي 7 منها في إلاعداد لحرب استغرقت 3 سنوات ليعيد الشام والقدس وقيسارية وأنطاكية والتقي في القوقاز بالمقوقس وامتثل البطاركة لرغبته في نقله لنشر المذهب وتحطيم العناد الأكبر للمصريين. الغريب أنه لم يدع الأنبا بنيامين للاحتفالات أو أخذ رأيه رغم أن كرسي بطريركية الإسكندرية أسمي مركز وهي الأعظم لعلوم المسيحية.. هل لإصرار المصريين بألا تخضع كنيستهم لسلطة كنيسة العاصمة في القسطنطينية فإن كانت الكنائس تتحدد قيمتها بالموقع السياسي لمدنها فالإسكندرية من أهم ثلاث مدن مع أنطاكيا أم لأنه نصب أثناء الاحتلال الفارسي ولمدة 4 سنوات فأعتبروه خيانة؟ بعد 3 سنوات مات الأنبا يوحنا البطريرك الملكاني فتم النقل فأعلن القبط أنه ليس من اختصاص الإمبراطور عمل شرائع وخططوا لاغتيال المقوقس الذي نكل بهم. لكنه لم يسلم من ألاعيب المصريين التاريخية بإعطاء الشرعية بثقتهم في الحاكم فينفذون أوامره وإلا فالعصيان المدني السلبي (دون صدام) فكما يقول د. جاك تاجر في كتابه "أقباط ومسلمون".. كان الانشقاق الديني للمصريين وسيلة تمرد للتخلص من الرومان ليقنع الشعب نفسه أنه لم يخضع للاحتلال ما دام يقاوم شعائره وعقائده. فقبل المسيحية رفضوا تقديم القرابين لإله الرومان واستمر مع إله الفراعنة وتحملوا تعذيب الوثنيين من أجل المسيحية وعندما اعتنقها الرومان استقلوا بمذهبهم وكان البطريرك هو الشخص الوحيد الذي ينتخبه الشعب ويمكنه الوقوف في وجه الإمبراطور. ورفضوا تقديس الإمبراطور والخدمة في الجيش فالمسيحية تدعو للسلام حتي ظهر رأي بأن المسيحي يقاتل في (حرب مشروعة) وهو اللفظ المستخدم في الغرب حتي الآن لتبرير أي غزو. وبعد عصيان صمويل اضطر المقوقس للذهاب بنفسه لدير القلمون فوجده خالياً إلا من خازنه، فقد غادره الرهبان لأنه غير أهل لإقامة الصلاة. وفشل مذهبه في الوصول الي دير مطرة قرب الإسكندرية لأن رهبانه مصريون صمدوا حتي عاد بنيامين بعد 13 سنة فنزل عندهم للإقامة تكريماً. وهجرة المزارعين للقري فأفسدوا محصول القمح الأساسي للإمبراطورية. وهناك ابنته (أرمانوسة).. فهل من حق البطريرك الزواج والإنجاب؟ الغريب أنه الأصل، فالبطاركة الأوائل كانوا متزوجين ولهم أبناء من الأنبا أنيانيوس البابا الثاني وأول بابا مصري ثم البابا ديمتريس الكرام البابا 12 والبابا مينا الثاني البابا 62 وكانا متزوجين زواج بتول بدون معاشرة زوجية ولا يوجد في الإنجيل ما يمنع زواج الأساقفة فالزواج من أساسيات المسيحية وتعتبر الأسرة كنيسة صغيرة تقدس وتراعي (ثورة ضد التفسخ الأسري الوثني) بل ورواية شفرة دافنشي تقوم علي فرض أن المسيح تزوج مريم المجدلية لأنه لم يترك شاباً في زمانه أعزب حتي سن الثلاثين، وأن ذريته في باريس وقد حجبت صفاته الإنسانية لرغبة أباطرة الروم بجعله إلهاً بسلطة مطلقة للبابا نائبه علي الأرض فيأخذها منه الإمبراطور فلا يعارضه أحد كما أن بطرس الرسول كان متزوجاً وله ابنة وفي رسالة بولس أن شرط الأسقف أن تكون له زوجة واحدة فجاء مجمع القسطنطينية 381م ليفسر الزوجة الواحدة بأنها الكنيسة واتفقوا علي منع زواج الأساقفة واختارتهم الكنيسة القبطية من الرهبان، فإذا كانت الكنائس تسمح بزواج القساوسة والكهنة لتعاملهم مع العامة ومنهم النساء فكلها منعت زواج الرهبان وبدأت من البابا كيرلس الأول 412م وحتي الآن وتبعتها كل الكنائس حتي تمرد مارتن لوثر 1512م وأعاد السماح بزواج الأساقفة (البروتستانت الاعتراض). فقد ظهر المقوقس بعد 250 سنة من منع زواج الأساقفة فكيف تظهر ابنته أرمانوسة وهل من مؤهلاتها وهي عروس (14 17 سنة) أن تحكم موقعاً عسكرياً حدودياً مثل بلبيس وتقود القتال في الفرما والصالحية وبلبيس ووقوعها كأسيرة يحولها لجارية فكيف يضعها في هذه المحنة وكذا سفرها لتزف في مدينة قيسارية لقسطنطين الابن الأكبر لهرقل فهو متزوج من 10 سنوات من ابنة عمه وأنجب ولدين وليس من حقه الزواج ثانية أم أنها هدية سياسية كجارية لإمبراطور المستقبل. كما كان الروم ملوك البحر المتوسط وتطل عليه مدينتا الإسكندرية وقيسارية فلماذا لم تسافر بحراً ولم يكن المسلمون قد ركبوه أم كانت أمواجه عالية أو أنها تخشي ركوبه وكيف تسافر براً والمقوقس حاكم كبير في إمبراطورية عظمي لابد يعرف ما في منطقته كانتصار المسلمين علي الرومان في اليرموك 634م منذ 4 سنوات- والاستيلاء علي القدس من عامين وفتح القيسارية منذ عام وأن المنطقة من غزة الي القدس تحت سيطرة المسلمين وأن منطقة عموريس القريبة بها طاعون حصد 80 في المائة من السكان ولابد أنه يعرف بدخول المسلمين من رفح والعريش واستيلائهم علي الفرما (من 1 3 شهور) وأن طرق سيناء غير آمنة أم أنه يهرب من زواجها لقسطنطين فتقع في يد المسلمين باتفاقه معهم. وإذا صدقنا ذلك تصبح كل المعارك تمثيلية. والغريب أنها اختفت من التاريخ لتجدها تحلية تضفي لمسة إنسانية علي ابن العاص الذي أعادها لأهلها لتتوافق مع وجدان مصري مسيحي بأنه لم يتزوج إلا زوجته ريطة ولا يقتني الجواري وبإعادتها يفعل مكرمة للمقوقس لتحييده ويراها البعض شجعته علي تسليم مصر. ويطرح د. مكاريوس توفيق، أستاذ التاريخ القبطي ومطران الإسماعيلية فرضية جديدة باحتمال أن المقوقس قائد عسكري التقاه هرقل في القوقاز وأعجب به وكافأه بولاية الإسكندرية ومعها السلطة الدينية ليفرض المذهب الملكاني علي المصريين ولأنه مدني فممكن أن يكون متزوجاً وممكن ألا يكون كما أنني في قراءاتي لم أجد معلومات عن أرمانوس وفي رأيي أنها من خيال الأدب الشعبي. يقال إن حاكم الفيوم الذي هرب وتركها للمسلمين كان زوج أخت المقوقس (هل ورَّث المقوقس مصر).
ولم تتوقف الأسئلة حتي في استقراء الرسائل إليه ومنه وحواراته مع الصحابة وكذا هداياه. خاطب النبي في رسالتة للمقوقس (عظيم القبط بمعني كبير القدر ذو سلطة ونفوذ عليهم) فهو لم يكن قبطياً (أي مصرياً) ولا يدين بمذهبهم اليعقوبي (هو قوقازي- ملكاني) وهي من رسائل للنبي بالدعوة للدين الجديد والدخول في الدولة الإسلامية الناشئة وفتح اتصالات دبلوماسية وإذا سلمنا (أن الناس علي دين ملوكهم) لفهمنا هدف الرسالة وإذا سلمنا أن المقوقس يتبع هرقل سياسياً ويباشر السياسة الخارجية بإذنه وأن النبي أرسل لهرقل وما يقبله أو يرفضه يسري علي المقوقس لتتساءل (لماذا رسالة خاصة؟) فتجد الأمر تكرر مع أمراء اليمن والبحرين واليمامة والغساسنة وملكي عمان وكانوا يتبعون الحكم الفارسي رغم رسالته لكسري. وقد نجحت الرسائل في اليمن (أسلم حاكمها 628م) وكذا مع ملوك البحرينوعمان ويحتمل النجاح المقوقس لولا توقيتها في قمة نصر هرقل وهزيمة الفرس مما يشجع عمالها كما تعاون (بعد عامين) قادة ملكانيون يتبعون الروم مثل فروة بن عمرو الجزامي حاكم معان (الأردن) وأسلم وأهدي النبي مثل المقوقس ما عدا الجواري والأسقف يوحنا بن رؤبة (حاكم أيلة الذي صالح النبي علي الجزية) في رسالة النجاشي ملك الحبشة لاحظت أنه يعرف بالإسلام بهجرة المسلمين وتوكيله لتزويج النبي من أم حبيبة لكنه دينيا يتبع الكنيسة المرقسية المصرية منذ 330م وما يقبله القبط قد يسري عليه) استخدم النبي في رسالتي هرقل والمقوقس لفظ (رسول الله) كآخر الأنبياء بعد عيسي فلا رب إلا الله ثم ذكاء اختيار سورة آل عمران- والد مريم العذراء- وتجلّي القدرة الإِلهية بولادتها عيسي عليه السلام. - ولفت انتباهي أن حاطب لم يستشهد بسورة الروم (غُلبتِ الرومُ فِي أَدْنَي الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنْيِنْ) ونزلت (6 سنوات قبل الهجرة) وتنبأت بنصر الروم (منطقة البحر الميت بالأردن- أدني بقعة علي وجه الأرض)- وكان المشركون يجادلون المسلمين، بأن أهل كتاب، غلبهم المجوس عبدة النار فسنغلبكم فقال لهم أبو بكر الصديق: لا تفرحوا، فوالله لتَظْهَرَنَّ الروم علي فارس، كما أخبرَنا بذلك نبينا، فقالوا اجعل بيننا أجلاً إلي ثلاث سنين، فقال له النبي مدها إلي تسع (البضع: من 3 - 9) وانتصرت الرومُ بعد 7 سنوات (من الاتفاق) في يوم نصر غزوة بدر(10 رمضان 1ه - 626م) وذكاء حاطب.. لا ننهاك عن المسيحية وألا نعبد إلا الله ولا نشرك به أحداً. أما قوله هذا زمان يخرج فيه النبي، الذي نجد نعته وصفته في كتاب الله فماذا يقصد وقد اعتمد في 451م أربعة أناجيل رسمية للمسيحيين أي منذ 190 سنة فكيف نعرف الإنجيل المذكور في القرآن؟ كما سأل عن العبادات وحمرة عين النبي وخاتم النبوة وهو ما سبقه فيه حبر الراهب في الشام وورقة بن نوفل وكان أسقفاً مسيحياً، وسلمان الفارسي عرف من راهب مسيحي بمقدم النبي في أرض يثرب فجاء ينتظره. الملفت قوله (القبط لا تطاوعني) فهل قصد المؤرخون المسلمون بذاك المصريين كمسئول عنهم أم كل المسيحيين (قبطاً وملكانيين) فهو بعد 14 سنة سيفاوض ابن العاص عن القبط (المصريين) ويترك اتفاق الروم لهرقل، فلم يعرف العرب الفرق إلا بعد فترة كما ذكر في رسالته (وقد أكرمت رسولك) فهل خشي من توصيل حاطب غير ما لقي أم ماذا؟ الغريب أن ما قاله عن النبي لا يوافق الفكر الملكاني وكونه "أرثوذكسيا" يعتقد بأن المسيح "إله" وليس رسولاً ولا يعرفه باسم (عيسي بن مريم) وأمه مريم هي والدة الإله. وقد رد المقوقس إلي (محمد بن عبدالله) فهل أجلَّ اعترافه برسول الله تجنباً لمشاكل هرقل وإن قال إنه فهم مضمون الرسالة ثم أرسل هدايا ويفسرونها كإشارة تواصل. ثم ذكر الجاريتين (مارية وسيرين) وأن (لهما مكاناً في القبط عظيما) فهل هي رغبته في مصاهرة بين القبط والنبي لاتصال الأنساب (أنجب الرسول من مارية ولده ابراهيم) في زواج سياسي لكنا بذلك نعطيه مكرمة ضخمة للمصريين!! هل أبلغ هرقل بذلك ولماذا لم يعاقبه مثل حاكم معان الذي أرسل للنبي بإسلامه وهدايا مثل المقوقس (بعد عامين) فقد حرضت عليه ملك غسان فقتله- ألأنه أسلم؟ أم أنه مع المقوقس لم يكن هناك صراع مسلح؟ وقد بدأ بعد العامين فاعتبروه خائناً. حوارات الفتح.. أري في اختيار عبادة بن الصامت الأسود البشرة - بعيداً عن فضله- استفزازاً بألاعيب السياسة فالمقوقس من حضارة رومانية تري المجتمع أحراراً بيضاً وعبيداً سوداً وهم مجرد أداة ناطقة وذبحوهم قرباناً للإله وكانوا يتراهنون لمصارعتهم الحيوانات المفترسة. وألمح نبرة تآمر في تعقيباته مع رجاله وهم رومان فلن يكون بجانبه أي قبطي وتهدف لدفعهم للاستسلام (الله أخرج هؤلاء البدو الأجلاف لخراب الأرض) وكيف يتفاوض دون موافقة هرقل وهل يضمن منع تسريب الخبر إليه أم مهارته في الإقناع ومرض هرقل). هداياه وأهمها السيدتان مارية (أصله من مريم) ومعها شقيقتها سيرين (حورية البحر) (لهما شأن عظيم في القبط) لم نعرفه ولا كيف وصلتا من قرية عبادة بشرق نيل المنيا إلي الإسكندرية إلا باحتمال وجود قصرين له هناك أحدهما في قرية الشيخ عبادة -(مدينة أنتبولس) والآخر في ملوي (الأشمونين). علي الشاطئ الغربي أو عزفهما في الكنائس أو في مهرجان سنوي بالإسكندرية وبعيد عن الملمح الجنسي فالأهم هو الآلات الموسيقية معهما خاصة آلة الهارب وهي وترية علي شكل قوس استخدمت في عبادات كل الديانات من المعابد الفرعونية إلي آشور وبابل والهند والصين وفارس. فالموسيقي فن مقدس وتشكيل الفرقة ثنائي عازف مع مغنية والعكس (فهل كانتا كذلك) وقد نقلها المسيحيون من المعابد اليهودية التي أخذتها من المعابد الفرعونية فدخلت في تراتيل الكنائس وكان يسمح للنساء بالغناء حتي 578م ثم أصبحن يغنين في الأديرة الخاصة بهن. وكانت سيرين مغنية علي دراية بفنون الغناء والموسيقي المصرية ونظمت مدرسة في المدينة للغناء والموسيقي للجواري. فهل سافرتا لعزف موسيقي ديني تصوره المقوقس في الإسلام وهل كانتا تجيدان اللغة العربية.. وأين تعلمتاها وهل كان يتم إعداد فتيات لذلك في علاقات دولة عظمي (لم يفعلها إلا المقوقس) أم أثناء السفر للمدينة المنورة 45 يوماً من حاطب أم بالتعايش مع أهل المدينة وكيف والرسول قد عرض عليهما الإسلام فور الوصول وبلغته العربية وكان يحب الجلوس إلي مارية لسماع تاريخ مصر ولن يدفع بأختها لشاعره حسان بن ثابت لتغني أشعاره إلا إذا كانت تتقن العربية وقد شاركت في معركة حسان مع شعراء مكة ومهاجمتهم النبي بشعرهم ومغنيهم لتكمل النقص. عبد يسمي جبر بن عبدالقبطي ليري خاتم النبوة وأدي مهمته وعاد لمصر، ثم رجع للمدينة مسلماً. وخاتم النبوة كان بين كتفي الرسول في جهة كتفه الأيسر في صورة غدة بين الجلد واللحم في حجم بيضة الحمام إذا ضغط عليها تتحرك وتعصر وهي العلامة التي استدل بها بحيرة الراهب علي نبوة النبي في سن 12 سنة. والقباطي وهي نسيج مصري رقيق من الكتان كان نادراً إلا علي الأباطرة والملوك وبطاركة الرومان وله قيمة عالية تتناسب مع المهدي إليه واستخدم بعدها لملابس الخلفاء وفي كسوة الكعبة وهو شرف عظيم وتقول بعض المصادر أن المقوقس كسا بها الكعبة وهو أمر غير مؤكد. عسل بنها ومعروف منذ الفراعنة واعتبر شراباً للإله ويهدي للملوك والعظماء. وهو ناتج عمل جماعي دؤوب ودقيق فالنحل لا يتبرم في عمله ولا ينتظر عائداً وبعض التفسيرات تراه رسالة من المقوقس لرسول الله (ص) بالعمل معاً لمصلحة الإنسانية. ألف مثقال ذهب (ألف دينار ذهب روماني) وزن الواحد 5 جرامات (ألف جنيه ذهب أو خمسة آلاف جرام ذهب) وهو نفس الوزن العالمي حالياً، وقد تعامل النبي بهذه العملات وفرض بها زكاة الأموال واستمرت حتي سك الخليفة عبد الملك بن مروان (85ه) (الدينار الإسلامي الذهبي) الذي استمر لنهاية الخلافة العثمانية 1918 (1200 سنة) وفيها دعم للدعوة وحلفاء المستقبل. حمار وبغل وحصان وهي وسائل الركوب والنقل والقتال في زمانه لكنه لم يسأل حاطب إلا عن واحدة -أيركب الحمار؟- فأجابه نعم فكل الأنبياء ركبوا الحمير (لاحظت أن النبي امتلك حمارين أولهما المصري والثاني من معان بعد عامين فكيف أجاب نعم) و(هل طلب المقوقس من جبر متابعة استخدام النبي للحمار) وأول بغلة تهدي إليه وعاشت حتي 41ه وهي حيوانات عمل قوية سريعة وتستخدم في الحروب والأحمال الثقيلة وللطرق الجبلية. الفرس وهو أساس الفروسية والجاه ولم نعرف هل أصله عربي من تجارة مصرية عربية متصلة أم من سلالة أخري وقد ذكر الثلاثة في القرآن (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وزينة) النحل:8 أعواد المسك معروفة منذ الفراعنة ووصفت به تُربة الجنة ورائحة حوض النبي وكفه (ص) ورائحة دم الشهيد واستخدم في تطييب المعابد.. البخور.. مادة عطرية يفرزها شجر العود وعرف منذ الفراعنة للطقوس الدينية في المعابد ثم الكنائس. وارتبط لدي المسلمين بالكعبة والمساجد والأضرحة وأيام رمضان والحج والموالد وحلقات الذكر.
الشيء المؤكد الوحيد في تاريخنا أن دولته لم تقدم له إلا التفسخ وحكم الصبية وصراعات لا تؤدي به لأكثر مما فعل، فمنذ تولي المقوقس وهرقل منشغل بتفسُّخٍ أُسَرِيّ، وصراعٍات السلطة فلم يسعد بنصره إلا 7 سنوات انتهت بنصر المسلمين في معركة اليرموك وتسليم القدس للمسلمين والقيسارية وأنطاكيا فأصيب بإحباط ومرض في آخر 3 سنوات قد يكون مرض الاكتئاب وفيه يشعر المريض بالحزن واليأس وعدم الاستمتاع بالحياة واضطراب الشهية والوزن والنوم والشعور بالذنب وأنه المسئول عن كل ما يحدث من مصائب. وقد تزوج مرتين، أنجب من الأولي طفلين وبعد وفاتها تزوج من ابنة أخته (مارتنيا- 613م) وأنجب منها 9 أطفال، توفي اثنان والثالث مصاب بشلل في رقبته، والخامس أصم وأبكم، فاعتبر لعنة إلهية وكان هرقلوناس الطفل الرابع سليماً فنصب للحكم (رغم اعتراض بعض البطاركة ألا يتولي الحكم أولاد من زواج غير مباح). (في زواج المحارم يشترك الطرفان في نصف موروث الجينات فتتعرض الذرية للمخاطر الوراثية وتزداد نسبة انتقال الجين الضار للجنين 7 مرات عن غيره). ومات في سن 66 بعد 31 سنة حكم وورث العرش ابنه الأكبر قسطنطين الثالث (سن 29 سنة) الإمبراطور الثاني من عمر سنة حتي 27 سنة (له ولدان قنسطانز وثيودوسيوس) وقد مات بعد 100 يوم فقط مسموماً بعدما حكم مناصفة مع شقيقه هرقلوناس ( سن 15 سنة) وكانت زوجة والده الحاكم الفعلي للإمبراطورية لكنه أفرج عن المنفيين كوصية والده الذي جاءه المقوقس ليقنعه بالتسليم فرفض ونفاه. لم يقبل قادة الجيش انفراد قنسطانز بالحكم فنصب قنسطانز (سن 11 سنة) ابن قسطنطين ليشارك عمه في الحكم ويحصل المقوقس علي الموافقة من مارتنيا وهرقلوناس ووقع معاهدة الإسكندرية 8 نوفمبر 641م (هل نصها باللغة العربية فقط أم معها اللاتينية) واصطحب المقوقس أول جزية 10 ديسمبر 641م بمراكب النيل الي الفسطاط. المقوقس هو الحاكم الروماني لمصر (31 641 م) بسلطات دينية وحربية ومالية وتنظيمية وقضائية وقد وُصف بالبلاغة والخطابة وتأثيره علي الجماهير مثلما امتص غضب جماهير الإسكندرية عندما وصلهم العرب بعد معاهدة تسليم الإسكندرية لتحصيل الجزية فأقنعهم أنه لمصلحتهم وحقن دمائهم لكنه فشل في إقناع المصريين بالمذهب الجديد (المشيئة الواحدة للمسيح) ولم ينفع معهم قسوة الاضطهاد وهرب منه الأنبا بنيامين بطريرك القبط لمدة 10 سنوات وجاءه حاطب بن أبي بلتعة سفيرا لرسول الله وأرسل معه السيدة مارية للرسول (ص) وهو الذي عاصر الفتح الإسلامي.
في بحثي لم أجد له جنباً يرتاح عليه ولا ارتحت. في الإسكندرية لم أجد كنيسة أبو يحنس وقيل دفن فيها في منطقة الحبالين (صناعة الحبال) وقد تكون هدمت في حرائق وتدمير الكنائس لأكثر من مرة أو من زلزال عنيف. المؤرخون المسلمون ينظرونه بتعالي المنتصر وتصب أفضاله عندهم في توقعه ببشارة سيدنا محمد وأن ديانته ستسود مصر وإرساله هدايا له ثم تعقله في التسليم أمام بسالة جيش الفتح. القبط.. هو الأبغض في تاريخهم رغم اضطهادهم منذ دخلت المسيحية 62م بل وتعرضهم لفتن طائفية في الحكم الإسلامي. الروم الأرثوذكس أهل مذهبه ومعهم د. بتلر- في فتح العرب لمصر- يعاملونه كمتآمر بتسليم وسرقة ضرائب مصر- ووصفوه بالمسيخ الدجال ويتهمونه قبل الإسلام بإيمانه سراً باليعقوبية مذهب القبط رغم تعذيبه لهم وبعد الفتح يؤمن سراً بالإسلام ويشمتون في أنه لم يفز بشيء كأن يستمر حاكماً أو أي امتيازات أخري رغم أن ذلك يصب في براءته ورغم كل ذلك لم يعلن إسلامه وحافظ حتي مات علي مكانته بطريركاً ملكانياً من حقه الدفن في كنيسة (القديس الذي ترهبن في الثامنة وزرع شجرة الطاعة من عود جاف أمره معلمه برعايته فسقاه مرتين يوميا لمدة 3 سنوات رغم ابتعاد البئر حتي أثمر والذي لا يحب ألا يكون في راحة وغيره في عذاب بسببه وأسلم الروح وهو ساجد فهل نفهم من اختيار إشارات في حياته لم ترصد أو تُفهم ويهمني في ذلك أن كنيسة أبو يحنس الأصلية في المنيا موطن مارية لكني لم أجد ما يفسر شيئاً. والبعثة الأثرية الإيطالية في مصر وتتبع جامعة نابولي وتدرس الآثار الرومانية في قرية الشيخ عبادة بالمنيا (مدينة أنتنيو بولس) من عام 1936 لم ترد علي أسئلتي عنه رغم الاتصال علي مدي 3 سنوات.
لم أجد في تاريخه إلا الأسئلة.. فالثقافة العربية كانت شفهية ولم يبدأ تسجيل تاريخ فتح مصر إلا مع محمد بن الحكم 257ه، بعد 250 سنة من التناقل الشفهي بالزيادة والنقصان وعدم وجود دليل لحواراته باللغة اللاتينية مع رجاله وتفاصيله السرية. ولم يضف المؤرخون الأقباط كثيراً من الأسقفين يوحنا النيقوسي وساويرس بن المقفع (عاصرا الفتح) ثم سعيد بن البطريك (939م) وهو بطريرك ملكاني غير أنهم شمتوا في فشله بإقناع ابن العاص لعودة القبط اللاجئين للإسكندرية إلي قراهم وقد خشي أن يقاتلوا المسلمين وكذا في مرض موته الدوسنتاريا كعقاب لخيانته وسجلوا تاريخ موته (21 مارس 642م) ولم يعرفوا تاريخ ميلاده ولم يسجلوا حتي سن موته. بدأ من اسمه: هل هو صفة الحاكم كما فهمها المسلمون أو نسبته الي موطنه القوقاز - القوقازي - ونطقها القبط (أمِّقوْقس) ونطقها العرب مقوقس أم كيرس أو سيروس أم جريج بن مينا أو ابن قرقب اليوناني بل قيل المقوقس بن رعيل من الأسماء الخيالية للملوك والسحرة أيام الجاهلية لكن توقفت عند تفسيرين ذكرا علي استحياء (الحمامة المطوقة أو قطعة نقود برونزية مثقوبة ضئيلة القيمة).. والحمامة طوق عنقها بلون ريش مختلف وهي سيدة الحمام، لكنها عند المصريين زينة لا تؤكل مثل الحمام البلدي ولا تنتج روثة لتسميد الأرض فهي رونق بلا فائدة أما قطعة النقود فهي تحقير لجمعه الضرائب حتي أصغر عملة للتضييق عليهم وتحقيق أكبر حصيلة للإمبراطورية أو أنه ينتزع العملة الضئيلة ممن لا يملكونها وأن قيمته عندهم رغم هيلمانه لا تزيد علي قيمتها الحقيرة فسخرية المصريين من أخطر طرق المقاومة بالكناية وتكبير العيوب وتحقير العظيم منذ الفراعنة، وللأبد ضد الحكام والقضاة ورجال الدين وعندهم إله للمسخرة (بس) وفي العصر الروماني نفسه اشتكي القضاة من دفاع المحامين المصريين عن المتهمين بالتهكم علي الحكم والقضاة وكانت السخرية المصرية- ولا تزال- تسري سراً كالنسيم فيضحكون في أشد أوقات المحن بل ويقال إن اسمه صفة قبيحة أطلقها عليه المصريون ولا أستبعده منهم. ولولا مخاطبة النبي له بهذا الاسم واكتشاف أصل الرسالة لقلت إن المصريين جعلوه بالزمن حقيقة.
ثم نقله من أسقفية القوقاز الي بطريركية الإسكندرية والذي لم يكن علي هوي رجال الكنيسة المصريين (قبطاً وملكانيين) لأنه منذ مجمع خلقيدية 325 م (منذ 300 عام) منع نقل الأساقفة (لأخري أكبر جاهاً أو مالاً لأن الأسقفية شرف في حد ذاتها) والاستثناء بموافقة البابا والإمبراطور ولغرض سياسي. وكانت رغبة هرقل (610- 641م) الراحة من الخلافات العقائدية وإغراق العامة في تفاصيل فلسفية مكانها أروقة العلم بعد الاحتفال بنصره علي الفرس وإعادة خشبة الصليب للقدس بعد عشر سنوات (627م) أمضي 7 منها في إلاعداد لحرب استغرقت 3 سنوات ليعيد الشام والقدس وقيسارية وأنطاكية والتقي في القوقاز بالمقوقس وامتثل البطاركة لرغبته في نقله لنشر المذهب وتحطيم العناد الأكبر للمصريين. الغريب أنه لم يدع الأنبا بنيامين للاحتفالات أو أخذ رأيه رغم أن كرسي بطريركية الإسكندرية أسمي مركز وهي الأعظم لعلوم المسيحية.. هل لإصرار المصريين بألا تخضع كنيستهم لسلطة كنيسة العاصمة في القسطنطينية فإن كانت الكنائس تتحدد قيمتها بالموقع السياسي لمدنها فالإسكندرية من أهم ثلاث مدن مع أنطاكيا أم لأنه نصب أثناء الاحتلال الفارسي ولمدة 4 سنوات فأعتبروه خيانة؟ بعد 3 سنوات مات الأنبا يوحنا البطريرك الملكاني فتم النقل فأعلن القبط أنه ليس من اختصاص الإمبراطور عمل شرائع وخططوا لاغتيال المقوقس الذي نكل بهم. لكنه لم يسلم من ألاعيب المصريين التاريخية بإعطاء الشرعية بثقتهم في الحاكم فينفذون أوامره وإلا فالعصيان المدني السلبي (دون صدام) فكما يقول د. جاك تاجر في كتابه "أقباط ومسلمون".. كان الانشقاق الديني للمصريين وسيلة تمرد للتخلص من الرومان ليقنع الشعب نفسه أنه لم يخضع للاحتلال ما دام يقاوم شعائره وعقائده. فقبل المسيحية رفضوا تقديم القرابين لإله الرومان واستمر مع إله الفراعنة وتحملوا تعذيب الوثنيين من أجل المسيحية وعندما اعتنقها الرومان استقلوا بمذهبهم وكان البطريرك هو الشخص الوحيد الذي ينتخبه الشعب ويمكنه الوقوف في وجه الإمبراطور. ورفضوا تقديس الإمبراطور والخدمة في الجيش فالمسيحية تدعو للسلام حتي ظهر رأي بأن المسيحي يقاتل في (حرب مشروعة) وهو اللفظ المستخدم في الغرب حتي الآن لتبرير أي غزو. وبعد عصيان صمويل اضطر المقوقس للذهاب بنفسه لدير القلمون فوجده خالياً إلا من خازنه، فقد غادره الرهبان لأنه غير أهل لإقامة الصلاة. وفشل مذهبه في الوصول الي دير مطرة قرب الإسكندرية لأن رهبانه مصريون صمدوا حتي عاد بنيامين بعد 13 سنة فنزل عندهم للإقامة تكريماً. وهجرة المزارعين للقري فأفسدوا محصول القمح الأساسي للإمبراطورية. وهناك ابنته (أرمانوسة).. فهل من حق البطريرك الزواج والإنجاب؟ الغريب أنه الأصل، فالبطاركة الأوائل كانوا متزوجين ولهم أبناء من الأنبا أنيانيوس البابا الثاني وأول بابا مصري ثم البابا ديمتريس الكرام البابا 12 والبابا مينا الثاني البابا 62 وكانا متزوجين زواج بتول بدون معاشرة زوجية ولا يوجد في الإنجيل ما يمنع زواج الأساقفة فالزواج من أساسيات المسيحية وتعتبر الأسرة كنيسة صغيرة تقدس وتراعي (ثورة ضد التفسخ الأسري الوثني) بل ورواية شفرة دافنشي تقوم علي فرض أن المسيح تزوج مريم المجدلية لأنه لم يترك شاباً في زمانه أعزب حتي سن الثلاثين، وأن ذريته في باريس وقد حجبت صفاته الإنسانية لرغبة أباطرة الروم بجعله إلهاً بسلطة مطلقة للبابا نائبه علي الأرض فيأخذها منه الإمبراطور فلا يعارضه أحد كما أن بطرس الرسول كان متزوجاً وله ابنة وفي رسالة بولس أن شرط الأسقف أن تكون له زوجة واحدة فجاء مجمع القسطنطينية 381م ليفسر الزوجة الواحدة بأنها الكنيسة واتفقوا علي منع زواج الأساقفة واختارتهم الكنيسة القبطية من الرهبان، فإذا كانت الكنائس تسمح بزواج القساوسة والكهنة لتعاملهم مع العامة ومنهم النساء فكلها منعت زواج الرهبان وبدأت من البابا كيرلس الأول 412م وحتي الآن وتبعتها كل الكنائس حتي تمرد مارتن لوثر 1512م وأعاد السماح بزواج الأساقفة (البروتستانت الاعتراض). فقد ظهر المقوقس بعد 250 سنة من منع زواج الأساقفة فكيف تظهر ابنته أرمانوسة وهل من مؤهلاتها وهي عروس (14 17 سنة) أن تحكم موقعاً عسكرياً حدودياً مثل بلبيس وتقود القتال في الفرما والصالحية وبلبيس ووقوعها كأسيرة يحولها لجارية فكيف يضعها في هذه المحنة وكذا سفرها لتزف في مدينة قيسارية لقسطنطين الابن الأكبر لهرقل فهو متزوج من 10 سنوات من ابنة عمه وأنجب ولدين وليس من حقه الزواج ثانية أم أنها هدية سياسية كجارية لإمبراطور المستقبل. كما كان الروم ملوك البحر المتوسط وتطل عليه مدينتا الإسكندرية وقيسارية فلماذا لم تسافر بحراً ولم يكن المسلمون قد ركبوه أم كانت أمواجه عالية أو أنها تخشي ركوبه وكيف تسافر براً والمقوقس حاكم كبير في إمبراطورية عظمي لابد يعرف ما في منطقته كانتصار المسلمين علي الرومان في اليرموك 634م منذ 4 سنوات- والاستيلاء علي القدس من عامين وفتح القيسارية منذ عام وأن المنطقة من غزة الي القدس تحت سيطرة المسلمين وأن منطقة عموريس القريبة بها طاعون حصد 80 في المائة من السكان ولابد أنه يعرف بدخول المسلمين من رفح والعريش واستيلائهم علي الفرما (من 1 3 شهور) وأن طرق سيناء غير آمنة أم أنه يهرب من زواجها لقسطنطين فتقع في يد المسلمين باتفاقه معهم. وإذا صدقنا ذلك تصبح كل المعارك تمثيلية. والغريب أنها اختفت من التاريخ لتجدها تحلية تضفي لمسة إنسانية علي ابن العاص الذي أعادها لأهلها لتتوافق مع وجدان مصري مسيحي بأنه لم يتزوج إلا زوجته ريطة ولا يقتني الجواري وبإعادتها يفعل مكرمة للمقوقس لتحييده ويراها البعض شجعته علي تسليم مصر. ويطرح د. مكاريوس توفيق، أستاذ التاريخ القبطي ومطران الإسماعيلية فرضية جديدة باحتمال أن المقوقس قائد عسكري التقاه هرقل في القوقاز وأعجب به وكافأه بولاية الإسكندرية ومعها السلطة الدينية ليفرض المذهب الملكاني علي المصريين ولأنه مدني فممكن أن يكون متزوجاً وممكن ألا يكون كما أنني في قراءاتي لم أجد معلومات عن أرمانوس وفي رأيي أنها من خيال الأدب الشعبي. يقال إن حاكم الفيوم الذي هرب وتركها للمسلمين كان زوج أخت المقوقس (هل ورَّث المقوقس مصر).
ولم تتوقف الأسئلة حتي في استقراء الرسائل إليه ومنه وحواراته مع الصحابة وكذا هداياه. خاطب النبي في رسالتة للمقوقس (عظيم القبط بمعني كبير القدر ذو سلطة ونفوذ عليهم) فهو لم يكن قبطياً (أي مصرياً) ولا يدين بمذهبهم اليعقوبي (هو قوقازي- ملكاني) وهي من رسائل للنبي بالدعوة للدين الجديد والدخول في الدولة الإسلامية الناشئة وفتح اتصالات دبلوماسية وإذا سلمنا (أن الناس علي دين ملوكهم) لفهمنا هدف الرسالة وإذا سلمنا أن المقوقس يتبع هرقل سياسياً ويباشر السياسة الخارجية بإذنه وأن النبي أرسل لهرقل وما يقبله أو يرفضه يسري علي المقوقس لتتساءل (لماذا رسالة خاصة؟) فتجد الأمر تكرر مع أمراء اليمن والبحرين واليمامة والغساسنة وملكي عمان وكانوا يتبعون الحكم الفارسي رغم رسالته لكسري. وقد نجحت الرسائل في اليمن (أسلم حاكمها 628م) وكذا مع ملوك البحرينوعمان ويحتمل النجاح المقوقس لولا توقيتها في قمة نصر هرقل وهزيمة الفرس مما يشجع عمالها كما تعاون (بعد عامين) قادة ملكانيون يتبعون الروم مثل فروة بن عمرو الجزامي حاكم معان (الأردن) وأسلم وأهدي النبي مثل المقوقس ما عدا الجواري والأسقف يوحنا بن رؤبة (حاكم أيلة الذي صالح النبي علي الجزية) في رسالة النجاشي ملك الحبشة لاحظت أنه يعرف بالإسلام بهجرة المسلمين وتوكيله لتزويج النبي من أم حبيبة لكنه دينيا يتبع الكنيسة المرقسية المصرية منذ 330م وما يقبله القبط قد يسري عليه) استخدم النبي في رسالتي هرقل والمقوقس لفظ (رسول الله) كآخر الأنبياء بعد عيسي فلا رب إلا الله ثم ذكاء اختيار سورة آل عمران- والد مريم العذراء- وتجلّي القدرة الإِلهية بولادتها عيسي عليه السلام. - ولفت انتباهي أن حاطب لم يستشهد بسورة الروم (غُلبتِ الرومُ فِي أَدْنَي الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنْيِنْ) ونزلت (6 سنوات قبل الهجرة) وتنبأت بنصر الروم (منطقة البحر الميت بالأردن- أدني بقعة علي وجه الأرض)- وكان المشركون يجادلون المسلمين، بأن أهل كتاب، غلبهم المجوس عبدة النار فسنغلبكم فقال لهم أبو بكر الصديق: لا تفرحوا، فوالله لتَظْهَرَنَّ الروم علي فارس، كما أخبرَنا بذلك نبينا، فقالوا اجعل بيننا أجلاً إلي ثلاث سنين، فقال له النبي مدها إلي تسع (البضع: من 3 - 9) وانتصرت الرومُ بعد 7 سنوات (من الاتفاق) في يوم نصر غزوة بدر(10 رمضان 1ه - 626م) وذكاء حاطب.. لا ننهاك عن المسيحية وألا نعبد إلا الله ولا نشرك به أحداً. أما قوله هذا زمان يخرج فيه النبي، الذي نجد نعته وصفته في كتاب الله فماذا يقصد وقد اعتمد في 451م أربعة أناجيل رسمية للمسيحيين أي منذ 190 سنة فكيف نعرف الإنجيل المذكور في القرآن؟ كما سأل عن العبادات وحمرة عين النبي وخاتم النبوة وهو ما سبقه فيه حبر الراهب في الشام وورقة بن نوفل وكان أسقفاً مسيحياً، وسلمان الفارسي عرف من راهب مسيحي بمقدم النبي في أرض يثرب فجاء ينتظره. الملفت قوله (القبط لا تطاوعني) فهل قصد المؤرخون المسلمون بذاك المصريين كمسئول عنهم أم كل المسيحيين (قبطاً وملكانيين) فهو بعد 14 سنة سيفاوض ابن العاص عن القبط (المصريين) ويترك اتفاق الروم لهرقل، فلم يعرف العرب الفرق إلا بعد فترة كما ذكر في رسالته (وقد أكرمت رسولك) فهل خشي من توصيل حاطب غير ما لقي أم ماذا؟ الغريب أن ما قاله عن النبي لا يوافق الفكر الملكاني وكونه "أرثوذكسيا" يعتقد بأن المسيح "إله" وليس رسولاً ولا يعرفه باسم (عيسي بن مريم) وأمه مريم هي والدة الإله. وقد رد المقوقس إلي (محمد بن عبدالله) فهل أجلَّ اعترافه برسول الله تجنباً لمشاكل هرقل وإن قال إنه فهم مضمون الرسالة ثم أرسل هدايا ويفسرونها كإشارة تواصل. ثم ذكر الجاريتين (مارية وسيرين) وأن (لهما مكاناً في القبط عظيما) فهل هي رغبته في مصاهرة بين القبط والنبي لاتصال الأنساب (أنجب الرسول من مارية ولده ابراهيم) في زواج سياسي لكنا بذلك نعطيه مكرمة ضخمة للمصريين!! هل أبلغ هرقل بذلك ولماذا لم يعاقبه مثل حاكم معان الذي أرسل للنبي بإسلامه وهدايا مثل المقوقس (بعد عامين) فقد حرضت عليه ملك غسان فقتله- ألأنه أسلم؟ أم أنه مع المقوقس لم يكن هناك صراع مسلح؟ وقد بدأ بعد العامين فاعتبروه خائناً. حوارات الفتح.. أري في اختيار عبادة بن الصامت الأسود البشرة - بعيداً عن فضله- استفزازاً بألاعيب السياسة فالمقوقس من حضارة رومانية تري المجتمع أحراراً بيضاً وعبيداً سوداً وهم مجرد أداة ناطقة وذبحوهم قرباناً للإله وكانوا يتراهنون لمصارعتهم الحيوانات المفترسة. وألمح نبرة تآمر في تعقيباته مع رجاله وهم رومان فلن يكون بجانبه أي قبطي وتهدف لدفعهم للاستسلام (الله أخرج هؤلاء البدو الأجلاف لخراب الأرض) وكيف يتفاوض دون موافقة هرقل وهل يضمن منع تسريب الخبر إليه أم مهارته في الإقناع ومرض هرقل). هداياه وأهمها السيدتان مارية (أصله من مريم) ومعها شقيقتها سيرين (حورية البحر) (لهما شأن عظيم في القبط) لم نعرفه ولا كيف وصلتا من قرية عبادة بشرق نيل المنيا إلي الإسكندرية إلا باحتمال وجود قصرين له هناك أحدهما في قرية الشيخ عبادة -(مدينة أنتبولس) والآخر في ملوي (الأشمونين). علي الشاطئ الغربي أو عزفهما في الكنائس أو في مهرجان سنوي بالإسكندرية وبعيد عن الملمح الجنسي فالأهم هو الآلات الموسيقية معهما خاصة آلة الهارب وهي وترية علي شكل قوس استخدمت في عبادات كل الديانات من المعابد الفرعونية إلي آشور وبابل والهند والصين وفارس. فالموسيقي فن مقدس وتشكيل الفرقة ثنائي عازف مع مغنية والعكس (فهل كانتا كذلك) وقد نقلها المسيحيون من المعابد اليهودية التي أخذتها من المعابد الفرعونية فدخلت في تراتيل الكنائس وكان يسمح للنساء بالغناء حتي 578م ثم أصبحن يغنين في الأديرة الخاصة بهن. وكانت سيرين مغنية علي دراية بفنون الغناء والموسيقي المصرية ونظمت مدرسة في المدينة للغناء والموسيقي للجواري. فهل سافرتا لعزف موسيقي ديني تصوره المقوقس في الإسلام وهل كانتا تجيدان اللغة العربية.. وأين تعلمتاها وهل كان يتم إعداد فتيات لذلك في علاقات دولة عظمي (لم يفعلها إلا المقوقس) أم أثناء السفر للمدينة المنورة 45 يوماً من حاطب أم بالتعايش مع أهل المدينة وكيف والرسول قد عرض عليهما الإسلام فور الوصول وبلغته العربية وكان يحب الجلوس إلي مارية لسماع تاريخ مصر ولن يدفع بأختها لشاعره حسان بن ثابت لتغني أشعاره إلا إذا كانت تتقن العربية وقد شاركت في معركة حسان مع شعراء مكة ومهاجمتهم النبي بشعرهم ومغنيهم لتكمل النقص. عبد يسمي جبر بن عبدالقبطي ليري خاتم النبوة وأدي مهمته وعاد لمصر، ثم رجع للمدينة مسلماً. وخاتم النبوة كان بين كتفي الرسول في جهة كتفه الأيسر في صورة غدة بين الجلد واللحم في حجم بيضة الحمام إذا ضغط عليها تتحرك وتعصر وهي العلامة التي استدل بها بحيرة الراهب علي نبوة النبي في سن 12 سنة. والقباطي وهي نسيج مصري رقيق من الكتان كان نادراً إلا علي الأباطرة والملوك وبطاركة الرومان وله قيمة عالية تتناسب مع المهدي إليه واستخدم بعدها لملابس الخلفاء وفي كسوة الكعبة وهو شرف عظيم وتقول بعض المصادر أن المقوقس كسا بها الكعبة وهو أمر غير مؤكد. عسل بنها ومعروف منذ الفراعنة واعتبر شراباً للإله ويهدي للملوك والعظماء. وهو ناتج عمل جماعي دؤوب ودقيق فالنحل لا يتبرم في عمله ولا ينتظر عائداً وبعض التفسيرات تراه رسالة من المقوقس لرسول الله (ص) بالعمل معاً لمصلحة الإنسانية. ألف مثقال ذهب (ألف دينار ذهب روماني) وزن الواحد 5 جرامات (ألف جنيه ذهب أو خمسة آلاف جرام ذهب) وهو نفس الوزن العالمي حالياً، وقد تعامل النبي بهذه العملات وفرض بها زكاة الأموال واستمرت حتي سك الخليفة عبد الملك بن مروان (85ه) (الدينار الإسلامي الذهبي) الذي استمر لنهاية الخلافة العثمانية 1918 (1200 سنة) وفيها دعم للدعوة وحلفاء المستقبل. حمار وبغل وحصان وهي وسائل الركوب والنقل والقتال في زمانه لكنه لم يسأل حاطب إلا عن واحدة -أيركب الحمار؟- فأجابه نعم فكل الأنبياء ركبوا الحمير (لاحظت أن النبي امتلك حمارين أولهما المصري والثاني من معان بعد عامين فكيف أجاب نعم) و(هل طلب المقوقس من جبر متابعة استخدام النبي للحمار) وأول بغلة تهدي إليه وعاشت حتي 41ه وهي حيوانات عمل قوية سريعة وتستخدم في الحروب والأحمال الثقيلة وللطرق الجبلية. الفرس وهو أساس الفروسية والجاه ولم نعرف هل أصله عربي من تجارة مصرية عربية متصلة أم من سلالة أخري وقد ذكر الثلاثة في القرآن (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وزينة) النحل:8 أعواد المسك معروفة منذ الفراعنة ووصفت به تُربة الجنة ورائحة حوض النبي وكفه (ص) ورائحة دم الشهيد واستخدم في تطييب المعابد.. البخور.. مادة عطرية يفرزها شجر العود وعرف منذ الفراعنة للطقوس الدينية في المعابد ثم الكنائس. وارتبط لدي المسلمين بالكعبة والمساجد والأضرحة وأيام رمضان والحج والموالد وحلقات الذكر.
الشيء المؤكد الوحيد في تاريخنا أن دولته لم تقدم له إلا التفسخ وحكم الصبية وصراعات لا تؤدي به لأكثر مما فعل، فمنذ تولي المقوقس وهرقل منشغل بتفسُّخٍ أُسَرِيّ، وصراعٍات السلطة فلم يسعد بنصره إلا 7 سنوات انتهت بنصر المسلمين في معركة اليرموك وتسليم القدس للمسلمين والقيسارية وأنطاكيا فأصيب بإحباط ومرض في آخر 3 سنوات قد يكون مرض الاكتئاب وفيه يشعر المريض بالحزن واليأس وعدم الاستمتاع بالحياة واضطراب الشهية والوزن والنوم والشعور بالذنب وأنه المسئول عن كل ما يحدث من مصائب. وقد تزوج مرتين، أنجب من الأولي طفلين وبعد وفاتها تزوج من ابنة أخته (مارتنيا- 613م) وأنجب منها 9 أطفال، توفي اثنان والثالث مصاب بشلل في رقبته، والخامس أصم وأبكم، فاعتبر لعنة إلهية وكان هرقلوناس الطفل الرابع سليماً فنصب للحكم (رغم اعتراض بعض البطاركة ألا يتولي الحكم أولاد من زواج غير مباح). (في زواج المحارم يشترك الطرفان في نصف موروث الجينات فتتعرض الذرية للمخاطر الوراثية وتزداد نسبة انتقال الجين الضار للجنين 7 مرات عن غيره). ومات في سن 66 بعد 31 سنة حكم وورث العرش ابنه الأكبر قسطنطين الثالث (سن 29 سنة) الإمبراطور الثاني من عمر سنة حتي 27 سنة (له ولدان قنسطانز وثيودوسيوس) وقد مات بعد 100 يوم فقط مسموماً بعدما حكم مناصفة مع شقيقه هرقلوناس ( سن 15 سنة) وكانت زوجة والده الحاكم الفعلي للإمبراطورية لكنه أفرج عن المنفيين كوصية والده الذي جاءه المقوقس ليقنعه بالتسليم فرفض ونفاه. لم يقبل قادة الجيش انفراد قنسطانز بالحكم فنصب قنسطانز (سن 11 سنة) ابن قسطنطين ليشارك عمه في الحكم ويحصل المقوقس علي الموافقة من مارتنيا وهرقلوناس ووقع معاهدة الإسكندرية 8 نوفمبر 641م (هل نصها باللغة العربية فقط أم معها اللاتينية) واصطحب المقوقس أول جزية 10 ديسمبر 641م بمراكب النيل الي الفسطاط.