كانت الساعة الخامسة عصرا عندما وقفت أمام »آخر ساعة« نزل إليها المخرج العالمي الذي شغل العالم كله بأفكاره حتي إنه كاد يصبح بطلا قوميا ليس في أمريكا وحدها وإنما في دول العالم جميعا: إنه الفريد هيتشكوك القادم إلي مصر بدعوة من إخوان جعفر في ذلك الوقت وهم ملوك السينما في مصر أو الذين يملكون دور العرض السينمائي في وسط القاهرة. قال هيتشكوك وهو يرحب بي: هيا بنا إلي التراس الشهير في فنادق مصر تراس سميراميس. واتجهنا، ولحق بنا بقية الحاضرين، إخوان جعفر أولا ثم معظم المحررين الفنيين في صحافة مصر - في ذلك الوقت. وجلسنا وجلست علي استحياء بعيدا شيئا ما لأنني لا أنا صحفي ولا أنا بمنافس للكبار القادمين إلي المؤتمر الصحفي.. جلسنا ولم يتكلم أحد وانتظرنا ولم يرفع أحد يده ليسأل ولا سمعنا صوتا حينئد نظرت إلي المخرج الكبير ورفعت يدي وأنا أقول:؟ may I هل أستطيع قال : PLaasr وبدأت أسأله فعلا نعم دخلت إلي الدائرة الصحفية الصغيرة الموجودة هناك، وتكررت أسئلتي وتكررت إجابات الفريد هيتشكوك حتي اكتمل الحديث أو اقترب من اكتماله عندئذ طلب مني مندوب الإذاعة إذا كنت أستطيع إعادة الحوار الذي دار بيني وبين هيتشكوك علي أن أقوم أيضا بترجمته إلي العربية - وفعلت وأخذ هيتشكوك النوتة التي كتب عليها، ليرسم علي صفحة كاملة منها صورة وجهه التي اعتاد أن يضعها في صدر أفلامه.. وهي نفس الصورة التي نشرتها مجلة أهل الفن علي غلافها بعد أن أخذها مني جليل البنداري رحمة الله عليه.. كان ذلك بعد الخامس من شهر ديسمبر 1955 وعدت أدراجي إلي البيت، وإلي دراساتي في علم النفس باختصار عدت إلي ماكنت فيه، إلي أن تلقيت أولا خطابا موقعا من »وجيه أباظة« فيه خمسة جنيهات مكافأة علي ما قمت به وفصلي من المجلة - لم أكن محررا فيها ولا كنت اعتزمت أن أعمل بها. لا بأس واصلت دراساتي، حتي كان التليفون في بيتنا في شارع بين الجناين، مرة أخري في اليوم الخامس ولكن من شهر أبريل 1956 - وكان الذي يطلبني لا أعرف إن كان الزميل العزيز محمد العزبي أو حمدي قنديل، اللذين عملا سكارتارية للأستاذ محمد حسنين هيكل وجاء أبي يدق باب غرفتي ليقول لي .. التليفون يا طارق بيقولوا الأستاذ محمد حسنين هيكل عايز يتكلم معاك!!