الشيخ سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة يتوسط الفائزين بجوائز كتب الأطفال وتظهر إلى يمين الصورة داليا إبراهيم رئيس مجلس إدارة دار نهضة مصر ودكتورة عفاف طبالة أستاذ الإعلام بجامعة MSA والرسامة هنادى سليط مؤخرا اتيحت لي فرصة قضاء عشرة أيام في دولة الإمارات وعلي وجه الخصوص في إمارة الشارقة تلبية لدعوة كريمة لتغطية فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يعتبر الرابع علي مستوي معارض الكتاب في العالم من حيث الحفاظ علي حقوق الملكية الفكرية. هذه هي الزيارة الأولي لي للشارقة فمنذ وصولنا إلي مطار دبي والجميع يقابلك بترحاب والابتسامة لاتفارق الوجه فشعب الإمارات شعب مضياف من الطراز الأول. وفي اليوم التالي.. ذهبنا إلي مركز أكسبو الشارقة حيث يقام المعرض الذي افتتحه حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.. هذا الرجل المثقف الذي أحدث نقلة كبيرة في الشارقة من حيث الثقافة والآداب والفن وانعكس ذلك علي إمارته التي تزدهر بالمراكز والمحافل والمعارض الثقافية.. وتشارك في كل مايخدم هذه المجالات الحيوية في بناء الحضارة. تعتبر الشارقة الإمارة الوحيدة التي لها حدود مع جميع إمارات الدولة، وهي العاصمة الثقافية لدولة الإمارات ويتجلي ذلك بوضوح في شعار المعرض »في حب الكلمة المقروءة«. إن اهتمام الشارقة بالفن الإسلامي يبدو ملحوظا في حرصها علي أن تكون مظاهر العمارة الإسلامية ظاهرة في كل مناحي الحياة وكذلك المساجد المنتشرة في كل انحاء الإمارة ومليئة بالزخارف والموتيفات الإسلامية وحتي الدوائر والهيئات والمؤسسات الحكومية تقيم مبانيها بهندسة إسلامية رائعة تظهر جمال الحضارة الإسلامية. ويعتبر معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته ال الثانية والثلاثين إحدي الفعاليات الثقافية التي تقام علي مدار العام مثل »أيام الشارقة التراثية« والمسرحية و»معرض الشارقة لكتاب الطفل« و»مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية«. وقد تفاجأت بكم الحضور والفعاليات التي تقام في المعرض وحرص الحاضرين علي المشاركة في هذه الفعاليات وشراء الكتب والزيارات المدرسية في الصباح طوال أيام المعرض وقد استقبل المعرض نحو 009 ألف زائر شاركوا وتابعوا أكثر من 005 فاعلية متنوعة وهذا الرقم قد لا يكون كبيرا إذا قورن بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، أما إذا قارناه بتعداد السكان فنجد أن النسبة تفوق كثيرا من المعارض الكبري وهذا معناه أن 02٪ من سكان الإمارات قد زار المعرض. إذا طبقنا هذه النسبة في مصر فمعني ذلك أن يزور معرض القاهرة الدولي للكتاب حوالي 81 مليون زائر. وقد استمتعت بحضور كثير من الندوات التي يحاضر فيهما كتاب ومفكرون من جميع بلدان العالم فمثلا عرض الروائي البريطاني »جيفري آرتشر« تجربته مع الكتابة من خلال قراءة في كتاب »هابيل وقابيل« الذي تقدر مبيعات كتبه بملايين النسخ حول العالم. ولقاء آخر مع الكاتبة والصحفية »ماتياسويه« تحدثت فيه عن أخلاقيات الصحافة. وندوة أخري عن العلاقة بين صناعة الثقافة وصناعة المثقف. وقد تضمن برنامج الطفل فعاليات متنوعة علي مدار أيام المعرض بلغت حوالي 002 فعالية مختلفة تناسب جميع الفئات العمرية للأطفال وتعتبر هذه الأنشطة محطة زيارة أساسية لهم.. وبذلك يصبحون أحد أكثر المستمتعين بالمعرض. هذه الورش والبرامج تساهم بشكل كبير في تطوير قدراتهم الفكرية والمعرفية والسلوكية فمنهما ماهو مخصص للتعريف بثقافات الشعوب ومنها ما يسعي إلي تقريب العلوم إليهم ومنها ما هو ترفيهي كالتلوين والرسم والمسرح. وقد قال عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة عند سؤاله عن أهمية المعرض بالنسبة للإمارة أن سعادة الشارقة تكتمل وهي تحتضن ماسطرته أقلام الباحثين والمبدعين الذين وهبوا أنفسهم لمقاصد انسانية نبيلة وهي ترحب بضيوفها عشاق الكلمة والحرف وتستقبلهم بكل اعتزاز. وأضاف العويس أن الشارقة تؤكد دوماً تحملها لمسئولية الثقافة العربية فلقد أخذت علي عاتقها تلك الأمانة وتعهدت برعايتها. بحثت عن سر هذا النجاح الذي يحققه معرض الشارقة الدولي للكتاب كل عام فوجدت الإجابة في أشياء كثيرة رأيتها بعيني وأشياء ترجع لطبيعة الشخصية الإماراتية وأشياء أخري تأتي من القائمين علي الإعداد للمعرض وتنظيمه. يقول أحمد بن ركاض العامري مدير المعرض: نعيش كل عام تحديا جديدا لإخراج المعرض المقبل أفضل وأبهي من المعرض السابق عشنا هذا التحدي في الدورة السابقة (13) الذي كانت فيه مصر الشقيقة بثقافتها وتراثها وثقلها ضيف شرف المعرض لم نترك رمزا ثقافيا من رموز مصر إلا ودعوناه فخرجت الدورة استثنائية في كل شيء وكان النجاح حليفنا وكان أمامنا في دورة هذا العام (23) تحد أن نأتي بدورة تماثل النجاح السابق الذي كانت مصر السبب فيه ووقع الاختيار علي لبنان لتكون ضيف شرف المعرض. ويضيف العامري أن الرئيس الفعلي لمعرض الشارقة هو سمو الحاكم الذي يتابع أدق التفاصيل ويذلل لنا بنفسه أية عقبات حتي إنه كان يتابع بنفسه التجهيزات والاستعدادات في أرض المعرض وقد شاهدت وشاهد كل رواد المعرض حاكم الشارقة يجلس بين جمهور المعرض متابعا ومشاركا ومعلقا في ندوات المعرض الثقافية. وقد يتصور البعض كما تصورت أن معرضا كمعرض الشارقة لابد أن ينجح بسبب التدفقات المالية التي توفرها الإمارة لإنجاحه بالضرورة ولكن الرد البديهي علي ذلك يكون بسؤال.. ولماذا لا تنجح معارض الكتاب بنفس النجاح في بقية دول الخليج. يؤكد العامري: أن للمعرض ميزانية محددة تخضع للمعايير الاقتصادية ولانتجاوزها، وواجهنا هذا العام إشكالية زيادة الاعتمادات المخصصة للإعلام وكان الرد »إن الميزانية لاتسمح« ورغم ذلك حقق المعرض أرباحا مع الأخذ في الاعتبار أن الخدمات الثقافية لاتقيم بمعايير الربح والخسارة. والشارقة تعد نفسها للاحتفال علي مدار العام القادم 4102 باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية، اجتماعات مكثفة تشارك فيها كل أجهزة الدولة. هذا النجاح لايأتي من فراغ ولكن تقف وراءه منظومة أحد أبرز مفرداتها مؤسسة الشارقة للإعلام ومركز الشارقة الإعلامي برئاسة سلطان بن أحمد القاسمي حيث يتولي هذا المركز الترويج الإعلامي لأغلب أنشطة وفعاليات الإمارة علي مدار العام. انتهزت إدارة المعرض ومركز الشارقة الإعلامي الفرصة وقامت بتنظيم رحلات للصحفيين والإعلاميين المدعوين للاطلاع علي مظاهر الثقافة والسياحة في الشارقة مثل زيارة المتحف الإسلامي ومربي الشارقة للأحياء المائية الذي يفوق نظيره بطوكيو وكذلك »رحلة إلي البر« للتعريف بعاداتهم التراثية التي يحرصون عليها أشد الحرص رغم ماوصلوا إليه من تقدم عمراني رهيب وأصبح لديهم في الإمارة الجارة »دبي« أطول برج في العالم. وقد حظي جناح مركز الشارقة الإعلامي في المعرض بإقبال كبير من الزوار الذين جاءوا للاطلاع علي مايقدمه المركز كونه الداعم الإعلامي للنشاطات والفاعليات بالإضافة إلي التعرف علي برنامج الدعم الحكومي الذي تقدمه وحدة الاتصال الحكومي التابعة للمركز وجائزة الشارقة للاتصال الحكومي والمنتدي الدولي للاتصال ويرجع النجاح أيضا إلي مديره الدينامو النشط »أسامة سمره« نظم المعرض بشكل يومي عروضا شهية في تعلم مهارات وأسرار إعداد الطعام من خلال »ركن المطبخ« يقدمها طهاة عرب وعالميون معظمهم لهم إصدارات وكتب في هذا المجال. وقد استقطب هذا النشاط عددا كبيرا من السيدات.. وقد صرح »عبدالعزيز بن حمد تريم« مدير عام »اتصالات« والراعي الرسمي للمعرض بأن الشارقة آلت علي نفسها أن تكون منارة للإشعاع الثقافي ومن هذا المنطلق فإن »اتصالات« تبنت جائزة لكتاب الطفل لمعرفتها بأهمية غرس حب القراءة في نفوس النشء، وقدم الشكر للشيخة بدور بنت سلطان القاسمي الرئيس الفخري للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين لدعمها للجائزة ولسعيهما للارتقاء بصناعة النشر في الدولة بدءا من إنشائها مجموعة »كلمات« للنشر واستمرارها باطلاق المبادرات العامة مثل (حروف للنشر التعليمي) وإشرافها علي مشروع »ثقافة بلا حدود« متبعة في ذلك نهج والدها الشيخ القاسمي. ولم تكن مصر غائبة عن المعرض سواء من حيث حجم المشاركة حيث حرصت كبريات دور النشر المصرية علي الاشتراك في هذا المعرض المهم الذي يعد من أعلي المعارض العربية في حجم المبيعات والعقود والاتفاقيات أو من حيث حجم الجوائز التي جنتها مصر حيث فاز فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق بجائزة العام الثقافية عن جملة مسيرته كما فازت الدكتورة عفاف طبالة بجائزة أفضل كتاب للطفل »عود السنابل« الصادر عن دار نهضة مصر وفازت هنادي سليط بجائزة أفضل رسوم عن نفس الكتاب.