رغم أن كل الشواهد تؤكد سعي الكثيرين للتغطية علي عيوبهم خصوصا الاجتماعية إلا أننا لا نستطيع أيضا إغفال ما يحدث داخل بيوتنا التي فقدت دفء التجمعات العائلية واللمة الحلوة للأبناء ومناقشة الأمور والمشاكل الأسرية وبات أفراد الأسرة الواحدة لا يجمعهم سوي لقاءات بالصدفة.. فهناك شباب يعودون من الخارج ويتجهون إلي غرفهم معتكفين مع أنفسهم، وقد يكتفون بمحادثة أصدقائهم عبر برامج التواصل الاجتماعي المختلفة.. وعلي الجانب الآخر تتحول بيوتنا إلي شبه فنادق ويمكن أن نطلق عليها ظاهرة الأسرة الفندقية في نسيج مجتمعنا في ظل انقطاع أساليب الحوار بين الآباء والأبناء.. ولأنه أصبح لا يوجد أسرة بعيدة عن ظاهرة الأسرة الفندقية بدرجات متفاوتة.. وبات رواد المنزل يتعاملون علي أنه مجرد مكان للنوم وتناول الطعام الذي غالبا ما يكون وجبات سريعة يتم طلبها من الخارج.. كل الشواهد تؤكد أن تفشي هذه الظاهرة يعني أصبحت كل كفتي ميزان التربية، فالمنزل ليس جدرانا تأوي فقط من فيه وتوفر لهم الطعام ومكانا للنوم ولكنه هو النافذة التي يجب أن يطل منها الأبناء علي العالم الخارجي، لذا نؤكد أن السبب في تفشي تلك الظاهرة في بيوتنا هن أمهات اليوم اللاتي يتمسكن بالتربية العصرية القائمة والاكتفاء بتوجيه بعض النصائح والإرشادات عبر الواتس آب ومكالمات الهاتف وانشغالهن في بعض متطلبات الحياة من التسوق ومتابعة الموضة ومقابلة صديقاتهن أو حتي ظروف عملهن التي تتطلب قضاءهن معظم ساعات اليوم بعيدا عن أبنائهن ويذكر أن نفس الظروف يمر بغالبيتها الآباء.. الأمر الذي يسبب وجود فجوة بالتواصل الإيجابي مع الأبناء وفي وقت يجب أن يكون الأبوان هما المرشدان لأبنائهم في كافة الأمور الحياتية.. ولذا بات واضحا أن من أهم الوسائل لعودة اللقاءات والنقاشات الأسرية وعودة الأجواء العائلية التي يصحبها مودة وألفة هو حرص أصحاب القرار وهما الأبوان أو الأجداد وكبار السن الذين لهم تأثير في الأسرة كي يكونوا قدوة في التحفيز والترغيب بلم شمل الأسرة والاجتماع بشكل دوري.. بالإضافة إلي الاجتماع بشكل يومي داخل الأسرة الصغيرة في الأوقات المناسبة والمتاحة للجميع بجانب توجيه الأبناء بضرورة مناقشة والديهم وجها لوجه والجلوس معهم، والأخذ برأيهم.. الأمر الذي يجعل النقاش والحديث شيقا ويجذب الجميع للتشاور والتسامر..