الحديث عن نصر 6 أكتوبر المجيد لا ينتهي، فكل حمامة سلام تطير علي أرض مصر تحدثنا عن السلام الذي أتبع النصر، وكل حجر يوضع في سيناء الحبيبة، وكل سنبلة تنبت في سيناء، وكل سائح يسير علي رمال سيناء مترجلاً أو راكبا جملاً أو متمتعا برحلة سفاري، وكل رحلة غطس في رأس محمد.. كل ذلك هو من ثمار النصر. بطولات النصر كثيرة، تملأ بحراً، فهي بعدد حبات الرمل في سيناء. أسرار معركة النصر أيضاً كثيرة، فما حدث في أكتوبر 73 هو معجزة بكل المقاييس، فنصرنا كان بأيدينا وأيدنا فيه الله سبحانه وتعالي.. الشهيد الراحل أنور السادات كان محقاً وذا نظرة ثاقبة عندما أصدر قراره بإبعاد الخبراء الروس الذين كانوا موجودين في مصر قبل الحرب، لأنه مؤمن بأن مصر منصورة بإذن الله، وأنه بعد النصر سيقول العالم إن النصر جاء بتخطيط وتعاون روسي، فأبي أن يقال ذلك. التخطيط لم يترك شيئاً للصدفة.. والنصر كان حليفنا منذ انطلاق أول طائرة، وأول دانة مدفع، وأول صيحة "الله أكبر".. عبرنا القناة، واقتحمنا خط بارليف وكنا علي أرض سيناء بالضفة الشرقية في 6 ساعات. العدو أعجزته المفاجأة والنصر عن التفكير، القادة الإسرائيليون تبت أيديهم، وراحوا يصرخون إلي ولي أمرهم أمريكا، التي لو لم تتدخل، لكان نصرنا مضاعفاً، فبعد أيام معدودات كان جنودنا البواسل يواجهون أسلحة ودبابات أمريكية نزلت إسرائيل عبر جسر جوي لإنقاذ الجيش الإسرائيلي من الفناء. من حق كل مصري أن يفخر بمصريته، وبجيشه، الذي لن توفيه الكلمات حقه، لأن خير أجناد الأرض لا ينتظرون من أحد جزاء، ولا شكوراً، فهم يموتون من أجل الوطن سعياً للشهادة في سبيل الله. • • • العبور لم يبدأ في الساعة الثانية ظهر يوم 6 أكتوبر 73، بل بدأ بعد النكسة في 67 مع إصدار الرئيس عبدالناصر قراره بأول عملية في حرب الاستنزاف، ومع إعادة تدريب القوات، وترتيب الصفوف، وتحديث الأسلحة. ولم ينته العبور بوقف إطلاق النار، وبدء المفاوضات وتوقيع الرئيس الشهيد أنور السادات، معاهدة السلام التاريخية مع قادة إسرائيل الذين أجبرهم نصر 73 علي توقيعها، ولولا شعورهم بالهزيمة ما اضطروا إلي توقيعها، وما أعادوا، لنا سيناء كاملة، فالإسرائيليون لا يعيدون شيئاً سلبوه من أصحابه إلا بالقوة. عبورنا مازال وسيظل مستمراً، فمنذ أن تولي الرئيس السيسي المسئولية وهو مُصر علي استكمال هذا العبور فلم يكتف بأن يكون عندنا قناة واحدة، بل أصبح لدينا قناة أخري جديدة، وعدة كباري تعبرها، وخمسة أنفاق تربط سيناء بالوادي، ومدن جديدة، وأراضٍ زراعية حولت صفرة الرمال إلي خضرة.. وانتصار في حرب ضروس علي الإرهابيين الذين زرعهم الإخوان في سيناء الطاهرة، ولأن الإخوان ليسوا كالمصريين فهم لا يعلمون أننا سنقتلع الإرهاب وسندافع عن بلدنا بأرواحنا. عبور المصريين أصبح منهجاً، وتجاوز عبور الأماكن، وأصبحنا نعبر الزمن، بمشروعات عملاقة تأتي ثمارها للأجيال القادمة حتي عام 2050. فكما قاد السادات الجيش وعبر بهم القناة وخط بارليف، فإن الرئيس السيسي يقود الشعب المصري ليعبر به إلي المستقبل. حما الله مصر وشعبها وجيشها ورئيسها. آخر كلمة قال رسول الله صلي الله وعليه وسلم: »إذا فتح الله عليكم مصر بعدي، فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً، فذلك الجند خير أجناد الأرض» قال أبوبكر: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: »إنهم في رباط إلي يوم القيامة». صدق رسول الله صلي الله وعليه وسلم