45 عاماً علي نصر أكتوبر المجيد، ومازال المصريون يشعرون بحلاوة طعم النصر الممزوج بنكهة الحرية. النصر لم يكن مجرد عبور للقناة، ولا استرداد أرض سيناء فقط، بل كان استرداداً للكرامة، والعزة، وللحلم بالمستقبل. ولتصبح مصر كاملة علي خريطة العالم بعد أن كانت مسلوبة "سيناء". جيش مصر العظيم، خير أجناد الأرض هو الذي تحمل العبء، هو الذي حمل المسؤولية، هو الذي عبر القناة، وهدم خط بارليف المنيع، وقهر الجيش الذي ادعي أنه لا يقهر. كل التفاصيل كانت مدروسة بعناية ودقة فائقة، المد والجزر لمياه القناة، أشعة الشمس وانكسارها في توقيت العبور، مواسير النابالم المدفونة تحت المياه المنتظرة لأي عابر حتي تتفجر، ارتفاع الساتر الترابي، حجم العتاد والقوات الإسرائيلية، الحالة المعنوية والنفسية للشعب الإسرائيلي في توقيت العبور.. زمن فتح المعابر في الساتر الترابي، وتركيب الكباري العائمة، حجم المقاومة التي سيواجهها الجنود المصريون، النقاط الحصينة المتمركزة في سيناء.. رد فعل القادة العسكريين في إسرائيل، رد فعل أمريكا التي كانت تقف وراء إسرائيل. القوات المسلحة بكل الأفرع وأجهزتها هي التي أعدت الخطة ونفذتها وحققت النجاح.. والقائد العظيم الشهيد أنور السادات اتخذ قرار الحرب بناء علي ما تم إعداده في الجيش، وتأهيل القوات والمعدات، وحرب الاستنزاف التي بدأت بعد النكسة، وكان يعرف أنه يعتمد علي خير أجناد الأرض البواسل الذين لا تكسرهم نكسة، ولا يقهرهم معتدٍ. النصر أبهر العالم، وخطته مازالت تُدرّس كنموذج يحتذي به في كل الكليات العسكرية في كل الدول. مع مرور كل عام تزداد قامات المصريين شموخاً، فكما صنع المصريون النصر، صنعوا السلام، الذي كان مكملاً لهذا النصر، وبداية للعبور إلي مستقبل التنمية والرفاهية والعمران. • • • لولا قوة مصر، ما هزمنا إسرائيل، ولولا نصر مصر ما رضخت إسرائيل للسلام. وصنعت مصر نموذجاً ناجحاً للسلام.. ولولا العناد الفلسطيني- وقتها- ما وصل الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلي هذه الحالة المتردية الآن. تفاصيل النصر والسلام كثيرة، ومشرفة، ومؤرخة كأحداث منفصلة.. وروي بعضها شهود العيان من قادة عسكريين وساسة، في مصر والخارج.. ولكن حتي الآن وبعد مرور 45 سنة علي النصر المجيد، لم أر عملاً فنياً درامياً يرقي إلي مستوي هذا الإنجاز التاريخي العظيم. وأتمني أن يتم تشكيل لجنة من مجموعة كُتّاب وأدباء وهم كُثر مع عدد من رجال المخابرات ورجال القوات المسلحة، وعمل "ورشة كتابة" لكتابة عمل درامي ضخم لتوثيق هذا النصر. ليس فقط ليكون ضمن وثائق التاريخ، ولكن ليعرف شباب مصر العظيم، الذين تعدت نسبتهم 45٪ من إجمالي عدد سكان مصر ال100 مليون. كيف ضحي آباؤهم وأجدادهم لكي يعيشوا هم في هذا السلام والأمان، وكيف دفعوا حياتهم ثمناً كي يحيا حلمهم في أبنائهم ولكي تكون مصر ليست فقط أم الدنيا بل "قد الدنيا". كم من كُتّاب نادوا بما أنادي وناديت به من قبل حتي يخرج هذا العمل الفني إلي النور. أتمني أن تتحقق هذه الأمنية ونحن نحتفل بالعيد ال45 لنصر أكتوبر في عهد الرئيس السيسي. وأقترح أن يرسل كل واحد منا رسالة تحية إلي أبطال وأسر شهداء 73 في العيد ال45 للنصر.. حتي يشعر كل بطل وابن كل شهيد أو زوجة شهيد أننا لن ننسي أبطالنا، وأننا سنظل ندين لهم بالفضل. كل عام والمصريون بخير وأمان وعزة. حمي الله مصر وشعبها وجيشها ورئيسها. آخر كلمة تحية إلي روح الشهيد أنور السادات صاحب قرار الحرب والسلام