أن تحب إنساناً أمر ممكن ومن الطبيعي حدوثه.. فلكل إنسان دوافعه وأسبابه للاندفاع نحو حب أو عشق الآخر. وسواء كانت هذه الدوافع حسية أو معنوية.. فلا يوجد خط مستقيم أو معني محدد لتفسير حالة الحب. لكن أن يقترن هذا الحب بالاحترام.. فهو الشيء الأسمي والأعلي.. وفي تقديري أن حالة الاحترام إذا سبقت الحب، فسوف يكون حباً عقلانياً متزناً.. وهو ما يفسره البعض بحالات الاعجاب التي تسبق حالات الحب.. فمن الممكن أن تبهرك شخصية فلان وعقليته.. وعندما تحب ما لديه من خلائق وخصال إنسانية.. فإنك تقع في حبه، الذي لا تفرط فيه مهما حدث.. فهذا الإنسان استحوذ علي عقلك وقلبك. هذه الحالة لا يصل إليها سوي الناضجين فقط.. وعندما تحدث لهم تجدهم في الغالب قد وصلوا لمنتصف أعمارهم وربما بعد ذلك بقليل.. ويصبح صاحب هذه الحالة زاهداً في التملك الحسي للمحبوب.. فهو يكتفي برؤيته ومحاورته ويسعد بلقاءات فكرية محفوفة بمشاعر رقيقة متزنة.. ويكتفي بهذا الأمر.. ولكنه يردد دائماً داخل نفسه لماذا لم أقابل هذا الشخص من زمان؟! أنت لم تقابله لأنه في بداية عمرك لم تكن تلتفت لهذه الأمور.. وكان كل تفكيرك منصباً علي النواحي الحسية فقط.. فأنت في مرحلة عمرية لا تعطي فيها لعقلك وقتاً للتفكير.. ولكن بعدما قطعت شوطاً في حياتك، وهدأت مشاعرك وجربت إشباعها بالطرق العادية حتي مللت تجد أنك كإنسان محترم تحتاج لشخص محترم يكمل معك المشوار.. أنت الآن صاحب عقل يحب وقلب يفكر.. وإذا كان الحصول علي هذا الحب مستحيلاً فلا تتعذب.. فالكثير والكثير جداً منا يعيش ويموت ولا يجد ضالته المنشودة في الحب. لكن يكفي أن تكون صاحب مشاعر مرهفة رقيقة تسعد بلحظات تقابل فيها صديقاً.. تأتنس بالحديث معه والفضفضة له.. وكأنك تجلس إلي طبيب نفسي دواؤك عنده في تجاذب أطراف الحديث.. فكل طرف في هذه المرحلة العمرية استطاع أن يتعلم من تجارب حياته، ولم يعد لديه وقت يضيعه، أو حتي صحة تمرض من لوعة الفراق أو أموال تنفق بلا طائل.. وتجد كل طرف يعطي الآخر ما يحتاجه من أفكار ومشاعر راقية. لا تنس أنك تتحدث عن الاحترام، وإلا تحول الأمر إلي نزوة وانزلقت قدمك يا مسكين لتتحول من الاحترام إلي الاحتقار! أنا لا أدعو للخيانات الشفوية أو للعلاقات غير المشروعة عن طريق الحديث.. ولكني أوصّف حالة الكثير منا يبحث عنها طوال الوقت، بعدما يصل لمنتصف العمر. أما البعض الآخر فإنه يبحث عن الحب الحسي.. وهو ما يطلق عليه أزمة منتصف العمر.. وهذا الأمر موجود عند الرجل والمرأة أيضاً، بعدما يتخطي الإنسان عمر الشباب تجده فجأة يتذكر أنه لم يقابل الحب.. ويري في شريكه أنه لم يعد يعطيه ما يحتاجه من مشاعر فيبحث عن مشاعر وأحاسيس بعيدة عنه.. البعض يقول إنه بسبب الملل من الزواج وروتينه.. والبعض الآخر يفسره بأن الرجل بعد رحلة شقاء في تربية الأولاد يشعر أن عمره اتسرق ويبدأ في البحث عمن يعوضه عن الحب الذي يفتقده في هذه المرحلة!! وطبعاً يبحث عنه في فتاة أصغر منه.. ظنا منه أنها ستشعره بأنه شاب ويبدأ في التحول إلي شخص مثير للسخرية.. فتضحك علي منظره فلو كان لديه شعر فإنه يصبغه ليبدو أصغر.. وإذا كان بدون شعر يقوم بزراعته.. ويذهب للجيم أو لدكاترة التجميل لتقليل وزنه ويحرص علي شراء ملابس شبابية.. هذا بالنسبة للمظهر.. أما عن تصرفاته فهو مسكين يوزع الإعجاب والابتسامات علي السيدات والفتيات صغيرات السن، لعله يجد من تبادله الإعجاب، ويتحول الإعجاب إلي حب.. طبعاً من تبادل هذا الشخص الإعجاب أو الحب فهو في الغالب من باب السخرية به والضحك عليه وسلب أمواله. علي فكرة من يصل لهذه الدرجة فعلاً لديه أموال »تحويشة العمر» فهو فريسة سهلة للكثير من السيدات »رزق الهبل علي المجانين». وبالنسبة للسيدات تجد نفس الأمر.. ولكن المرأة هنا تبدأ في مرحلة مبكرة عن الرجل في سن الأربعين لانخفاض هرمون الأنوثة لديها.. خاصة إذا كانت تعاني من إهمال زوجها لها أو انشغاله عنها بالعمل.. ولا يكون متفهما لطبيعة المرأة في هذه المرحلة.. ويعطيها »في جنبها كلام زي السم عن زيادة وزنها.. عيب احترمي سنك.. ولادك كبروا».. وممكن أن تصاب المرأة بأزمة منتصف العمر.. وتوصف بأنها لما تكبر بتتجنن.. وتبحث عن الحب خارج منزلها.. أما إذا كانت غير متزوجة فإن هذا الأمر يكون في صورة هوس خاصة إذا كانت لديها من الأموال ما تنفقه علي الشباب الصغير.. وتقول لنفسها أنا أشتري الحب بالمال.. طبعا الحب بهذه الطريقة لفظ مهذب جداً.. فهو فاقد للاحترام الذي تحدثنا عنه في البداية. الرجال والنساء واحد في هذا الأمر.. لكننا نتسامح مع الرجال ولا نغفر للمرأة.. الإنسان هو الإنسان والاحتياجات واحدة.. خاصة أننا أصبحنا في مجتمع لا يخلو من الحديث بصراحة عن مثل هذه الأمور. يجب علي كل طرف أن يهتم بالآخر.. فالاحتواء بين الطرفين هو قمة العلاقة.. وإلا انفرط عقدها. إذا حباك الله بالعقل فستحصل علي الحب المحترم.. وإذا كنت تفضل الحب الحسي فستكون حياتك شقاء في شقاء.. ونهايتك علي يد قرص من الفياجرا.