في الأغلب كنا نتحرك معا.. نذهب إلي المسرح معا.. ونشارك في الندوات معا.. ونسافر لمشاهدة العروض المسرحية في محافظات مصرالمختلفة، أو في المهرجانات المسرحية العربية أيضا معا.. الأصدقاء الطيبون أطلقوا علينا »الثلاثي المرح» والأصدقاء الأشرارأسمونا »عصابة الثلاثي».. الكاتب المسرحي »نبيل بدران» والناقد الفني »محمد الرفاعي» و»عبلة الرويني».. تجمعنا محبة المسرح ووضوح الرؤي والمواقف واللغة الحادة.. كان رفاعي هو الأكثر حدة.. لغته الساخرة اللاذعة، تعكس وجعا، أكثر منها مدعاة للضحك والابتسام، لغة يرن من ذيل ضحكاتها البكاء.. عكس كوميديا نبيل بدران السوداء الضاحكة.. سخرية تميز كتابتهما وهي نفسها عمق الرؤية والموقف.. قبل سنوات رحل نبيل بدران، فانفرط اللقاء الثلاثي، مثلما انفرط المسرح وعروض الثقافة الجماهيرية والمهرجانات العربية.. لكن لم تنفرط المودة والصداقة، والتاريخ المحفور في الوجدان برغم الغياب... قبل يومين رحل محمد الرفاعي بعد وجع طويل، توقف عن كتابة زاويته الأسبوعية في مجلة صباح الخير (قضية فنية) توقف عن الذهاب إلي »صباح الخير» وعن الذهاب إلي »الجريون» ذلك المقهي الذي يغضب كثيرا ويتعكر يومه، إذا دخل فوجد أن هناك من يجلس علي طاولته وكرسيه!!.. حدته الدائمة كانت مجرد قشرة خارجية، مجرد حماية يغلف بها قلبه المرهف المثقل بالمشاعر والأحلام، قلبه المتعب دائما حتي من قبل عمليات القلب المفتوح، والسجائر التي لم يغادرها حتي داخل غرف العناية المركزة!!.. بدأ محمد الرفاعي شاعرا، لكنه أخفي قصائدة دائما في قلبه.. لم ينشرها، حتي أرهقه الإخفاء.. لكنه كتب صراحة الرواية (كائنات الحزن الليلية).. وكتب المسلسل الدرامي (البيضاء) عن رواية يوسف إدريس.. بينما ظل مسلسل (مداح القمر) الذي كتبه عن حياة بليغ حمدي، يصادفه دائما سوء الحظ والتعثر، ويتأجل مرارا علي مدي عشرين عاما.. وكان ذلك بعض أحزانه..