دخلت العلاقات المصرية - الفرنسية عهداً جديداً أمس مع بداية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لباريس. انطلاقة قوية جديدة لعلاقات متميزة تجمع البلدين في كل المجالات. بعد 3 مكالمات هاتفية، تأتي القمة الأولي التي تجمع الرئيسين اليوم بباريس لتعطي إشارة مهمة لدفعة قوية لعلاقات متميزة علي كل المسارات. وتعد هذه الزيارة هي الأولي للسيسي إلي باريس - منذ وصول إيمانويل ماكرون إلي الحكم - وبدأت أمس بلقاء وعشاء عمل مع وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي ولقاء مع شركة فرنسية وأجري الرئيس السيسي حواراً تليفزيونيا مع القناة الأشهر بباريس»فرنسا 24». كل الحقائق والمواقف تؤكد تطابق وجهات النظر المصرية - الفرنسية حول كل الملفات ذات الاهتمام المشترك، بما يؤكد توافر أجواء مثالية تنعقد فيها قمة السيسي - ماكرون. ففرنسا التي كان موقفها الرسمي يبتعد عن الموقف المصري من الأزمة السورية، بدأت قبل شهور تتبني مواقف أكثر اقترابا من مصر، ويمكننا الآن الحديث عن موقف مطابق تقريبا لموقف مصر بضرورة وجود حل سياسي للأزمة، وأن الشعب السوري هو الذي يحدد من يحكمه، مع الحفاظ علي الدولة الوطنية. وفرنسا في الأزمة الليبية تلتزم بموقف مصر بضرورة حل الأزمة سياسياً والحفاظ علي الدولة الوطنية والجيش الوطني بما يضمن وقف المد الإرهابي وإغلاق أبواب الهجرة غير الشرعية.. كما أن تطابق وجهات النظر في مواجهة الإرهاب ومن يموله أو يدربه أو يمده بالسلاح يبدو أمراً جلياً لا خلاف عليه، وهو أحد الملفات المهمة في مباحثات القمة الثنائية كما تتناول مباحثات القمة سبل حل القضية الفلسطينية واستئناف عملية السلام. العلاقات العسكرية المصرية - الفرنسية تشهد مرحلة زخم غير مسبوق، بعد حصول مصر علي حاملتي الطائرات الميسترال من فرنسا، ووصول الفرقاطة جوويند إلي الإسكندرية وبدء تصنيع 3 فرقاطات جديدة في الإسكندرية بالتعاون مع فرنسا، وبعد بدء وصول طائرات الرافال والتي ستتسلم مصر 24 منها وفقا للصفقة، وأيضاً بعد أن تسلمت مصر الفرقاطة البحرية - فريم - في وقت يشارك فيه البلدان الصديقان في 4 تدريبات عسكرية مشتركة علي مدار العام، كما تستمر الزيارات المتبادلة للوفود. وفي مجالات التعاون المختلفة تشهد الزيارة توقيع 17 اتفاقية مشتركة اقتصادية وثقافية وتعليمية، لمنح العلاقات المتميزة دفعة قوية إلي الأمام. ولعل إنشاء الأكاديمية الوطنية للشباب في مصر علي غرار المدرسة الفرنسية للإدارة في فرنسا والتي يتخرج فيها القادة وآخرهم ماكرون، يؤكد الإيمان بوجود مساحات مشتركة واسعة تجمع البلدين.. والزيارة تشهد توقيع اتفاقية مهمة للتعاون بين الأكاديمية والمدرسة، كما أن هناك 3 مشروعات تعاون أخري يتم بحثها للتوقيع عليها فور الانتهاء من الدراسات. زيارة الرئيس ستشهد كذلك لقاءات مهمة مع كل قادة فرنسا، من رؤساء الوزراء والجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ إلي وزراء الخارجية والداخلية والاقتصاد.. ليتم تعزيز العلاقات الثنائية وترسيخها في كل مجالات التعاون. لا جدال علي حقيقة أن هناك علاقات صداقة تاريخية تجمع البلدين والشعبين، وهناك ولع فرنسي بمصر التاريخ والحضارة والجغرافيا، وأيضا بالواقع الجديد لدولة قوية تسير قدما إلي الأمام، دولة تواجه الاٍرهاب بكل قوة وحزم في الوقت الذي تسير فيه بنجاح علي طريق الإصلاح الاقتصادي والبناء والتنمية، والمؤكد أن هناك تطابقا في وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. طريق بناء مصر الحديثة بدأ ومستمر، والانطلاقة الجديدة للعلاقات المصرية - الفرنسية القوية خطوة جديدة مهمة علي هذا الطريق.