الأحداث والتطورات والأزمات التي ترفع من معدلات معاناة الغالبية من الشعب المصري.. تؤكد أن كل هذه التداعيات مرتبطة بنقص السيولة المالية لدي دولتنا في الجنيه المصري بشكل عام وفي العملات الاجنبية بشكل خاص. كل الدراسات والأبحاث تبرر هذا الواقع الأليم بقلة الانتاج اللازم للاستهلاك الداخلي والتصدير.. هذه المحصلة يتحمل مسئوليتها تراجع وتوقف الإنتاج الصناعي نتيجة قصور حوافز الاستثمار في هذا النشاط. يضاف الي ذلك انخفاض انتاجية العامل المصري في كل المجالات. ما حدث ويحدث كان نتيجة القوانين التي صدرت عن جهل وعدم دراية بأصول القيادة والادارة. تماشيا مع هذه الأوضاع أصبح من حق هذا العامل ان يتقاضي أجره حتي لو كان قليلا دون ان يقدم في مقابله أي انتاج سواء كان صناعيا أو خدميا.انه وبتشجيع من الدولة العاجزة المنافقة المرتعشة.. اصبح يعمل علي عكس كل مبادئ النظريات السياسية والاقتصادية التي تقول ان »من لا يعمل لا يأكل». تعوّد وفقا لهذه الحماية القانونية علي ألا يعمل وان علي الدولة رغم ذلك أن توفر له الطعام والشراب والحياة الكريمة!! ليس من سبيل للخروج من هذه الدائرة الجهنمية المفرغة الا بتغيير المفاهيم علي مستوي الدولة والشعب. لابد من الايمان بأن لا تقدم ولا حياة كريمة دون ان يكون هناك تقديس للعمل والانتاج لصالح المواطن والاسرة والوطن. لابد من تسليط الأضواء والتوعية بهذه الحقيقة مع الالتزام بالصراحة والشفافية والشجاعة. هذه المهمة الوطنية وعلي ضوء الزيادة السكانية غير المنضبطة اصبحت مسألة حياة أوموت. لابد أن تشارك في هذه الجهود بفاعلية أجهزة الأعلام بحرفية ووعي وعلم. يجب أن تنضم لهذه المنظومة ايضا كل منظمات المجتمع المدني المشغولة بقضايا لا عائد من ورائها سوي الجدل وتضييع الوقت دون اي فائدة للدولة وللمواطن. انها قضية يجب علي هذه الاطراف التصدي لها بمصداقية وأمانة لتحقيق المبادئ والقيم التي يروجون لها. يدخل ضمن هذه المهمة مكاشفة الشعب خاصة الشباب الذين يمثلون النسبة الأكبر من التعداد بهذه الحقيقة. حملات التوعية الموجهة علي كل المستويات يجب ان تتضمن افهام هؤلاء الشباب أن لا سبيل للحياة التي يتمنونها والطموحات التي يتطلعون اليها دون عمل او إنتاج. علي هذا الشباب أن يدركوا أن العائد والاجر واكتساب المكانة مرهون بما يبذلونه من جهد وعرق . حان الوقت لأن يؤمنوا بأن لا فرصة لتحقيق آمالهم بالجلوس علي المقاهي انتظارا للوصول الي ما يتطلعون اليه. في نفس الوقت فإن علي الدولة ان تتوقف عن ممارسة النفاق في تعاملها مع الشباب الذين ثبت يقينا انهم مغيبون لا يعرفون مصلحتهم وما يتطلبه بناء المستقبل. كل الدلائل والبراهين تشير الي ان ما ينقصنا هو ثقافة العمل والانتاج والتي كانت وراء نهضة وتقدم الدول وانعكاس ذلك علي ابنائها. ان ما يتمتع به الفرد في هذه الدول ليس هبة من السماء او الدولة ولكنه عائد فكر وكد وعمل وليس اي شئ آخر. هنا يحق القول بأعلي صوت ان شبابنا الذين هم أمل المستقبل في حاجة ماسة الي نوبة صحيان ويقظة.