علي مدي اليومين الماضيين إنعقد المؤتمر الوطني للشباب بالاسكندرية بحضور ورعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي.. في ظل الإيمان الراسخ بحتمية دور الشباب في بناء المستقبل.. يأتي ذلك انطلاقا من أن هذا الشباب يمثل النسبة الأكبر من مواطني هذا الوطن. في ظل هذه الحقيقة فإنني أتمني أن يتم تناول القضايا الأساسية التي تهم الشباب في إطار من المصارحة والمكاشفة. في هذا الشأن لا جدال أن إتاحة الفرصة للحوار بين الرئيس والشباب من خلال الأسئلة والأجوبة يعد ظاهرة إيجابية وشيئا طيبا. ولكن العائد لا يتعدي تسليط الأضواء فحسب علي ما يتم إثارته من مشاكل تشغل الرأي العام. المطلوب وحتي يكون هناك عائد حقيقي وفاعلية لهذه التجمعات التي تستهدف التواصل بين الشباب والقيادةالسياسية أن يتم تبني قضية رئيسية والعمل علي إيجاد حل لها. في هذا الإطار فإنه لا يمكن أن يغيب علي أحد أن البطالة ومخاصمة الشباب للعمل المنتج غير المشروط بالمواصفات الخيالية تأتي علي قمة مشاكل الشباب والوطن. إن إحجام قطاعات واسعة من هذا الشباب عن القبول بفلسفة العمل والانتاج باعتباره عبادة وهدفا لكسب لقمة العيش وتحقيق الطموحات يمثل مشكلة أمام تقدم هذا الوطن. هذا الإحجام يعود إلي وقوع هذا الشباب فريسة للمظاهر والأوهام. إن معظم أفراده لا يريدون أن يبدأوا السلم من أوله ولا يؤمنون بأن العمل أي عمل شريف هو وسيلة للوصول إلي الأهداف. في ظل هذه المفاهيم المغلوطة التي تغذيها الأفكار الاجتماعية غير السليمة فإن هذا الشباب يجنح إلي الشكوي والمعاناة من البطالة الوهمية. إن تطلعاته الخيالية البعيدة عن الواقع تدفعه إلي انتظار وظيفة ومكتب وشقة ومرتب يوفر له سبل الحياة دون اجتهاد أو كفاح أو بذل للجهد والعرق. هذا الواقع المؤسف يفسر ازدحام الكافيتريات بهذا الشباب - الذي أنفق أهله عليه كل ما يملكون من جهد وعرق ومال - بدلا من الاستجابة لفلسفة العمل والانتاج. إن علاج هذا الخلل المجتمعي الذي ضحيته الشباب والوطن يعد واحدة من أهم القضايا التي يجب أن يركز عليها مؤتمر الاسكندرية. كم أرجو أن يتم من خلال المناقشات الموضوعية الصريحة التي تستهدف التوصل إلي السبل اللازمة لترسيخ المفاهيم الايجابية القائمة علي تقديس العمل والانتاج. لابد أن يتم ذلك علي أساس من الادراك والاطلاع علي تجارب الشباب في الدول المتقدمة الذين حققوا النجاحات البارزة بالعمل والانتاج وتمكنوا بذلك من بناء مستقبلهم ومستقبل أوطانهم. يجب علي هذا الشباب وفي ضوء ما تشهده الساحة الوطنية حاليا من أنشطة للبناء والتقدم والنهوض.. الايمان بأن العمل هو الوسيلة الوحيدة لإثبات الذات والوجود بعيدا عن المظاهر الكاذبة التي لا تحقق حلما ولا طموحا ولا حياة كريمة. علي ضوء هذا الذي يجري فإننا نجد كل العائلات وللأسف في ظل خلل اجتماعي وفكري وسوء تقدير سائد حاليا لا تستوعب أهمية السعي إلي تقويم سلوكها ليتفق مع المفاهيم الواقعية العملية والسليمة. عليها أن تنقل هذا الفكر الاجتماعي المتطور المعمول به في الدول المتقدمة إلي أبنائها وبناتها حتي يصبحوا سندا ودعما لمنظومة بناء هذا الوطن الذي يحتاج إلي جهود كل أبنائه. هذا الأمر يستوجب أن أقول إنه لا عائد للشباب من وراء مؤتمراتهم إذا كان الهدف إطلاق الخطب والوعود والتحدث علي الآمال والأحلام. حان الوقت لأن يكون معلوما أن ترديد عبارات الإشادة التي تتسم بالنفاق.. للشباب التائه في غياهب السلوكيات والأفكار البالية للمجتمع.. لا يمكن أن تخدم الوطن ولا الشباب. هذا الأسلوب ليس الوسيلة لضمان اضطلاع هذا الشباب بما هو منوط به من تحمل لمسئولية قيادة هذا الوطن. هذا الهدف لا يمكن تحقيقه الا علي أساس إعلاء فلسفة الاجتهاد وبذل الجهد والعرق الصادق الأمين النابع من روح التحدي والعمل والانتاج. بدون هذه المبادئ.. لا مستقبل ولا نهوض ولا تقدم ولا حياة كريمة يأملها الشباب.