يخطئ من يتصور ان العالم يتحرك وفقا لأهواء وتوجيهات القادة السياسيين فقط، وان ما يجري فيه من تقلبات ومتغيرات هي محصلة ونتاج فكر وعمل رجال السياسة وحدهم. ذلك تصور خاطئ أو علي أقل تقدير تصور ناقص، ولا يعبر في عمومه وتفاصيله عن مجمل الحقائق القائمة علي أرض الواقع، والتي تؤكد أن المصالح هي العامل الأساسي والدافع الرئيسي لكل ما يجري علي الأرض، وان العالم تحركه المصالح قبل وبعد أي شيء آخر،..، والمصالح الاقتصادية في المقدمة دائما. والمتأمل والمتابع لما جري وما كان في الزيارة اللافتة والهامة للرئيس الأمريكي »دونالد ترامب» للمملكة العربية السعودية، والتي اطلق البعض عليها بحماس شديد لقب الزيارة التاريخية، قياسا عن النتائج وما افرزته من متغيرات،..، يجد انها قد أكدت القاعدة الثابتة المعمول بها علي ارض الواقع منذ بدء الخليقة وحتي اليوم وغدا ايضا، وهي قاعدة المصالح والمنافع المتبادلة. وقد تابعنا مع الجميع الحرص الامريكي الشديد علي تحقيق اكبر قدر ممكن من المصالح الاقتصادية، منذ اللحظة الأولي للزيارة، والتي تمثلت في العدد الكبير من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، التي وصلت في مجملها إلي ما يقارب »النصف تريليون دولار»، تصب في نهر الاقتصاد الأمريكي حاملة معها العديد من فرص العمل والعديد من المكاسب التي تدعم موقف الرئيس الأمريكي علي المستوي الداخلي. وفي هذا الاطار من تبادل المنافع وتحقيق المصالح المشتركة لكل الاطراف، تابعنا ايضا الالتزام الأمريكي الواضح بأمن الخليج، في مواجهة التهديدات الإيرانية المتصاعدة للمنطقة، ومحاولاتها المستمرة لتأجيج القلاقل والفتن في اليمن، ودعمها المعلن للفصائل والجماعات المثيرة للقلاقل في دول الخليج بصفة عامة وعلي حدود السعودية بصفة خاصة. وهكذا نجد أن المصالح هي الحاكمة، وهي المحددة لخطوات الساسة وهي الراسمة للسياسات بين الدول،..، وهي المحركة للعالم شرقا وغربا.