كان الإعلان نفسه تعبيرا عن إيمان عميق بالحياة وبقدرة الإنسان العربي علي صنع الأفضل رغم كل الظروف التي نمر بها. كان ذلك قبل شهور قليلة حين أطلق محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي مبادرته إلي »صناع الأمل» بلغة تمتلئ بالحيوية والاحتفاء بالحياة والدعوة للأجمل. علي حسابه الشخصي أعلن عن وظيفة لأي عربي عمره ما بين الخامسة والخامسة والتسعين يتقن مهارات البذل وخدمة الناس ويؤمن بطاقات من حوله من أبناء الوطن العربي. وكانت المكافأة المرصودة هي مليون درهم إماراتي. كان المتوقع أن يكون هناك بضعة آلاف من أصحاب التجارب المتميزة في خدمة المجتمع، فإذا بالعدد يقفز إلي أكثر من خمسة وستين ألف مشارك تؤكد تجاربهم أن الشباب العربي قادر علي مقاومة الظروف وصنع الأمل. ومر المشاركون بعدة تصفيات انتهت إلي ترشيح خمسة أسماء للتصفية النهائية ليتم اختيار الفائز بالجائزة من بينهم واعلانه في الحفل الختامي. وإذا بمحمد بن راشد يعلن في الحفل أن الجائزة قد أصبحت خمسة ملايين، وأن المرشحين الخمسة للتصفيات النهائية يستحق كل منهم أن يكون »صانع الأمل». الذي يحتذي به. ولهذا سيحصل كل منهم علي جائزة المليون درهم. كان »صناع الأمل»، الخمسة يمثلون طيفا واسعا من عطاء الإنسان العربي. وكانت من بينهم المصرية ماجدة جبران أو »ماما ماجي»، كما يعرفها كل العاملين في مجال الخير. هذا النموذج الجميل في العطاء الإنساني خريجة الجامعة الأمريكية التي تركت كل شيء لتتفرغ لخدمة المحتاجين في حي الزبالين والعشوائيات ولتقيم أكثر من 90 مركز رعاية وتعليم تدرب سنويا ما يقرب من عشرين ألف طفل، وتعالج أكثر من أربعين ألف مريض. ومع »ماما ماجي»، كانت هناك المغربية نوال الصوفي التي ساهمت في انقاذ عشرات الألوف من الغرق وهم يحاولون الهجرة في قوارب الموت إلي أوروبا، وكان هناك هشام الذهبي صاحب التجربة المميزة في انقاذ أطفال الطرق من الجحيم الذي يعيشونه. وكانت هناك الكويتية معالي العسعوس التي هاجرت لليمن ووهبت حياتها للخدمة الاجتماعية في ظروف البلد المنكوب بالحرب الدامية. وكانت هناك أيضا جمعية »الخوذ البيضاء»، التي انقذت عشرات الألوف من الموت في سوريا. والقيمة الحقيقية هنا ليست في الجوائز التي ستذهب إلي أعمال الخير، لكنها في تسليط الضوء علي معني العطاء وعلي أن هذه الأمة مازال أبناؤها قادرين علي »صنع الأمل»، في أصعب الظروف. التحية واجبة لمحمد بن راشد، والامتنان بلا حدود لكل »صناع الأمل»، الذين تركوا الأضواء لغيرهم، وراحوا يعطون في صمت، ويحاولون - بلا ادعاء- أن يزرعوا الشموع وسط الظلام.