ست سنوات مرت علي الثورات العربية أدت للعديد من المتغيرات السياسية والأمنية والتي أثرت بشدة علي الواقع العربي والإقليمي، وسنستعرض سوياً أهم المتغيرات الحالية والمتوقعة في المنطقة. تتعرض مصر لمخاطر (الإرهاب المسلح في سيناء والهجمات الإرهابية الانتحارية)، والذي ارتبط بسقوط حكم تنظيم الإخوان المسلمين نظراً لممارساته العنيفة مما أدي لحظره وتصنيفه إقليمياً (تنظيم إرهابي).. وقد بدأت مصر إصلاحات اقتصادية موسعة، ورغم احتمال أن تقوض الضغوط الشعبية نجاحات جهود الإصلاحات، إلا أن عجلة الإصلاحات ستستمر بقوة وصعوبة، تصاحبها إجراءات لاتباع سياسة خارجية أكثر استقلالية، ومحاولاتها لجذب الاستثمارات من أكبر عدد من الدول نتيجة لتأرجح الدعم الخارجي. أما ليبيا، فقد شهد عام 2017 تطوراً حاسماً خفف من احتمالية تصعيد عسكري بين قوات جبهتي الشرق والغرب، حيث حولت مصر بالتعاون مع تونس والجزائر أطراف الأزمة إلي عناصر فاعلة لحلها.. وأتوقع توافق الرؤية الأوروبية مع الرؤية المصرية الحالية بأن »الأولوية القصوي الآن أصبحت الحفاظ علي ليبيا موحدة، وتحييد وتجاوز خطاب تقسيم البلاد»، وأن يؤدي التوافق لاستجابة الفصائل الإسلامية الليبية أيضاً، وأن تدعم إدارة ترامب الجيش الليبي بقيادة حفتر بإعتباره المؤسسة الوطنية العسكرية، وبما قد يحدث توازن في علاقات حفتر مع موسكو.. وأن تعمل دول الجوار الليبي علي تجنب أي تدخل أجنبي، مع تقديم الدعم الكامل للجيش الوطني الليبي فقط للقضاء علي الإرهاب. أما عن سورياوالعراق، فقد سيطر الجيش السوري علي أكثر من 30% من الأراضي السورية منها حلب، إلا أن قواته مشتتة وفي حاجة لتركيز ضرباتها ضد داعش شرقاً وفي دير الزور، واستعادة حزام النفط حول مدينة تَدمُر.. أتوقع ان تزيد أمريكا من دعمها للفصائل التي تحارب داعش، بينما تقطعها عن الفصائل التي تحارب الجيش السوري في أدلب، وهي السياسة التي ستكون لها عواقب في اتجاهين، الأول: ستُزيد تركيا والسعودية وقطر من دعمها لفصائل المعارضة في أدلب، والثاني: ستُزيد روسيا من تعاونها التكتيكي مع أمريكا وحلفائها.. وسيجبر سقوط الموصل في العراق عناصر داعش علي استمرار الهروب لسوريا واليمن وجهات أخري. في اليمن رغم أن جزءا كبيرا منها أصبح تحت سيطرة الجيش إلا أن حسم الموقف مازال صعباً، مع زيادة احتمالات التقسيم لشمال وجنوب، في الوقت الذي تزايد فيه نفوذ القاعدة في اليمن في الشحر والمكلا، وضرباته الموجعة في عدن. تستمر إسرائيل في العمل علي توحيد الصف الإقليمي ومعه أمريكا ضد إيران كعدو وحيد مشترك يمثل أكبر تهديد علي دول المنطقة، مع الوضع في الاعتبار أن إسرائيل تنظر للعناصر الفاعلة في المنطقة كأربعة معسكرات منفصلة (عرب سنة، شيعة، إخوان مسلمين، سلفيين تكفيريين)، حيث تسعي إسرائيل لأن تكون مستقبلاً العمود الفقري للمنطقة أمام أمريكا والعالم، والذي يتسق مع ما تنتظره من فرص أهمها الاستمرار في زيادة المعونة الأمريكية دون سقف، والمكاسب من نتائج تزايد توتر العلاقات الأمريكية مع إيران، واستغلال دعم ترمب في توسعها في المستوطنات. وستستمر جماعة حزب الله المدربة في الحرب الأهلية السورية في تشكيل تهديد مباشر علي إسرائيل من اتجاه الشمال، ما يدعو إسرائيل من استهداف عملياتهم في سوريا ولبنان. وقد يؤدي عدم التوافق الإسرائيلي/ الفلسطيني لحل الدولتين إلي المزيد من الضغوط علي علاقتها بمصر والأردن، اللتيْن تعانيان من ضغوط داخلية في هذا الصدد، خاصة مع استمرار تركيا في وضع نفسها كداعم إقليمي للقضية علي حسابهما. أتوقع استمرار حركة حماس في التنصل من تنظيم الإخوان في محاولة لرفع اسمها من التنظيمات المحظورة دوليا كتنظيمات إرهابية وتأكيد موقعها القيادي في السلطة الفلسطينية أمام إسرائيل ودول المنطقة والمجتمع الدولي. ومع تزايد الضغط علي العناصر الإرهابية، ستحاول القوات المتبقية منها البقاء من خلال تعظيم الانقسامات الطائفية والعرقية في مناطق نفوذهم.. ومع تزايد الضغوط عليها، أتوقع اضطرارهم لأحد خيارين، أولاً: الهروب إلي سوريا واليمن وأفغانستان لإعادة تنظيم الصفوف ضمن عناصر القاعدة.. ثانياً: الفرار لدول أوروبية أو عربية بصفتهم لاجئين سوريين، أو بأساليب الهجرة غير الشرعية. زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا إستشاري الأمن القومي والدفاع