لا جدال أن احساسنا وشعورنا بالحنق والاحباط والألم بلا حدود نتيجة صدمتنا من فظاعة وبشاعة الجريمتين الارهابيتين اللتين كانت كنيستا طنطا والاسكندرية هدفا لهما. هول وفداحة الحدثين لا يمنعنا من أن ننقد أنفسنا بالقول.. باننا لم نحيد عن عاداتنا السيئة التي تتسم دوما بالتأخر في اتخاذ القرار المطلوب في الوقت المناسب بما يمكننا من تجنب هذه الكوارث والحد منها ومن اضرارها وآلامها. كلنا يعلم ويدرك ما أصبح يمثله الفكر الإرهابي وممارساته من خطر علي أمن مصر واستقرارها وما يسببه من عرقلة لمسيرة التنمية والتقدم. في شأن هذه الحقيقة المؤسفة والواضحة علي كل مستويات الدولة يتحتم الاشارة إلي أنه سبق المطالبة منذ فترة وقبل تعاظم هذه الصدمات.. بحتمية وضرورة انشاء المجلس الاعلي لمكافحة الارهاب.. وباعتبار أن الازهر الشريف ومسئولياته هو أحد المحاور الرئيسية في القضاء علي ظاهرتي التطرف والارهاب.. فقد تناولت في أحد مقالاتي منذ عدة أسابيع.. أهمية تشكيل مجلس أعلي لتحقيق هذا الغرض. طالبت بأن تأتي المبادرة نحو هذه الخطوة من جانب الامام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الازهر. جاء ذلك باعتبار أن الازهر هو المحور الاساسي في المواجهة القائمة علي تصحيح المفاهيم المنحرفة والمغلوطة التي تتأسس عليها التنظيمات الإرهابية التي تعمل ضد الاسلام وأمته لصالح الاعداء والمتربصين. هذه المسئولية تأتي من واقع استخدام الإرهاب للاسلام للتغطية علي أعماله الاجرامية. لا جدال أن الازهر الشريف بما يملكه من تاريخ وعلم وامكانات قادر علي حماية الاسلام بتعاليمه ومبادئه الصحيحة وانه يمكنه القيام بدور فاعل ونشط ومخلص في كشف هذا الفكر الإرهابي اذا أراد وعقد النية الصادقة علي تبني هذا المسار. انه يمثل عنصرا أساسيا لدعم ومساندة جهود المكافحة والتصدي لهذا التوجه الذي أصبح عبئا ثقيلا علي الاسلام والمسلمين. علي هذا الاساس لابد ان نعترف بالصدور المتأخر لقرار انشاء المجلس الاعلي لمكافحة الارهاب الذي لم يكن سوي رد فعل لجسامة حادثتي الكنيستين. في هذا التشكيل لابد أن يكون هناك تواجد للفكر الازهري المستنير البعيد عن السلبية في عضوية هذا المجلس لضمان نجاح مهمته. من المؤكد أن تخلي قيادات الدعوة الاسلامية الاجلاء داخل الازهر الشريف ووزارة الاوقاف عن الفرقة والسعي إلي وحدة الفكر والهدف والتعاون سوف يكون له نتائج محققة في محاربة الارهاب لصالح الاسلام والوطن. علي هؤلاء العلماء -اذا كانوا حقا حريصين علي أن تكون صورة الاسلام علي المستوي الذي يستحقه عظمة ومكانة- ان يقدروا أهمية بذل المزيد من الجهود لالحاق الهزيمة بالفكر الارهابي ومن يقف وراءه من محرضين وممولين بهدف تشويه هذا الدين العظيم.