قضية ورأي

تقدمت دولة الإمارات العربية المتحدة لمجلس وزراء المالية العرب في دورته العادية السابعة المنعقدة في أبريل 2016 بمذكرة تضمنت مبادرة لدعم الدول العربية. وقد تضمنت المبادرة معالجة التحديات التي تواجه الأمة العربية وإعداد برامج مبتكرة من أجل تحقيق أهداف رئيسية تشمل التنمية الشاملة في الدول العربية، تطوير آلية التعاون والتنسيق في العمل العربي المشترك، تحفيز الإبداع والابتكار في الدول العربية، وتقديم الدعم للدول العربية التي تمر بتحديات اقتصادية. كما دعت المبادرة الهيئات والمؤسسات المالية العربية كلا في مجالها إلي تحقيق مضاعفة جهودها وتطوير أعمالها، ومراجعة أعمالها وأهدافها، وتطوير آليات عمل جديدة وإعداد برامج مبتكرة.
وقد رحب مجلس وزراء المالية العرب بالمبادرة وطالب رؤساء الهيئات والمؤسسات المالية العربية بمناقشة الآليات والبرامج لتحقيق أهداف المبادرة. ومن الجدير بالذكر أن الهيئات والمؤسسات المالية العربية هي الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا وصندوق النقد العربي والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي. وقد عقد رؤساء الهيئات والمؤسسات المالية العربية الخمسة اجتماعاً بمقر الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بالكويت في يونيو 2016 حيث تم تشكيل لجنة خبراء من الهيئات والمؤسسات المالية العربية لوضع تصور مشترك لتنفيذ المبادرة. وقد عقدت هيئة الخبراء اجتماعها الأول في يوليو 2017 حيث أوصت بقيام كل هيئة أو مؤسسة مالية عربية بوضع تصورين خاصين بها أحدهما يشمل مبادرات يمكن تنفيذها في حدود إمكانياتها المالية المتاحة والتصور الثاني يشمل مبادرات يمكن تنفيذها إذا ما توفرت لها موارد مالية إضافية. وتتم صياغتها في تقرير موحد يرفع إلي رؤساء الهيئات والمؤسسات المالية العربية.
هذا وقد أعدت الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي تصورين خاصين بها للمساهمة في تنفيذ المبادرة حيث تم عرض التصورين علي مجلس إدارة الهيئة في سبتمبر 2016 وبحضوري كممثل لمصر في مجلس إدارتها. ويأتي التصور الأول في إطار استراتيجية الهيئة وخططها وبرامجها الاستثمارية للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي العربي حيث يمكن للهيئة في حدود إمكانياتها المالية المتاحة أن تعطي وزناً أكبر للاستثمار الزراعي والغذائي في الدول العربية التي تمر بتحديات اقتصادية شريطة أن تتقدم تلك الدول سواء الحكومات أو قطاع الأعمال العام أو القطاع الخاص بمشروعات استثمارية زراعية وغذائية مجدية فنياً واقتصادياً حيث تساهم الهيئة في تمويلها وتنفيذها. كما يمكن للهيئة أيضاً وفي حدود إمكانياتها المالية المتاحة الترويج لمشروعات استثمارية زراعية وغذائية في تلك الدول مثل مشروعات إنتاج الحبوب والسكر والزيوت واللحوم الحمراء والدواجن والأسماك لسد الفجوة الغذائية ومشروعات التصنيع الزراعي ومشروعات مستلزمات الإنتاج الزراعي وخاصة التقاوي المحسنة والأسمدة والمبيدات والميكنة الزراعية ومشروعات استخدام التقنيات الحديثة في الري. كما أعدت الهيئة تصوراً ثانياً للمساهمة في تنفيذ المبادرة وذلك في حالة توفر موارد مالية إضافية للهيئة ويتضمن هذا التصور زيادة رأسمال صندوق القروض الدوارة وإقامة مناطق حرة للإنتاج والتصنيع الزراعي في الدول العربية وتقليل الفاقد ما بعد الحصاد ( مشاريع نقل وتخزين الحاصلات الزراعية ) وإنشاء شركة تأمين كبري متخصصة في القطاع الزراعي وإنشاء بورصة عربية للسلع الزراعية وتعميم استخدام أنظمة التحكم في العمليات الزراعية وإنشاء مركز عربي لإعداد المدراء التنفيذيين في مجال إدارة الأعمال الزراعية.
وإننا ندعو المستثمرين الزراعيين في مصر لإعداد مشروعات استثمارية زراعية وغذائية مجدية فنياً واقتصادياً وتقديمها للهيئة لمساعدتها في المساهمة في تنفيذ المبادرة الإماراتية لدعم الدول العربية.
وتجدر الإشارة إلي أن الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي تساهم في مشروعين في مصر هما شركة الفيوم لصناعة سكر البنجر ( بطاقة إنتاجية تبلغ 180 ألف طن سكر سنوياً ) والشركة العربية بمحافظة المنيا لحفظ وتصنيع الحاصلات الزراعية. وتساهم الهيئة بحوالي 27 %، 25 % من رأسمال الشركتين والبالغ 700، 150 مليون جنيه علي الترتيب وهما من الشركات الناجحة والمحققة للأرباح. كما تقدمت الهيئة بطلب تخصيص أراضٍ لها في مصر للاستثمار الزراعي في إنتاج محاصيل القمح والذرة وفول الصويا والبرسيم والبطاطس بمساحة حوالي 200 ألف فدان في إطار المشروع القومي لاستصلاح واستزراع 1٫5 مليون فدان. وقد قامت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بتقديم الدراسات الفنية والاقتصادية المطلوبة لخبراء الهيئة ويسرت زيارتهم لمواقع الاستثمار الزراعي لاختيار المناسب منها لتنفيذ مشروعات الهيئة. كما ترغب الهيئة في تأسيس مكتب إقليمي لها في القاهرة ليخدم مصر والدول العربية الشقيقة المجاورة.
كاتب المقال : أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة