من قال أن الفتنة نائمة لنلعن من أيقظها؟ حتي لا ندفن رؤوسنا في الرمال، لابد أن نعترف أن نار الفتنة الطائفية تتخفي تحت الرماد، وأن أول سبل العلاج الاعتراف بالمرض، لا محاولة مداراة أعراضه، بل مواجهة أسبابه الحقيقية لاجتثاث جذوره تماما. وقفة »مصريون ضد التمييز» أمام دار القضاء العالي، تنديدا بأحداث المنيا، لابد أن تدق الأجراس بلا توقف حتي يفيق الغافل، ويتحرك المتثاقل، ويمارس كل صاحب دور مسئوليته، بعيدا عن الجلسات العرفية، وعن تدخلات الاجهزة الأمنية، إذ انها تستدعي لدور لا يتجاوز فعالية المسكنات، ليظل الڤيروس كامنا، مترقبا لحظة مواتية ليثب من جديد ويتفشي ، لكن لا أحد يدرك حدود المخاطر ، وإذا أدرك فإنه لا يصف العلاج الناجع! وفي غياب السياسة، ودور الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني الحقيقية لا الديكورية، أو صاحبة الأچندات التي تسكب مزيدا من الزيت علي النار، فإن الفتنة مرشحة دائما للتحول إلي أحداث عنف قد تخرج عن السيطرة، أو تكون كلفة حصارها باهظة. وربما كان استخدام تعبير »غياب السياسة» بديلا مهذبا لتجليات »غياب الدولة» لكنها إن شئنا الحقيقة المُرة دون مواربة، أن »قعدة المصاطب» بحضور ممثل للأمن أو المحليات ، ليكون النجوم وأصحاب اليد العليا بعض مشايخ السلفية ومن شابههم تكريساً لمفهوم الدولة الغائبة، وإن طال الغياب، فلا يجب أن نراهن علي قطع أشجار الفتنة من جذورها، لأنها سوف تنمو حتي تحجب شمس الوحدة الوطنية عن سماء مصر.