ورحل محمود بكر.. صاحب أجمل ابتسامة رياضية علي الشاشة.. وأحد أهم أساتذة التعليق الكروي.. وأبرز نجوم الاسكندرية، والنموذج المشرف للاعب كرة القدم في الأوليمبي ومنتخب مصر. كان يمكن أن يزيد بكر من صفحاته الناصعة.. كلاعب.. لولا نكسة 1967 التي أجبرته وجيل رائع من زملائه علي الاعتزال بعد أن انتزع مع فريقه الاوليمبي الفوز الوحيد بالدوري موسم 65/66 ارتدي محمود بكر كل ثياب النجاح في كل المواقع التي نقلدها.. ويكاد يكون متفردا عن الآخرين في المجال الرياضي، لأنه طرق كل أبواب هذا المجال.. لاعبا، اداريا، مدربا، رئيسا للنادي الأوليمبي.. عضوا بمجلس ادارة اتحاد الكرة.. معلقا كان يقف قبل رحيله في موقع الصدارة. لعب بكر مع جيل عمالقة في كل الأندية.. كانوا كلهم كبارا في مشاوير المنافسة.. اقصد الدوري.. ومازلت اذكر معظم الأسماء التي لعب إلي جوارها محمود بكر.. ضياء وشتا والسكران والبوري وسعيد قطب والبحر جاسور وبدوي عبدالفتاح وعزالدين يعقوب وفاروق السيد ومحمود بدوي.. وآخرين.. مجموعة فذة من النجوم الذين صنعوا أمجاد هذا النادي.. قبل أن يتدهور حاله. واستمر النجم الراحل في الميدان الكروي.. بعد اعتزاله ليضمه الراحل الكبير عبدالمجيد نعمان كناقد بالقسم الرياضي بالأخبار.. زاملته في القسم ولكن فضلا أن ينتقل إلي عالم التعليق وسط عمالقة.. محمد لطيف وحسين مدكور وعلي العميد وعلي زيوار وابراهيم الجويني وحمادة إمام والشربيني.. ومحمد حسام الدين.. واستطاع أن يثبت أقدامه بينهم. ولضمان الحيدة أكثر في التعليق علي مباريات الأهلي والزمالك تمت الاستعانة لسنوات بالعميد والعقيد.. العميد ابراهيم الجويني والعقيد محمود بكر.. واكتسبا معا شهرة عريضة، إلي أن أصبحا نموذجان للاحترام والالتزام. استمرت مسيرة بكر.. علي صعيد التعليق إلي أن أخذ يتقدم خطوة تلو الأخري ليصبح أستاذا في هذا المجال، يجمع بين خبرة التحليل للمباراة وبين الأسلوب المميز الرشيق للتعليق. ولأنه كان متألقا كئيس للنادي الأوليمبي بعد أن اعتزال التدريب.. وكان عضوا فاعلا في ادارة اتحاد الكرة.. واعلاميا وصحفيا يجيد فن نقد المباريات.. فقد تبلورت هذه الشخصية وانصهرت في عالم التعليق.. أصبح من المبدعين في مجال جذب المشاهدين، فعمدت كل القنوات علي اختطافه.. إلي أن خطفه الموت. والواقع.. أن محمود بكر لن يترك فراغا في الوسط الرياضي فقط، وانما فراغا علي كل الأصعدة الاجتماعية، حيث كان متواجدا بآرائه وأفكاره واقتراحاته في معظم القضايا، وبصورة صريحة وجرئية تمييز بها عن غيره.. ولأنه »اسكندراني» ، فقد كانت له لفتة التي ظل يحتفظ بها، حبا في عروس البحر المتوسط.. معشوقته المحببة إلي قلبك. وكما كانت الاسكندرية رائدة للرياضة في مصر.. وهي التي أنجبت معظم الأبطال الأوليمبيين والعالميين، وأصحاب الميداليات في المحافل الدولية.. كانت الاسكندرية أيضا رائدة في التعليق الكروي من خلال محمود بكر.. والعميد ابراهيم الجويني أطال الله في عمره. رحم الله.. الكابتن محمود بكر. هذه النموذج الذي لن يتكرر، لأنه جمع من الصفات الجميلة ما لم يتوافر لدي الكثيرين.. والمؤكد أن ما كان يتمتع به بكر من خفة ظل ساعده كثيرا لأن يقترب أكثر من قلوب من تعاملوا معه علي أرض الواقع.. أو من كانوا ينتظرون طلته علي الشاشة الصغيرة. سيبقي محمود بكر.. ولن تنساه الساحرة المستديرة وكل من تعامل معها.. وسيظل أستاذا لأجيال قادمة في مدرسة التعليق.. ولن تغيب عدالة السماء علي ستاد باليرمو.. وعلي كل مسرح الحياة.