صحيفة «الجارديان» البريطانية واصلت نشر مزيد من التسريبات المضادة للجيش، وفى خيبة أمل واضحة عبرت عن استغرابها لترقية قادة القوات المسلحة المصرية رغم التجاوزات التى نسبها للجيش تقرير نشرته «الجارديان» قبل ثلاثة أيام، الذى اتهم الجيش بتعذيب الثوار فى أثناء ثورة 25 يناير. وفى خطين متوازيين، قامت الصحيفة بتفنيد ما اعتبرته أسبابا للتقارب بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة، وما أعلن عقب انتهاء اجتماع قادة المجلس العسكرى فى وزارة الدفاع مع محمد مرسى، وعلى الجهة الأخرى قامت بنشر تسريبات جديدة ضد أطباء القوات المسلحة، زعمت قيامهم بإساءة معاملة المصابين فى اثناء الثورة وإجراء جراحات خطيرة دون تخدير. التسريبات التى نشرتها «الجارديان» عبارة عن فصل من تقرير «تقصى الحقائق» الذى أعدته اللجنة التى شكلها مرسى فى ديسمبر الماضى، عندما زعم إعادة فتح التحقيقات فى قضايا قتل الثوار، وكلف اللجنة بإعداد تحقيق منفصل ورفعت تقريرها وتوصياتها، ولكن الرئاسة والنيابة لم تعلنا تفاصيله وتكتمت نتائجه، وإن كانت الرئاسه أعلنت فى يناير عن وصول اللجنة إلى أدلة جديدة فى قتل الثوار دون أن ترفع التقرير لأى جهة، ولم تحرك الدعوى ضد أى طرف ولم تكشف حقيقة وطبيعة ما قامت به اللجنة إلا بعد تسريب فصل عن اتهامات للجيش بإساءة معاملة الثوار فى أيام الثورة ال18. التسريبات التى نشرتها «الجارديان» وقعت فى 16 صفحة كشفت فيها عن فشل تام للجنة تقصى الحقائق، ربما كان السبب الأول وراء حجب الرئاسة والنيابة للتقرير وعدم إعلانه حتى الآن. واكتفى التقرير على سرد سماع بلاغات من أكثر من عشرين حالة أغلبها عن مفقودين من أبناء أو أزواج فى أثناء الثورة خرجوا ولم يعودوا وبعضهم تلقى اتصالات بوجود ذويهم طرف الشرطة العسكرية أو النيابة العسكرية، دون أن يتوصلوا إليهم فى أى جهة فجاءت فى مجموعها اتهامات بلا أدلة. وكشفت «الجارديان» أن المؤسسة العسكرية والرئاسة اتفقتا من قبل على اتفاق لتقاسم السلطة مقابل عدم محاسبة قادة الجيش القدامى، لكن التسريبات الأخيرة أثارت مخاوف الجنرالات من كسر الاتفاق، مشيرة إلى التشكك الكبير فى وقوف مكتب الرئيس فى تسريب التقرير ضد الجيش. ولعل الإشارة الأخيرة تجيب عن سؤال مطروح وإجابته محصورة بين ثلاث جهات تقف إحداها وراء تسريبات التقرير الضعيف وهى مؤسسة الرئاسة والنيابة العامة ولجنة تقصى الحقائق، ولكن الإلحاح الشديد من بعض أعضاء اللجنة التى تضم أقارب للضحايا والمختفين على إعلان التقرير يشير إلى رغبة البعض فى إظهار مجهوداتهم للنور، رغم ضحالة ما أنجز فى التقرير الذى لم يتضمن بالفعل إلا رصدا لبلاغات بعضها له علاقة بالثورة والآخر بلا علاقة على الإطلاق، مثل بلاغ سيدة عن خروج ابنتها لتلقى درس خاص وعدم عودتها سجلته اللجنة كأحد البلاغات التى استندت إليها للمطالبة بالتحقيق مع قادة عسكريين.