عقدت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور في مصر أمس الأول ثاني جلساتها لبحث أزمة المنسحبين منها بسبب رفضهم لما سموه هيمنة تيار الإسلام السياسي على تشكيل الجمعية. والتقى الأنبا باخوميوس، القائم بأعمال الكنيسة الأرثوذكسية، كلا من شيخ الأزهر ورئيس الوزراء المصري لبحث أزمة التأسيسية، وأكد باخوميوس أن الكنيسة ستترك للأقباط حرية اختيار الرئيس القادم. ومن جانبها استمرت اللجنة العليا للانتخابات في تلقي أوراق المرشحين للرئاسة وتقدم الأربعاء اثنان من المرشحين بينهما الدكتور سليم العوا. وصرح المهندس خيرت الشاطر، المرشح المحتمل للرئاسة عن جماعة الإخوان المسلمين، بأن تطبيق الشريعة سيكون مشروعه الأول حال فوزه بالانتخابات. وقال الشاطر إنه لا توجد بينه وبين المجلس العسكري أي صفقات، وأن كل ما يشاع حول هذا الأمر ليس له أي أساس من الصحة، وأضاف الشاطر في مؤتمر صحفي عقده أمس أن مشروعه وهدفه الأول حال فوزه بالانتخابات الرئاسية هو تطبيق الشريعة وأنه سيعمل على تكوين مجموعة من أهل الحل والعقد لمعاونة البرلمان في تحقيق هذا الهدف. وقال الشاطر، الذي سجن إبان حكم الرئيس السابق حسني مبارك لعدة سنوات، خلال أول ظهور إعلامي له منذ إعلان ترشحه: "لا بد من تخفيف جزء كبير من أعمال وزارة الداخلية للتقليل من وجودها في كل مفاصل الدولة، كما أنه يجب عمل حملات ومحاضرات توعية وتدريب لضباط الشرطة الجدد"، مشيرا إلى أنه يفضل النظام المختلط في الحكم. ولم يكن مستغربا أن يعقد الشاطر أول مؤتمر صحفي له بمقر الهيئة الشرعية للإصلاح والتنمية التي كانت قد أصدرت فتوى بعدم جواز التصويت للمرشحين "الليبراليين أو العلمانيين" في الانتخابات البرلمانية السابقة، حيث يعتبر الشاطر أحد مؤسسي الهيئة، التي بدأت أعمالها رسميا في منتصف العام الماضي في أعقاب انهيار نظام مبارك، مع عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية وعدد من الشيوخ والعلماء، واضعة نصرة الشريعة في مواجهة "المنحرفين والمبتدعة والعلمانيين والملاحدة والتنصير والغزو الفكري الخارجي"، هدفا أوليا لها. من جانبه أكد الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة؛ المشرف على الحملة الانتخابية للشاطر، أن الشاطر تقدم بأوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية امس الخميس، مشيرا إلى أن المستشارين القانونيين للحملة أتموا كل الأوراق المطلوبة للتقديم، والتي من بينها خطاب الحزب بترشح الشاطر بالإضافة إلى تأييد أكثر من 279 نائبا بمجلسي الشعب والشورى طبقا لما كان مستهدفا من الحزب. إلى ذلك انضم اثنان من المرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية بمصر أمس إلى سباق المنافسة رسميا، حيث قدم كل من الدكتور محمد سليم العوا وإبراهيم الغريب، وهو نائب برلماني سابق مستقل، بأوراق ترشحهما إلى لجنة الانتخابات أمس بصفتيهما مستقلين ليصل إجمالي المرشحين رسميا إلى 11 مرشحا في اليوم السادس والعشرين من أيام الترشح للانتخابات. ونفى العوا عقب تقديم أوراقه، التي تضمنت تأييد 30 نائبا من مجلسي الشعب والشورى، ما تردد عن حمله للجنسية السورية هو أو أحد أفراد أسرته، من جانبه تقدم الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل بدعوى قضائية ضد وزارة الداخلية واللجنة العليا للانتخابات أمام مجلس الدولة أمس يطلب فيها من تلك الجهات تمكينه من الحصول على ما يثبت عدم حمل والدته الجنسية الأميركية. وقدم أمس أيضا المرشح إبراهيم محمد الغريب أوراق ترشحه بعد أن جمع 33 ألف توكيل من المواطنين بالمحافظات ليصبح عاشر المرشحين رسميا إلى الانتخابات بصفته مستقلا. إلى ذلك بدأ في وقت متأخر من الليلة الماضية ثاني اجتماع للجمعية التأسيسية لوضع وإعداد الدستور المصري المقبل، لبحث الاعتذارات الأخيرة عن المشاركة في اللجنة وإحلال عدد من أعضاء القائمة الاحتياطية بدلا من المنسحبين الذين انسحبوا بدعوى عدم توازن التمثيل لأطياف الشعب بالجمعية، وكان على رأس المنسحبين كل من الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية، والتقى الأربعاء الأنبا باخوميوس، قائمقام البابا القائم بأعمال الكنيسة الأرثوذكسية في مصر، كلا من شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، والدكتور كمال الجنزوري، رئيس الوزراء. + وقال الأنبا باخوميوس في مؤتمر صحافي عقب لقائه الجنزوري إن الكنيسة الأرثوذكسية لن تدعم مرشحا رئاسيا بعينه، وإنها تترك للأقباط حرية الاختيار، موضحا أن المادة الثانية من الدستور (محل خلاف)، لا تمثل مشكلة للكنيسة، وقال: "كل ما يهمنا أن يحتكم كل فرد إلى شريعته، فمن حقنا أن نحتكم إلى ديانتنا في الأمور التي تستلزم ذلك"، مشيرا إلى أن حل أزمة تأسيسية الدستور يكون بمشاركة جميع أطياف الشعب في القضايا المتعلقة بالمواطن، وألا يستأثر البرلمان بوضع الدستور، لأن الديمقراطية لا تعني ديكتاتورية الأغلبية"، نافيا في ذات الوقت أن يكون انسحاب الأزهر والكنيسة تم باتفاق، لافتا إلى أن كل طرف على حدة درس موضوع الدستور واتخذ قراره. وقال باخوميوس في تصريحات ل"الشرق الأوسط" إن الكنيسة تسعى إلى حث الأقباط على المشاركة السياسية في إطار الديمقراطية، واختيار المرشح الرئاسي الذي يرون أنه سيحقق تطلعاتهم كمواطنين، وأضاف: "من الطبيعي أن يكون للأقباط تطلعات ومطالب تتعلق بالديمقراطية والمواطنة وهو حال جميع المصريين بعد الثورة، لذلك من الطبيعي أيضا أن يكون تصويت الأقباط في الانتخابات الرئاسية قائما على هذه المحددات التي ستقوم في النهاية بالمفاضلة بين المرشحين الذين يتبنون فكرة الدولة المدنية القائمة على المواطنة وعدم التمييز"، وتابع: "نحن نؤمن بالحوار المستنير المبني على أركان مهمة في مقدمتها قبول الآخر المختلف في الدين والأفكار".