هل نجحت إدارة الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين فى جر المعارضة إلى معركة سياسية يخسرون فيها حتى لا يركزوا فى المعركة الاقتصادية مضمونة النجاح بالنسبة لهم؟!.يبدو أن الأمر كذلك بالفعل. ليس هذا رأيى، بل هو رأى مجموعة من خبراء الاقتصاد المرموقين استمعت إليهم واستفدت منهم كثيرا قبل أيام، وخلاصة قولهم أن الإخوان ناجحون سياسيا وفاشلون اقتصاديا ولذلك جروا المعارضة إلى ملعبهم. المواطنون لن يأكلوا شريعة، بل يريدون خبزا وشققا وخدمات أساسية، ولأن الحكومة لا تملك هذه الأشياء أو عاجزة عن تحقيقها فهى تهرب إلى الأمام وتخترع معارك سياسية يغرق فيها الجميع وينسون معركتهم الأصلية. بالطبع معارك الدستور وقوانين الانتخابات وكل ما هو متعلق بتأسيس حياة سياسية مستقرة، مهمة للغاية، لكن الذى حدث أن الإخوان نجحوا فى جرجرة المعارضة إلى معارك استنزاف فرعية كثيرة، لدرجة أن كثيرا من المواطنين يعتقدون أن المشكلة والصراع والأزمة بين التيار الإسلامى والتيار الليبرالى هى صراع بين الدين الإسلامى وبين مجموعة من الكفار والمشركين!!!. يعلم الجميع وأولهم الإخوان أنفسهم أن المعركة الفعلية لا تتعلق بالدين بل بالاقتصاد وحياة الناس ومستقبلهم. هم يحاولون إيهام الناس أنهم حققوا معجزات وأهمها أنهم طردوا العسكر خارج حلبة السياسة وأنهم حرروا غزة، ويعلم الجميع أن ذلك ليس صحيحا، وفى أفضل الأحوال ليس دقيقا. أحد أكبر أخطاء التيار الليبرالى أنه انجر ب«هبالة منقطعة النظير» إلى معارك هامشية للغاية، وبدا الأمر وكأنه يحارب الإسلام، فى حين أن المعركة الكبرى يجب ان تجرى فى أماكن أخرى ليس من بينها الدين. كان من الأسهل للمعارضة ولايزال الأمر قائما أن تلاعب الإخوان بقواعد الاقتصاد وليس بالسياسة. وعلى حسب تعبير اقتصادى كبير يعرف جيدا حقيقة الأزمة التى نعيشها وخطورتها فالمطلوب من المعارضة أن تذهب للإخوان والسلفيين وتقول لهم بوضوح: «نحن لا نختلف معكم بشأن الشريعة اطلاقا، لكن نختلف معكم كثيرا بشأن الاقتصاد». على المعارضة أن تخرج بسرعة من ملعب «الدين» الذى تم اصطيادها وإيقاعها فيه وتذهب إلى الملعب الاقتصادى الاجتماعى، كى تلعب وسط جمهورها الطبيعى. الإخوان وخلافا لاعتقاد كثيرين حسب رأى خبير اقتصادى بارز ماهرون فى المعارك السياسية الجانبية حتى لا يتم «حشرهم» فى المعركة الأساسية وهى معيشة الناس وهمومهم. المعارضة تستطيع أن تربح المعركة بسهولة إذا ذهبت للناس وتحدثت معهم ببساطة عن مشاكلهم الحياتية وتقديم بدائل واضحة ومحددة لهم. الناس العادية لا تحتاج لمن يعلمها دينها، هى تحتاج لمن يقدم لها خبزا وعملا وخدمات أساسية. فى لحظة سوف تأتى إن آجلا أو عاجلا سوف يكتشف كثير من أنصار التيار الإسلامى أنه لا يملك عصا سحرية لحل المشاكل الصعبة. فمن سيكون البديل؟!. لو استمرت المعارضة متقوقعة فى قضايا نخبوية فقط، فلن يشعر بها الناس كثيرا، وقد يضطرون فى هذه الحالة إلى تحمل الإخوان، طالما أنهم لا يجدون بديلا جاهزا. الحل الطبيعى أن تنزل المعارضة للناس وتقول لهم: نحن البديل الاقتصادى والاجتماعى للإخوان وسنحل لكم مشاكلكم، بل ومن دون الادعاء بأننا مبعوثون من السماء. يحتاج الناس أن يسمعوا من المعارضة كيف سيوفرون لهم الوقود، وكيف سيبنون المصانع، وكيف سيطورون التعليم ومن أين سيمولون هذا التطوير، والحال نفسه بالنسبة للصحة وغالبية الخدمات. فى المعارك السياسية قد ينجح الإخوان فى تحويلها إلى صراع دينى عقائدى سوف يكسبونه حتما، لكن عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، فلن يستطيعوا ذلك. فهل تفلت المعارضة من المصيدة وتعود إلى ملعبها الطبيعى؟!