المواجهة خير وسيلة لعلاج الأزمات وتصفية الخلافات، قاعدة محمودة فى إطار العلاقات الإنسانية، الرئيس محمد مرسى ونائبه المستشار محمود مكى تعمدا السير عكسها فى التعامل مع مشكلة الاعتراض على الإعلان الدستورى، بعد إصداره قامت الدنيا ولم تقعد.. ونظمت القوى المدنية والليبرالية مليونيتين بميدان التحرير معلنين رفضهم التام له، لم يكترث الرئيس واكتفى بالرد على الحناجر «المبحوحة» المعارضة بعدة تصريحات وإجابات هادئة.. جاءت على لسانه فى لقاء تليفزيونى مسجل بثه التليفزيون المصرى يوم 29 نوفمبر. ثلاثة أيام فاصلة بين حوار الرئيس ومقابلة نائبه.. التى حظيت بالصيغة الإخراجية لحوار مرسى.. لقاء «مكى» يوم 2 ديسمبر الجارى كان مسجلا جاهزا، اللقاءان فى التليفزيون أعِدّا خصيصا للرد على غضب الشارع المصرى تجاه قرارات الرئيس الأخيرة، الرئيس الذى ضرب المقاييس فى عدد خطاباته مع كل زيارة أو مناسبة.. ابتعد هذه المرة عن الخطابة المباشرة وهرول إلى التليفزيون المصرى ليعد و«يهندم» حوارا مسجلا، يحفظ به ماء وجهه أمام الشعب الثائر.. ويكسر قاعدة صمته على مطالباته بالتراجع عن القرارات أو الرحيل. النافذة التى تحدث منها «مرسى» ونائبه إلى الشعب، خرج منها الرئيس السابق حسنى مبارك 3 مرات فى ال18 يوما الأخيرة فى حكمه، ملقيا كلماته المسجلة سابقا إلى الجماهير الغفيرة الرافضة بقاءه فى الحكم، ومحاولا تهدئة غليان الشارع وانقلابه عليه، الأيام الأخيرة لمبارك رئيسا انتهت بخطاب التنحى التاريخى، ألقاه نائب الرئيس السابق عمر سليمان وكان خطابا مسجلا أيضاً، «تكنيك» موحد انتهجه مبارك ومرسى فى التعامل مع الأزمة والشارع المصرى؛ البعد عن مواجهة عيون الجماهير المترقبة وتفضيل إذاعة الأحاديث المسجلة بعد مراجعة كل جملة وكلمة بالعبور على مرحلة «المونتاج» -حسب د. سامى الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق- «نوع من الهروب من التلقائية التى توقعه فى الأخطاء»، هكذا وصف «الشريف» تحول الرئيس ونائبه إلى اللقاءات المسجلة سلفا، موضحاً أن مرسى مفتقد لكاريزما الخطيب: «مخاطبة الجماهير سياسيا غير مخاطبة المصلين فى المسجد، وهو خطيب دينى بارع»، «الشريف» يقول عن الرئيس: «نحن أمام حالة نادرة.. فهو خطيب مفوه، وعندما يتحدث ارتجاليا يخطئ أخطاءً فادحة»، مؤكدا أن إدارة الأزمات تحتاج تواصلا مباشرا بين المسئول والجمهور. أستاذ الإعلام يضيف أن «مرسى فى خطاباته التلقائية يتسم بالعدوانية مثل خطابه أمام قصر الاتحادية، وأعتقد أن أحد مستشاريه أوصوه بعدم الارتجال واللجوء إلى تسجيل التصريحات واللقاءات»، مؤكدا أن اللقاء التليفزيونى الأخير كان «ممنتجا» وبه قطع واضح «لكن أحيانا الحفاظ على صورة الرئيس والمسئولين تستدعى مثل هذه الخطابات واللقاءات المسجلة».