سنوات من المعاناة في ظل المحاكمات العسكرية، لم تمنع أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، خصوصا أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، من الموافقة أمس على المادة 198 من مسودة الدستور الجديد، والتي تنص على محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى فى الجرائم التى تضر بالقوات المسلحة، على أن يحدد القانون تلك الجرائم. لاقت المادة رفضا تاما من نشطاء "لا للمحاكمات العسكرية" والحقوقيين، الذين أكدوا أن المادة تبقي الوضع كما هو عليه، فتسمح للقوات المسلحة أن تحاكم المدنيين المتظاهرين، بحجة التعرض لمنشآتهم أو جنودهم، مشيرين إلى أكثر من 15 ألف مصري حوكموا عسكريا خلال فترة حكم المجلس العسكري الوجيزة. نرصد هنا بعضا من تلك المحاكمات التي طالت كثير من قيادات الإخوان، مثل عصام العريان ومحمود غزلان وحمد على بشر، والذين لم يجدوا حرجا في القبول بمحاكمة المدنيين عسكريا، برغم ما عانوه، هم وزملائهم في الجماعة، من محاكمات عسكرية في ظل الدستور المعطل، ومن قبله خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. المحاكمة العسكرية الأولى: في العام 1954، تعرض الرئيس عبد الناصر لمحاولة اغتيال في ميدان المنشية بمحافظة الإسكندرية، واتهم وقتها جماعة الإخوان المسلمين، وبدأت حملة الاعتقالات وصدرت أحكاما بالسجن بدأت من عشر سنوات وحتى الأشغال الشاقة المؤبدة، فى حين حكم على 7 من الأعضاء البارزين بالإعدام. المحاكمة العسكرية الثانية: وفى العام 1965 وجهت محكمة أمن الدولة عدة تهم لأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين على رأسهم سيد قطب بالتحريض على تغيير دستور الدولة ونظام تشكيل الحكومة فيها بالقوة، بأن ألفوا من بينهم وآخرين تجمعًا حركيًا وتنظيمًا سريًا مسلحًا ل"حزب الإخوان المسلمين المنحل" يهدف إلى تغيير نظام الحكم واغتيال رئيس الجمهورية. وأكدت الاتهامات أنهم تزودوا في سبيل ذلك بالمال اللازم وأحرزوا مفرقعات وأسلحة وذخائر، وقاموا بتدريب أعضاء التنظيم علي استعمال هذه الأسلحة والمفرقعات، وأصدرت المحكمة حكما بإعدام عشرة من أعضاء الجماعة شنقا، على رأسهم سيد قطب. المحاكمة العسكرية الثالثة: وكانت هذه هي المحاكمة الأولى فى عهد الرئيس محمد حسني مبارك، حيث تم القبض على 49 عضوا من قيادات الجماعة في 2 يناير من العام 1995، عقب اجتماع لمجلس شورى الجماعة، وتم تحويل المجموعة إلى القضاء العسكري بتهمة إعادة إحياء جماعة محظورة. وانتهت القضية بالحكم على 34 من أعضاء الجماعة بالسجن ما بين 3 سنوات و خمس سنوات لآخرين، وكان على رأسهم عصام العريان وخيرت الشاطر ومحمد حبيب. المحاكمة العسكرية الرابعة: في 23 نوفمبر 1995، اعتقل 33 قيادياً في جماعة الإخوان المسلمين، وحصل 20 منهم على أحكام تتراوح من 3 إلى 5 سنوات، وكان من بينهم الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح والدكتور محمود عزت. المحاكمة العسكرية الخامسة: قضية حزب الوسط، هكذا اشتهرت فى العام 1996، حيث تم اعتقال 13 من قيادات ورموز الجماعة، على رأسهم محمد مهدي عاكف وأبوالعلا ماضي، بسبب التقدم بأوراق لتأسيس حزب سياسي باسم "حزب الوسط" في 10 يناير 1996 وتم رفضه حينها. المحاكمة العسكرية السادسة: قضية النقابيين، وهي المحاكمة العسكرية الخامسة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث اعتقل 20 من أبرز الناشطين النقابيين في العام 1999، وأصدرت النيابة العسكرية قرارا بإحالة المتهمين إلى المحكمة العسكرية العليا في 12 ديسمبر 1999. وجاء على رأس قائمة المحكوم عليهم بالسجن 5 سنوات، محمد على بشر، ومحمد بديع سامى. المحاكة العسكرية السابعة: في 6 نوفمبر 2001 ، ألقت قوات الأمن القبض على 22 من رموز وقيادات جماعة الإخوان المسلمين، فيما عرف بقضية أساتذة الجامعات، وكانت المرة السادسة التى يحاكم فيها الإخوان عسكريا فى عصر المخلوع. وجاءت حملة الاعتقالات عقب مظاهرة بالجامع الأزهر من أجل فلسطين، واستغرقت المحاكمة 19 جلسة على مدار نحو 8 أشهر، وانتهت بأحكام تتراوح من 3 إلى 5 سنوات، وكان من أشهر المعتقلين فى هذه القضية محمود غزلان. المحاكمة العسكرية الثامنة: للمرة السابعة واجه الإخوان المسلمون اتهامات فى محاكمة عسكرية خلال حكم المخلوع حسني مبارك، حيث اعتقلت مباحث أمن الدولة في 14 ديسمبر 2006 عدداً من قيادات الجماعة على رأسهم خيرت الشاطر وحسن مالك ومحمد علي بشر. واستمرت المحاكمة لأكثر من 70 جلسة سرية، بدأت في 26 أبريل 2007، وانتهت بصدور الحكم في جلسة 15 أبريل 2008، على 25 من قيادت جماعة الإخوان المسلمين بالسجن لمدد تتراوح بين 3 وحتى 10 سنوات بتهم مختلفة منها غسيل الأموال والانتماء لجماعة محظورة.