الاعتراض بأعواد الذرة وثمار الباذنجان والفلفل كان آخر «التقليعات» التى اتخذ منها المتظاهرون وسيلة للتعبير عن غضبهم، حين تجمع نحو 2000 من مزارعى مدينة السادات أمام مجلس الوزراء للمطالبة بتملك أراض استصلحوها، مرددين هتافات يناشدون فيها رئيس الوزراء تقنين أوضاع أراضيهم، قبلها بأيام كان المارة بشارع قصر العينى وعلى الرصيف نفسه قد فوجئوا بمجموعة من عمال شركة النيل لحليج الأقطان بالمنيا قد خلعوا ملابسهم الصعيدية من جلباب وعمة وظلوا بملابسهم الداخلية، قبل أن يجلسوا فى نهر الطريق اعتراضا على المسئولين فى مجلس الوزراء لعدم التدخل لدى صاحب الشركة الذى توقف عن صرف رواتبهم منذ سبتمبر الماضى 2011، وكذلك كان اعتصام عمال النقل العام -قبل شهرين- بأتوبيساتهم وسيلة لحل أزمتهم المالية. قبل الثورة بشهور كانت هناك طرق عديدة للاعتراض من نوع المشكلة نفسه، فكان الوقوف بالحلل وأرغفة العيش فى الميادين العامة شكلا منتشرا للاعتراض على المرتبات الضئيلة التى لا تكفى المواطنين «أكل العيش»، وكذلك كانت الوقفات بالشموع تعبيرا على التنديد بانقطاع التيار الكهربائى المستمر، وأحيانا لشجب حبس بعض الصحفيين فى إشارة ل«عتمة الزنازين». «وسيلة للفت الأنظار» يعقب بها أحمد يحيى، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة قناة السويس، على استخدام المتظاهرين أدوات من نمط مشكلاتهم، معتبرا أن كل إنسان يظهر أزمته الخاصة من منطق يتوافق مع ثقافته فالأحزاب تقيم المنصات والمثقفون يستخدمون اللافتات والفلاح يحمل الذرة والسائق يعترض باستخدام أتوبيسه فى غلق الطريق والطبيب يسير بالبالطو فى صمت، قبل أن يوضح أن ذلك قد يعود إلى ضعف الإمكانيات فالعامل البسيط قد لا يجد المال لعمل دعاية أو منشورات أو رفع لافتات فتبقى له أدواته البسيطة كالاعتراض بالخضراوات أو حتى خلع الملابس، قبل أن يتساءل أستاذ علم الاجتماع السياسى عن دور الدولة التى لا تتحرك سوى بالتظاهر والاعتصام؟ الأمر الذى يجعل المواطن لا يشعر بأى تغيير دون الوقوف على باب المسئول.