اعتاد أحمد لبيب الذى يعمل مدير تسويق لدى إحدى الشركات المالية، وعمل فى إدارة تسويق أحد البنوك فى وقت سابق، على قضاء مشترياته اليومية باستخدام بطاقة الائتمان «كريدت كارد»، التى يطلق عليها فى العالم المصرفى «النقود البلاستيكية». لم يكن يعلم عند قيامه باستخدام بطاقته الائتمانية، لدى أحد البنوك الكبرى، أنه يتعرض لعملية نصب ونهب، تستهدف تحقيق أعلى المكاسب على حسابه، كما لم يعلم أن تلك العملية ستصل به إلى مرحلة تعثر فى سداد مديونيات لم يحصل عليها. قصة أحمد -الذى رفض التصوير لدخوله فى نزاعات قضائية مع أحد البنوك- بدأت مع بطاقة الائتمان منذ 5 سنوات، عندما توقف عن السداد فى يناير من العام الماضى، على مديونية قيمتها 2000 جنيه فقط، ليفاجأ فى أوائل العام الجارى بكشف حساب تصل مديونيته إلى 4400 جنيه بعدما توقف عاماً عن استخدام البطاقة أصلا. أحمد واحد من ملايين المصريين الذين يحملون بطاقات الائتمان، البالغة 10 ملايين بطاقة فى مصر، وفقا لدراسة مؤسسة فيزا العالمية، والتى يستخدمها البعض لشراء احتياجاتهم اليومية بدلا عن حمل مبالغ مالية، فيما يستخدمها البعض كنوع من الوجاهة الاجتماعية، بينما يحملها آخرون لحل أزمات مالية عاجلة وسريعة يتعرضون لها بسبب التزامات وقتية مفاجئة. تقول دراسة «فيزا» إن بطاقات الائتمان تستخدم مرتين أسبوعيا، وإن أغلب إنفاق المواطنين بواسطتها يكون فى المطاعم ووسائل الترفيه، حيث تبلغ نسبة الإنفاق بها 65% من قيمة الإنفاق العام بهذه الوسيلة، ويأتى الصرف على الموضة والإكسسوارات فى المرتبة الثانية، باستخدام بطاقات الائتمان، حسب الدراسة. لم يعبأ الملايين من حاملى البطاقات، أمثال أحمد، بما قد تجلبه تلك البطاقة الخفيفة الأنيقة من مشاكل، التى تسمح لحامليها باقتراض مبالغ تفوق 3 أضعاف دخولهم الشهرية، وتتمثل المشاكل فى ارتفاع المديونية والتعثر المالى، وربما تصل لساحات القضاء. «الوطن» أجرت تتبعا للبنوك العاملة فى مصر، التى يبلغ عددها 39 بنكا، وتقدم عمليات التجزئة المصرفية، ومن بينها «بطاقات الائتمان»، التى تعتبرها البنوك الورقة الرابحة فى استثماراتها، بهدف معرفة طريقة حساب الفائدة، لتضع يديها على عدة مفاجآت واكتشافات، تفسر تركيز البنوك على التوسع فى قطاع التجزئة المصرفية؛ أولها أن معدل سعر الفائدة يتراوح ما بين 18% إلى 37% سنويا، يحسبها كل بنك وفقا لظروفه الخاصة وتكلفة الأموال لديه، بما يجعل قطاع «التجزئة المصرفية» الأكثر ربحا، بل الأكثر جاذبية لديها، ما جعل البنوك تنطلق فى التوسع فى هذا النظام، متجاهلة الهدف الرئيسى من أعمال البنوك «الاستثمار» وتوفير التمويل للشركات، وتركت الهدف المرجو من بطاقات الائتمان، ألا وهو تنشيط الاقتصاد، ليتحول نشاطها إلى ما يشبه الصراع لنهب أموال المواطن وتحقيق أعلى المكاسب على حسابه فى ظل غياب ضوابط تحكم عمل البنوك فى قطاع «النقود البلاستيكية». البنوك تتلاعب بالعملاء وتحتسب الأموال المدفوعة من الشريحة الأقل فائدة لإغراقهم فى الديون . وتكشف تقارير البنك المركزى عن شهر يناير الماضى، عن أن قطاع التجزئة المصرفية فى مصر بلغ 103٫4 مليار جنيه تمثل نحو ربع إجمالى القروض الممنوحة للشركات خلال نفس الفترة، بينما تعتبر دراسة شركة فيزا العالمية أن حجم الإنفاق باستخدام بطاقات الائتمان يبلغ 2٫5% من إجمالى حجم الإنفاق العام، وترى أن النسبة منخفضة إذا ما قورنت بالعديد من الدول الأخرى، مثل إنجلترا التى يبلغ فيها حجم الإنفاق 40% باستخدام بطاقات الائتمان. وهنا يفرض السؤال نفسه: «لماذا تنخفض نسبة الإنفاق باستخدام بطاقات الائتمان فى مصر بالمقارنة بالدول الأخرى؟»، جاءت الإجابة من بسنت فهمى الخبيرة المصرفية ومستشارة أحد البنوك الكبرى، قائلة إن «ثقافة الاستثمار والتعامل فى البنوك لدى الدول الأوروبية والأمريكية، وبعض الدول العربية، مرتفعة للغاية، على عكس مصر»، لكن الخبيرة المصرفية أكدت أن هناك أسبابا أخرى بخلاف الثقافة، تتمثل فى التسهيل على العملاء، وانخفاض سعر الفائدة، بخلاف أن أوروبا تحديدا تهدف إلى زيادة النمو الاقتصادى، وتحريك الاقتصاد، ما دفعها لوضع ضوابط للتعامل ببطاقات الائتمان لتنشيط المشتريات والحفاظ على مصلحة العميل. ولهذا الهدف أصدر البنك المركزى الأوروبى قرارا بدأ تطبيقه فى يناير 2011، يلزم البنوك التى تمنح بطاقات الائتمان باستخدام طريقة دقيقة، عند استرداد وتحصيل أى أموال من العملاء المدينين، تتمثل فى خصم المبلغ المدفوع من المبالغ التى يتم احتساب فائدة عليها، وهى فى أغلب الأحيان عمليات السحب النقدى، يحقق هذا القرار الحفاظ على مصلحة العميل إلى جانب دفع العميل لإجراء تعاملاته بالبطاقة الائتمانية بشكل دائم، بما يساعد فى عملية الخروج من الركود الاقتصادى والكساد نتيجة لزيادة المشتريات والإنفاق. نقلا عن شبكة اخبار مصر enn