«هنقضى على ظاهرة الباعة الجائلين بعمل أسواق فى كل المحافظات فى أماكن قريبة من أماكنهم الأصلية» تصريح حكومى لم يصدقه الباعة الجائلون الذين يعنيهم الخبر، ومنهم «عم همام» الذى يقف على رصيف ميدان الأوبرا إلى جوار محطة مترو العتبة، بفَرشة «نظارات.. ملابس.. أدوات رياضية.. أدوية منشطات.. إيشاربات.. وأدوات منزلية». الرجل الأربعينى الذى لا يملك من حطام الدنيا سوى فَرشة الملابس وأربعة أطفال وأمهم، هاله التصريح وقال: «معقول الحكومة هترضى عننا وتتعامل معانا زى البنى آدمين»، واعتبره كلام جرائد ومجرد ضحك «ع الدقون». ذات يوم وبينما كان الباعة الجائلون مشغولين ببضائعهم التى تفترش الرصيف جاء بعض أفراد من الحى لتخطيط حديقة الأزبكية ووضع أكشاك للباعة، وكان هذا كفيلاً برسم ابتسامة على شفاه الباعة الذين لم يصدقوا ما يحدث. «يا فرحة ما تمت».. جملة تفوّه بها «عم همام» بعد لحظات من البسمة التى علت وجهه، بعد أن عرف أن السوق ستكون يومين فقط فى الأسبوع، ولن يكون هناك مكان ثابت للباعة. «ما احنا برضه قولنا الحداية عمرها ما تحدف كتاكيت»، حديث دار بينه وبين «الست عواطف» صاحبة فَرشة النظارات أمام الحديقة «يعنى كل يوم ندفع مصاريف نقل 50 جنيه عشان نشيل بضاعتنا من سوق لسوق». لم ينتهِ المشهد عند هذا الحد فهناك وقف بلطجى منتظراً انتهاء الاحتفال وذهاب كل موظف من الحى إلى طريقه ليدخل هو شاهراً سيفه: «اوعوا تفتكروا الحكومة هتقعدكم هنا.. الأكشاك دى أنا اللى هملّكها للى هيدفع»، ينهار «همام» البائع المتجول أمام تهديد البلطجى، ويصرخ: «يا ريت الحكومة ما افتكرتنا».