الوطنية للانتخابات: تلقينا 19 شكوى وتم التعامل معها    الجامعة البريطانية توقع بروتوكول تعاون مع ولفرهامبتون البريطانية    اليوم.. الكنيسة القبطية تحتفي بيوم الصحافة والإعلام في المقر البابوي بالعباسية    تسليم 1146 بطاقة خدمات متكاملة لذوي الإعاقة بالشرقية    رئيس الوزراء يصدر 18 قرارًا جديدًا اليوم    مدبولي: الحكومة تضع دعم البحث العلمي والابتكار على رأس أولوياتها    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    ترامب: الولايات المتحدة مدعوة إلى اجتماع في أوروبا    وزير السياحة السوري: إلغاء قانون قيصر يعزز حضورنا على الخريطة الإقليمية والدولية    الناطق باسم "الأونروا": إسرائيل تحول غزة إلى مكان غير صالح للحياة    عقب أزمة ليفربول، هل بدأت مفاوضات الأندية السعودية مع محمد صلاح؟    شوبير: الأهلي ينجز صفقة يزن النعيمات ويقترب من تجديد عقد حسين الشحات    سباليتي: الأمور تبدو أفضل مع تحقيق الفوز.. وتعرضنا لمواقف محرجة أمام بافوس    ضبط 71 حالة تعاطى مخدرات بين السائقين و109 آلاف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    هشام عبية عن "الست": يرسخ تأثير السينما المصرية وتقديم الملاحم بمواصفات عالمية    التراث العربي: إدراج الكشري في قائمة اليونسكو خطوة مبهجة تعزز الهوية الثقافية المصرية    وزير التموين يفتتح سوق اليوم الواحد بمنطقة بالمرج السبت    «أسامة ربيع»: نستهدف تحقيق طفرة في جهود توطين الصناعة البحرية    وصول 60 ألف طن قمح روسى لميناء دمياط    كأس العرب - استبعاد لاعب السعودية حتى نهاية البطولة    ترامب يعلن موعد إعلان مجلس السلام الخاص بغزة.. تفاصيل    طلع على الشط لوحده.. التفاصيل الكاملة لاصطياد تمساح الزوامل بعد حصاره    إطلاق قافلة زاد العزة ال 92 إلى غزة بحمولة 9,800 طن مساعدات إنسانية.. صور    إغلاق مطار بغداد موقتًا أمام الرحلات الجوية بسبب كثافة الضباب    الليلة.. حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    صحة الجيزة ترفع جاهزية الفرق الوقائية استعدادًا لحملة التطعيم ضد مرض الحصبة    أزمة محمد صلاح وليفربول قبل مواجهة برايتون.. تطورات جديدة    ضبط أكثر من 109 آلاف مخالفة مرورية فى يوم واحد    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    قرارات النيابة في واقعة اتهام فرد أمن بالتحرش بأطفال بمدرسة شهيرة بالتجمع    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    الدفاع المدني بغزة: تلقينا 2500 مناشدة من نازحين غمرت الأمطار خيامهم    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي ل 6 مدن بمحافظتي الشرقية والقليوبية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    جوارديولا: لسنا جاهزين لحصد دوري الأبطال الآن.. والتأهل ضمن أول 8 مراكز بأيدينا    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    تحريات لكشف تفاصيل مصرع طفلة وإصابة والدتها وشقيقها بعد تناول بسكويت بأكتوبر    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    قوات الدفاع الجوى الروسية تدمر 287 طائرة مسيرة أوكرانية ليلا فوق مناطق عدة    أسعار اللحوم في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    وزارة الصحة تطمئن المواطنين: لا وجود لفيروس «ماربورج» في مصر    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    مراكز الإصلاح والتأهيل فلسفة إصلاحية جديدة.. الإنسان أولًا    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وائل عبد الفتاح يكتب : حكاية الدكتور عمارة 2
نشر في أخبار النهاردة يوم 27 - 08 - 2012

نشر الدكتور محمد عمارة فى بداية السبعينيات أعمال رفاعة الطهطاوى وقاسم أمين وعلى عبد الرازق.. وغيرها مما يعرف بتراث التنوير.
هذا الوقت كان أول خيوط الانتقال من شعبية خطاب القومية العربية الذى روجت له أجهزة الدعاية فى دول الجنرالات. كان الموديل القومى فى عز صعوده يحتاج إلى شعرة من اليسار.. فظهر اختراع: الاشتراكية العربية. وإلى شعرة أخرى من اليمين فظهرت: العروبة والإسلام، ومع كل شعرة كان لا بد من ركاب الموجات و«ترزية» أفكار يلفقون، ويرقعون، ويخرجون بالموديل على ذوق الجنرال الحاكم، لكن بعد هزيمة يونيو 1967 انحسرت نجومية الجنرالات، وأصيب الموديل القومجى بمقتل. وكنوع من رد الفعل بحث الشطار عن دواء للجروح القومية فى الإسلام. كان الزمن مفتوحًا والهزيمة لم تتمكن بعد من العقول والأرواح. البداية كانت مع اكتشاف ما يسمى التراث العقلانى المستنير فى الفكر الإسلامى. ولهذا لم يكن غريبًا أن ينشر الدكتور محمد عمارة كتاب على عبد الرازق «الإسلام وأصول الحكم» أولا فى مجلة «الطليعة» عام1971. وهى مجلة اقتطعها النظام الناصرى من جسد مؤسسته العاتية «الأهرام» ليستوعب اليسار. ثم ينشره كاملا (1972) مع دراسة وافية للظروف والملابسات التى أحاطت بنشره عام 1925 مزودًا بالوثائق الأساسية.. وذلك فى «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» فى بيروت. وهى مؤسسة ذات هوى قومى كما يبدو من اسمها وقائمة إصداراتها. كانت كل التيارات القريبة من مطبخ النظام الناصرى تشعر بالهزيمة، لكنها تبحث عن أفكار ذات جاذبية للجمهور الواسع. النظام عثر فى حكاية ظهور العذراء فى كنيسة الزيتون (1968) على مبتغاه، والسياسيون حاولوا إثبات «إسلامية» أفكارهم أو تمرير بضاعتهم بغلاف عليه شعارات «إسلامية».
هكذا احتفى محمد عمارة بكتاب على عبد الرازق على أساس أنه: «امتداد متطور للشيخ محمد عبده فى الإصلاح الدينى، بل إن آراءه فى موضوع الخلافة كانت فى عدد من نقاطها الجوهرية، وليس فى كلها، تفصيل وبلورة وتطوير لآراء الأستاذ الإمام فى ذات الموضوع»، والمعروف أن كتاب «الإسلام وأصول الحكم» كان ضربة لأحلام الملك أحمد فؤاد فى اقتناص «الخلافة» بعد نجاح ثورة كمال أتاتورك عام 1924 فى إقصاء السلطان عبد الحميد. كتاب على عبد الرازق أثار الملك فؤاد، لأنه ينفى مبدأ وجود الخلافة فى تاريخ الإسلام، بينما الملك يقيم مؤتمرًا إسلاميًًا عالميًا للخلافة ويصدر مجلة ويكوِّن خلايا شعبية فى الريف المصرى لتنظيم هذه الدعوة. الشيخ على عبد الرازق يختم كتابه قائلا: «وتلك جناية الملوك واستبدادهم بالمسلمين فأضلوهم عن الهدى وعموا عليهم وجوه الحق وحجبوا عنهم مسالك النور باسم الدين، وباسم الدين أيضًا استبدوا بهم وأذلوهم وحرَّموا عليهم النظر فى علوم السياسة.. وباسم الدين أيضا خدعوهم وضيقوا عقولهم.. فصاروا لا يرون لهم وراء ذلك الدين مرجعا».
أى أن الشيخ كان ضد «أحلام» السلطان، والسلطان عثر على مشايخ عاقبوا الشيخ المتمرد. ومحمد عمارة فى 1972 كان فى صف على عبد الرازق... ويقول إن دافعه فى إعادة نشر الكتاب هو أن «نصل الحاضر الذى نعيشه والمستقبل المأمول بأكثر هذه الصفات إشراقًا وأعظمها غنى، ونتعلم الشىء الكثير من شجاعة هؤلاء الذين اجتهدوا وقالوا ما كانوا يعتقدونه صوابًا، هذا الذى قالوه خطأ دونما رهبة من الذات المصونة التى تربعت على العرش فى بلادنا قبل يوليو 1952». ماذا حدث لكى يتراجع محمد عمارة نفسه بعد 22 عامًا عن رأيه الإيجابى فى الكتاب؟! ليس هذا فقط، بل إنه وجه إلى الكتاب ومؤلفه قذائف الاتهامات، وقال فى مقالاته بصحيفة «الشعب» عام 1994 إن الكتاب يخدم أهداف الاستعمار الغربى فى محاولته للقضاء على الخلافة سعيًا إلى «علْمنة» (المجتمعات الإسلامية) والحقيقة هى العكس طبعًا فقد كان هناك تحالف بين الإنجليز والسرايا لكى يتم تنصيب الملك أحمد فؤاد خليفة للمسلمين بعد قرار (أتاتورك بإلغاء الخلافة...)، وهذا انقلاب فكرى ينحاز فيه محمد عمارة إلى فريق التحالف بين السلطان و(الاستعمار) ضد الشيخ المتمرد على مؤسسته الراكدة. لماذا انقلب محمد عمارة على نفسه عام 1994؟
غالبًا هى رغبة فى ركوب موجة الإحباط السياسى وتفسير الهزيمة على أنها ابتعاد عن الله. واختصر مهاراته فى ندب الواقع. احتقار كل منجزات الإنسان. وتلويث كل المخالفين له بتحويل أفكارهم إلى تهم. ولم تعد العلمانية والاشتراكية والليبرالية أفكارًا أو اجتهادات بشرية، بل «مؤامرات استعمارية» أو «خروج عن العقيدة»... أو «كفر وإلحاد». وأحب محمد عمارة لعبة مفتش البوليس. يطارد كل من يكتب ليبحث فى عقيدته بدلاً من مناقشة أفكاره. وهذا ما جعله يعلن فى مقالات «الشعب» 1994 اكتشافه المذهل أن «طه حسين هو الذى كتب (الإسلام وأصول الحكم)» ووضع اسم الشيخ على عبد الرازق عليه. ومن الطبيعى أن محمد عمارة وهو يكتب هذا الكلام لا بد أنه كان ينتظر التصفيق الحاد من جمهور الترسو.
ولا بد أنه فعل ذلك وهو يروج لفكرة أن تحرير القدس يبدأ بالتخلص من الشيعة.
وهذه حكاية أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.