إننى اتصلت بك تليفونيا من فرنسا فور سماعى برحيل زميل عمرى «سلامة أحمد سلامة»، وسمعت منك مباشرة تفاصيل تلك الأيام والساعات الأخيرة من حياة ذلك الصديق الحبيب، ومع ذلك فإنى حتى هذه اللحظة لا أكاد أصدق أن «سلامة» قد رحل عن دنيانا وفارقنا مسافرا فى الغروب، لاحقا بموكب طويل من الرجال الذين عرفتهم مصر فى مراحل القوة والعز فى تاريخها. وأعلم يقينا كم أن الأزمة التى يعيشها وطننا وأمتنا فى الظروف الراهنة أثرت على ذلك الرجل المرهف الحس، والصادق مع نفسه ومع قارئه. وأعرف ومنه مباشرة فى آخر لقاء بيننا قبل أيام فى القاهرة أن أثقال تلك الأزمة كانت من أسباب تدهور صحته، لكنى لم أتصور وأنا أراه قبل سفرى من مصر منذ أيام أن ذلك كان لقاءنا الأخير، وأنه كان نظرة الوداع لرجل وعصر ومناخ. وكان فى مناى لو أن المقادير أمهلته حتى يطمئن، وحتى نطمئن معه جميعا على وطن وعلى مهنة وعلى أمل فى مستقبل حلمنا به ورجوناه. إننى أريد أن أؤكد لك مرة أخرى ما قلته لك مباشرة على التليفون من باريس من أن قلبى معك، وكذلك مشاعرى وكل حواسى داعيا وراجيا من أجل صديق عرفته أكثر من خمسين عاما، وأحببته ووثقت فيه زميل عمل ورفيق عمر وحياة.