خلال الأيام الماضية تساءل بعض السيدات والسادة، ممن يتفضلون مشكورين بتسجيل تعليقات على مقالاتى أو يتواصلون معى عبر التويتر والفيس بوك، عن أسباب تكوين التيار الثالث وأهدافه، وسعيت بعمود الأمس للإجابة على هذه التساؤلات. إلا أن بعض الملاحظات عن الموارد المالية للتيار الثالث وعن بعض الشخصيات التى تتداول أسماؤها باعتبارها منتمية له ظلت دون إجابة من جانبى. ومن ثم أستدرك هذا الأمر الآن وبوضوح أتمنى أن يزيل اللبس. هدف التيار الثالث هو تجميع القدرات التنظيمية والمالية المحدودة لأحزاب وائتلافات ومنظمات تدافع عن الديمقراطية والدولة المدنية بحيث تستطيع معا المنافسة بشكل أفضل فى الانتخابات القادمة وتنسيق مواقفها السياسية بشأن القضايا الوطنية الكبرى كالدستور وحكومة الرئيس مرسى وتوجهاتها. لم نناقش فى أى من اجتماعات التيار الثالث مصادر التمويل المحتملة بصورة محددة، بل ركزنا على الوصول إلى بناء تنظيمى محدد المعالم له هيئة عليا وله أمانة عامة تشكيلهما له شرعية ديمقراطية (عبر الانتخاب من جمعية عمومية) وقراراتهما ملزمة. وحين نأتى للتمويل سننفتح بكل تأكيد على الراغبين فى مساعدتنا من السيدات والرجال القادرين المقتنعين بأهدافنا وفى إطار الاحترام الكامل للقانون الذى يلزم بشفافية التمويل عبر الإعلان عن مصادره. إلا أن التمويل لن يصبح أبدا البوابة التى يسيطر عبرها الممول على الكيان الذى يموله ويوجهه وفقا لأهوائه أو لقراءته هو السياسية، وهناك فى مصر الكثير من سيدات ورجال الأعمال الوطنيين الذين يدركون هذا جيدا ولا أستثنى منهم هنا المهندس نجيب ساويرس (لذكر الاسم المتداول اليوم بكثرة). وإن حدثت محاولات للسيطرة على التيار الثالث وتوجيهه عبر التمويل، أؤكد أن قامات وطنية كعبدالغفار شكر ومحمد أبوالغار لن يقبلوا بهذا وسأكون وغيرى معهم فى خط المواجهة الأول للمحاولات تلك. وكما كتبت بالأمس نحن لسنا فى وارد معاداة أحزاب وتيارات الإسلام السياسى أو الانتقاص من أهلية المواطن الذى منحهم ثقته فى الانتخابات، وليس لنا أن ننطلق من هذه الأرضية المخالفة لمبادئنا. نبحث عن منافسة أفضل فى صندوق الانتخابات ونسعى لتداول السلطة عبر إقناع الناخبات والناخبين بمشروعنا السياسى والعمل الإيجابى على الأرض، ولسنا على الإطلاق بصدد الانقلاب على الصندوق ونتائجه بالاستقواء بمؤسسة عسكرية أو بممارسة تشويه الخصوم. عن نفسى أحترم رئيس الجمهورية وحزبه والإخوان وتيارات الإسلام السياسى الأخرى فى صلب الجماعة الوطنية المصرية ولا عداء بيننا، بل منافسة لخدمة مصر وفى إطار قواعد ديمقراطية تقضى بالتعاون فى المتفق عليه من قضايا والاختلاف فى قضايا أخرى. قناعتى أن على الإخوان أن يقننوا وضع الجماعة ويلتزموا بالشفافية بشأن مصادر تمويلها ويقصروا عملها على النشاط الدعوى والاجتماعى، وأن يترك للحزب العمل السياسى دون أن يعنى هذا السيطرة على الدولة ومؤسساتها وفرض لون حزبى واحد عليها من خلال موقع الرئاسة أو أكثرية عددية بالبرلمان. فليس هذا من الديمقراطية فى شىء. كذلك نختلف حول الجمعية التأسيسية وندافع عن دستور يحمى الحريات الشخصية والعامة وسيادة القانون. أما عن بعض الشخصيات التى تتداول أسماؤها فى الإعلام باعتبارها فى التيار الثالث، أؤكد أن الكثير مما يكتب غير دقيق. نحن نبحث عن بديل للمنافسة بين تيارات أخرى قوية نافست بمفردها فى انتخابات الإعادة الرئاسية والطبيعى أن نكون خارج سياقات التيارات هذه. أنصار الإسلام السياسى لهم من الأحزاب والقوى من يعبر عنهم، ومن تحلق حول أحمد شفيق له من يعبر عنه. أما نحن فنبنى تيارا ثالثا ينافس ولا يعادى ويترجم رؤى وأهداف الكتلة التى صوتت فى الجولة الرئاسية الأولى لمرشحين آخرين وفى الانتخابات التشريعية لمرشحين وأحزاب تدافع عن الديمقراطية مع الدولة المدنية ولا نحتكر حق تمثيل هؤلاء بل نجتهد لاكتسابهم وندرك وجود محاولات أخرى مشابهة كالحزب الذى يريد عبدالمنعم أبوالفتوح تكوينه وغيره. أرجوكم جميعا أن لا تتعجلوا فى تصنيف التيار الثالث خطأ كقوة معادية للإسلام السياسى أو تتشككوا فى النزاهة الأخلاقية والسياسية للمنتمين له أو تسوقوا لهم اتهامات وتعرضوهم لحملات تشويه تنتقص من رغبتهم المشروعة فى المنافسة وفقا للقواعد الديمقراطية دون إقصاء وفى خدمة الوطن، وهذه تتنوع مواقعها من حكم إلى معارضة تحتاج مصر لكليهما. فمصر أكبر من أن تخدم مصالحها فقط من المناصب الرسمية ومواقع الحكم.