بايدن يؤكد للرئيس السيسى تقديره لجهود مصر للتوصل لوقف إطلاق النار فى غزة    الأهلى يهزم الزمالك 27 - 21 ويحسم لقب محترفى اليد    عيار 21 بالمصنعية بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 24 مايو 2024 للبيع والشراء    مصر تُرحِب بقرار "العدل الدولية" فرض تدابير مؤقتة إضافية على إسرائيل    الصين تحذر: رئيسة تايوان تدفع باتجاه الحرب    تزامنا مع كلمة ل نصر الله.. حزب الله يستهدف موقعا إسرائيليا بصاروخين ثقيلين    "بولتيكو": إجراءات روسيا ضد إستونيا تدق جرس الإنذار في دول البلطيق    «العمل» تكشف تفاصيل توفير وظائف زراعية للمصريين باليونان وقبرص دون وسطاء    الأهلي يبدأ مرانه الختامي لمواجهة الترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا غدا    «تجاوز وعدم أدب».. بيان ناري لرابطة النقاد الرياضيين ردًا على تصريحات محمد الشناوي ضد الصحافة المصرية    الدبلومات الفنية 2024.. "تعليم القاهرة": تجهيز أعمال الكنترول وتعقيم اللجان    المخرج أشرف فايق: توقعت فوز الفيلم المصري "رفعت عيني للسما" بذهبية مهرجان كان    تحديث بيانات منتسبي جامعة الإسكندرية (صور)    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن هضبة الأهرام بالجيزة اليوم    الأمم المتحدة تحذر من انتشار اليأس والجوع بشكل كبير فى غزة    الترقب لعيد الأضحى المبارك: البحث عن الأيام المتبقية    سكرتير عام البحر الأحمر يتفقد حلقة السمك بالميناء ومجمع خدمات الدهار    بعد جائزة «كان».. طارق الشناوي يوجه رسالة لأسرة فيلم «رفعت عيني للسما»    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع والتسليم لله    «الرعاية الصحية» تشارك بمحاضرات علمية بالتعاون مع دول عربية ودول حوض البحر المتوسط (تفاصيل)    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    «العدل الدولية» تحذر: الأوضاع الميدانية تدهورت في قطاع غزة    فيلم "شقو" يواصل الحفاظ على تصدره المركز الثاني في شباك التذاكر    بعد ظهورها بالشال الفلسطيني.. من هي بيلا حديد المتصدرة التريند؟    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    مبابي يختتم مسيرته مع باريس سان جيرمان في نهائي كأس فرنسا    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    الأزهر للفتوى يوضح أسماء الكعبة المُشرَّفة وأصل التسمية    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    الأهلى يكشف حقيقة حضور إنفانتينو نهائى أفريقيا أمام الترجى بالقاهرة    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 في الأبقار.. تحذيرات وتحديات    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    بالأسماء.. إصابة 10 عمال في حريق مطعم بالشرقية    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    الإسكان تتابع جهود قطاع المرافق لتعظيم الاستفادة من الحماة المنتجة من محطات معالجة الصرف الصحي    11 مليون جنيه.. الأمن يضبط مرتكبي جرائم الاتجار بالنقد الأجنبي    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    مران صباحي ل«سلة الأهلي» قبل مواجهة الفتح المغربي في بطولة ال«BAL»    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    "التروسيكل وقع في المخر".. 9 مصابين إثر حادث بالصف    "تائه وكأنه ناشئ".. إبراهيم سعيد ينتقد أداء عبدالله السعيد في لقاء فيوتشر    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عمرو حمزاوى :لا ديموقراطية فى مناخ من التخويف.. والابتزاز
نشر في صباح الخير يوم 01 - 06 - 2011

عمرو حمزاوى- أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومدير أبحاث الشرق الأوسط لمؤسسة كارينجى للسلام الدولى بواشنطن- أحد الوجوه التى ظهرت على الساحة السياسية مؤخرا مع ثورة 25 يناير.. فأصبح أحد نجوم المرحلة الجديدة، وأخيرا تم اختياره ليكون أمينا عاما للجنة الحوار الوطنى التى ستحدد ملامح الدستور وشكل الحياة السياسية القادمة.
مع انتهاء جلسات الحوار الوطنى التى شارك فيها قطاع واسع من شباب الثورة والمهتمين بالشئون السياسية والنقابية والمدنية والمهنية مختلفة.. وضعنا كل هذه التساؤلات على مائدة الحوار أثناء لقائنا بدكتور عمرو حمزاوى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة بصفته شاهد عيان وأمين عام جلسة الديمقراطية وحقوق الإنسان وتطرق حوارنا معه إلى موضوعات أخرى، وفى السطور القليلة القادمة سيرد على جميع هذه التساؤلات.
ريشة عصام طه
هناك اتهام موجه إلى القائمين على جلسات الحوار القومى بتعمد تهميش الشباب وائتلاف الثورة فما رأيك؟ وما تقييمك للجلسات؟
- هذا الكلام غير صحيح، فهناك فرق بين مسألتين الأولى هى أن اللجنة الاستشارية للحوار الوطنى قامت بتوجيه الدعوة لبعض الشخصيات غير المقبولة من المتورطين فى الفساد ومن المحرضين على العنف ضد المتظاهرين المصريين أيام ثورة 25 يناير والمتورطين فى تزوير الانتخابات من الحزب الوطنى المنحل، وهى مسألة غير مقبولة واللجنة الاستشارية اعتذرت عن الأخطاء ، وهو خطأ تنظيمى غير مقبول وتم التعامل معه بسرعة هذا لا يعنى أننا نريد أن نؤسس فى مصر منهجا استبعاديا وإقصائيا جديدا ولا يجوز أن نقبل فى إطار ممارسة ديمقراطية ومحاولة للتحول الديمقراطى نديرها الآن فى مصر أن نستبعد ونقصى بدون ضوابط.. فهناك ضوابط محددة، وهى أن المتورطين فى الفساد المالى أو السياسى أو المتورطين فى تزوير الانتخابات والتحايل على إرادة الناخبين والمحرضين على العنف ليس لهم مكان فى أى حوار وطنى، لكن غير ذلك لابد من التعامل بدقة مع الأمر دون تعميم الاستبعاد، ثانيا كلام الشباب على أنه تم تهمشيهم خلال الجلسات غير صحيح لأن الجلسات أتاحت فرصة كبيرة للمشاركة والتعبير عن الرأى - هنا أنا أتحدث عن محور الديمقراطية وحقوق الإنسان الذى كنت فيه فإتاحة الفرصة للتعبير عن الرأى لا تعنى السماح للابتزاز باسم الشباب، فهناك قواعد إجرائية لتنظيم الجلسات وإدارة الحوار بمدد زمنية، كما أن الكلمات تعطى وفقا لترتيب تلقى الكلمات، كما أنه عند دخول شاب أو اثنين بطلب الكلمة قبل نهاية الجلسة بدقيقتين رغما عن أنف كل الحضور الذين التزموا وانتظروا إلى اللحظة الأخيرة هذا أمر غير مقبول.. فإتاحة الفرصة للشباب كانت موجودة وتحسنت من اليوم الأول للثانى للثالث، وفى النهاية كلنا نتعلم من بعض، وبالتالى فإن توجيه الاتهامات مسألة لا محل لها.. وفى الحقيقة أن جزءا كبيرا من توجيه الاتهامات هو من قبيل البحث عن شو إعلامى، فالمسألة التى سيكون لها تداعيات على الشباب على صورتهم لدى الرأى العام المصرى وعلى محاولات مثل الحوار الوطنى غير مسألة البحث عن اجتذاب الكاميرات بأى دوشة وهى مسألة غير مقبولة، وعندما يصل الأمر إلى ممارسة عنف جسدى ضد بعض المنظمين هذه مسألة مسيئة جدا ولا مكان لها وهذا لا يعنى أن نتعامل معها بتسامح وإنما ينبغى التنبه إلى أن الاستمرار فيها غير مقبول.
وما هو مستقبل الحوار الوطنى؟
الحوار الوطنى سيستمر على مرحلتين فهناك حوارات موازية ستبدأ فى المحافظات وأعتقد أن بعضها يمر بمشاكل مثلما حدث فى الحوار العام فى اليوم الأول : تنقية إعادة نظر فى أسماء المدعوين وهذه مسألة طبيعية جدا فهذه المرة الأولى التى نعقد فيها جلسات للحوار الوطنى يضم قطاعا واسعا من المواطنين وتشكيلات سياسية ونقابية ومدنية ومهنية مختلفة - الحوار الوطنى فى المحافظات سيستمر لمدة أسبوعين وبعد ذلك ستعيد اللجنة الاستشارية النظر فى القادم من المحافظات، بالإضافة إلى إعادة النظر فى توصيات اجتماعات القاهرة وبعد ذلك سنعرف ماذا سيحدث بعد ذلك ولكن نحن فى حوار مستمر.
ما الذى يفرق حزب مصر الحرية عن بقية الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية ؟
- حزب مصر الحرية هو حزب ليبرالى يتحدث بنفس اللغة التى تتحدث بها الأحزاب الليبرالية الأخرى والفروق أربعة وهى أولا : نحن نمارس الديمقراطية داخليا بصورة واضحة فى تنظيم لا مركزى للحزب وقواعد تمويل الحزب فنحن لا نقبل تلقى أى تبرع من أى مواطن يتجاوز ال 200 ألف جنيه كسقف أعلي للتمويل، وننظر فى ملكية مجموعة صغيرة لحزب سياسى وهى مسألة خطيرة للغاية، النقطة الثانية نحن نتكلم عن أسلوب عمل منظم ومنهجى يعتمد أساسا على اللا مركزية وبرنامج يكتب فى المحافظات وليس فقط فى القاهرة ويكتب بفصول محددة للمحافظات وليس برنامجا عاما لكل الوطن.
ثالثا :نحن نركز على مسألة تواجدنا حتى نقدم بصورة إيجابية تصور ونساهم تشريعيا وتنفيذيا إذا كان حظنا جيدا فى تحول مصر ديمقراطيا ولا نعادى أحدا ولا نصنع استقرارا جديدا فى مصر بتفريغ من أى قوة لا تيارات تسلم مرجعية دينية أو غيرها.. فنحن واعون جيدا لخطر الاستقطاب فى اللحظة الراهنة، وأخيرا نحن نطل على الرأى العام المصرى والمجتمع بوجوهنا وهى وجوه مجموعة من المهنيين متوسطى العمر والشباب ولدينا هيئة استشارية من فئة مجموعة عمرية أكبر تستفيد من خبراتها.. فنحن لا نبحث عن شخصيات عامة تتوسط لنا عند المواطنين.
فنحن نطل على المواطنين بوجوهنا ومفرداتنا وبرنامجنا وتصوراتنا بصورة مباشرة. ؟ ما قراءتك للمشهد السياسى بعد الثورة؟
- الحديث عن المشهد السياسى بعد التغييرات التى أدخلتها ثورة 25 يناير أعتقد يحتمل إجابة على ثلاثة مستويات أو ثلاثة أجزاء مختلفة، فالجزء الأول يتعلق باللحظة الراهنة ومن يتصدر المشهد السياسى فى مصر والذى تتصدره القوات المسلحة المصرية التى لديها هيئة عليا هى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو قائم مقام السلطة التشريعية والتنفيذية ويدير شئون البلاد.. بجانب المجلس الأمنى هناك قوى وطنية تتحاور وتتشاور مع المجلس الأعلى أحيانا تقترب أو تبتعد من المجلس الأعلى، لكن حالة حوار متواصل، بجانب القوى الوطنية هناك جموع المواطنين وهم العنصر الأكثر فاعلية فى واقع الأمر لأن الكثير من أحداث وتطورات الأسابيع الماضية تحددت وفقا لإيقاع حركة جموع المواطنين فى الشارع سواء تحركت من خلال ائتلافات وجبهات واتحادات الثورة للمطالبة بتحقيق مطالب الثورة بصورة كاملة.
أما المستوى الثانى من المشهد السياسى فيتعلق بالشق التحليلى إلى أين مصر ذاهبة سياسياً، هل مصر ذاهبة باتجاه استقرار وتحول ديمقراطى آمن أم أنها ذاهبة باتجاه المزيد من الفقر والفوضى والتوتر والانفلات الأمنى وغياب الاستقرار.. أنا أعتقد أن الأمور فى هذه اللحظة بتقييمها تعتمد إلى حد كبير على كيف يُقرأ المشهد.. فإن قرأت المشهد سنجد ملامح مشجعة وبداية استقرار.. كما أشرت هناك جدول زمنى واضح، انتخابات قادمة، هناك الكثير من القرارات التى اتخذها المجلس الأعلى للقوات المسلحة تتصف بدعمها للتحول الديمقراطى، وقانون الأحزاب جيد وأنا أرى أن التعديلات الدستورية على الرغم من اعتراضى عليها إلا أنها تحدد آلية بجدول زمنى محدد للانتقال الديمقراطى، وبالتالى لم تحرم مصر من الوضوح فيما خص هذا الانتقال، هناك عناصر مشجعة وأخرى مرتبطة بنشاط القوى الوطنية، ربما هناك (60) حزبا تم الإعلان عن تأسيسها خلال الفترة القليلة الماضية.. أنا أعتقد أن ذلك غير ضار وإنما دليل على نشاط وحيوية وفاعلية للمواطنين.. هناك حكومة تستمع إلى الشارع بصورة جيدة وتتجاوب مع مطالب الشارع، هناك قناعة لدى قطاع واسع من المواطنين بإمكانية التغيير الإيجابى.. وأنا أميّل إلى التأكيد على هذه البداية المشجعة، ولكن هناك عوامل أخرى سلبية فى تحليل المشهد : هناك فوضى وانفلات أمنى وتراجع هيبة مؤسسات الدولة، وأزمة اقتصادية كبرى، توترات طائفية، اعتراضات من هنا وهناك لمطالب صغيرة لا تنظر إلى المشهد العام الكبير ومصلحة الوطن.. والنقطة الثانية التى تتعلق بإلى أين مصر ذاهبة فأنا متفائل وبالتالى أُغلب فى نظرى العناصر المشجعة على العناصر السلبية.
النقطة الثالثة والأخيرة فى جزئية (إلى أين مصر ذاهبة) هى أن اللحظة الحالية صعبة لأنها تتطلب من المصريين القيام بمهمتين فى غاية الصعوبة.. الأولى تكمن فى هدم النظام القديم بمحاسبة الرموز والمسئولين قانونيا ويهدم بهدم الآليات والإجراءات والمؤسسات السلطوية للنظام القديم وهذه مسألة صعبة للغاية، ونحن بدأنا نتطلع إليها فى مسألة الأجهزة الأمنية على سبيل المثال بمعنى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بصورة ديمقراطية، والأمر لا يتعلق فقط بالأجهزة الأمنية، ولكن يتعلق بجميع مؤسسات الدولة وأن نؤسس للمساءلة والمحاسبة وأن نؤسس للمرتكزات الديمقراطية وأن تعتمد مبدأ الانتخاب بدلاً من التعيين فى مناصب الدولة المصرية وكل ذلك يدخل تحت باب هدم القديم، ثم نحن نحتاج أيضا إلى بناء النظام الديمقراطى والدولة الديمقراطية، وهذا أمر له تحديات كبيرة للغاية فالصعوبة تتعلق بالجمع بين مهمتين : هدم نظام قديم ووضع بدايات للنظام الجديد، وأعتقد أن هناك شيئا من الخوف البادى على الوجوه يتعلق بصعوبة المهمتين وتداخلها الزمنى، وأحيانا تعثر بحكم هذا التداخل، لأن فى المؤسسة الواحدة نحن نريد هدم القديم وبناء الجديد.
هل نعيش فى مصر الآن حالة من الثورة المضادة ؟
- منذ اللحظة الأولى أنا ضد الحديث عن ثورة مضادة، أنا أعتقد أن الحديث عن ثورة مضادة يحول النظر عما ينبغى التركيز عليه فأى بلد يريد الخروج من السلطوية وبناء الديمقراطية يتعرض لأخطار ليس بمعنى مجموعة تتآمر فى الخفاء على الثورة أو تحاول الالتفاف عليها، والقيام بثورة مضادة، ولكن هناك مجموعات من المنتفعين من النظام السلطوى السابق تدافع عن مصالحها.. الأخطار تكررت فى كل دول العالم التى مرت بمرحلة انتقال مشابهة للمرحلة التى نمر بها الآن فى مصر فأى نظام سلطوى له مجموعات كبيرة من المنتفعين من هذا النظام من قريبين من رأس النظام السابق إلى دوائر أوسع استفادت من المنظومة السلطوية وواقع الأمر فى الحالة المصرية يمكن أن ننظر إلى مستويات متعددة من المنتفعين من النظام السابق، بالتأكيد تدافع عن مصالحها الآن من أعضاء المجالس صعودا إلى رئيس الجمهورية السابق، من أعضاء الحزب الوطنى إلى جميع أعضاء المؤسسات والمجالس التى تأسست برعاية الرئيس السابق وحرمه وأنجاله.. فهناك بنية من الفساد السياسى أوجدها النظام السابق، وأيضا تدفع من استفاد منها للدفاع عن المصالح.. فالأمر لا يتعلق بثورة مضادة بقدر ما يتعلق بالدفاع عن المصلحة.. ثانيا، تعبير الثورة المضادة فى غير محله،لأنه يفترض أن هناك ثورة على الأرض وجموع شعبية تتحرك بذات مستوى المشاركة الشعبية التى أحدثت الثورة.. أخيرا الثورة المضادة تنطوى على دعوة للاستكانة، أعتقد ربما من أراد التحدث عنها اراد أن يدفع المصريين إلى الانتباه وعدم السماح بالالتفاف على مكاسب الثورة والاستمرار فى المطالبة حتى يتم تغيير النظام القديم بالكامل وبناء النظام الجديد بالكامل ولكن الحديث عن ثورة مضادة فى مصر جاء بنتيجة عكسية وهى نتيجة تخويفية، أخافت المواطن بعيداً عن الممارسة والمشاركة وأوجدت لدى المواطن شعورا بأن البلد ذاهب إلى كارثة، وأعتقد أن هذا الشعور من أحد العوامل التى دفعت إلى تصويت العديد من المواطنين (بنعم) على التعديلات الدستورية خوفا من ثورة مضادة تذهب بالاستقرار وأنا رأيى المبدئى أنه لا يمكن صناعة ديمقراطية فى جو من الخوف.
فالديمقراطية ممارسة إيجابية.. وهى بحث عن فرص والتحول الديمقراطى هو فرصة أكبر لنا جميعا فى المجتمع فهذا لا يستقيم مع التخويف وخطاب الخوف المرتبط بتعبير الثورة المضادة..
هل هناك فى القانون ما يسمى بتهمة الإفساد السياسى ؟ وما عقوبتها ؟
- أنا مع الانتصار لمبدأ المساءلة والمحاسبة القانونية الطبيعية وفقا للقوانين المصرية وللضمانات الدستورية والقانونية التى تقدم لكل مواطن مصرى هو محل مساءلة ومحاكمة.. القانون المصرى يحدد ما الذى يمكن أن يسأل عليه المواطن أو المواطنة.. القانون المصرى يعرف بعض التجاوزات المرتبطة بالفساد السياسى باعتبارها جرائم على سبيل المثال: تزوير الانتخابات، التلاعب بنتائج الانتخابات، انتهاك حقوق الإنسان للمصريين، قتل المتظاهرين، كل هذه الجرائم يعاقب عليها القانون جنائيا.. فهذه الجرائم يمكن أن نعاقب عليها.. أما أن يوسع المفهوم للحديث عن جرائم سياسية بالمعنى المطلق لا تنص عليها القوانين المصرية، فأنا أعتقد أن ذلك ممارسة بالقضاء الاستثنائى، توسيع لدائرة ما يعاقب عليه القانون المصرى أو القوانين المصرية بصورة خطيرة تدفع للتسييس والتلاعب ولا تنتصر للعدالة ولا لمبدأ سيادة القانون.. أنا مع المساءلة والمحاسبة أمام القاضى الطبيعى دون أى إجراءات استثنائية أو محاكم استثنائية.. وهناك شىء من العقاب أو التطهر الرمزى تقوم به أى ثورة حتى تضع أقدام المجتمع على بدايات جديدة، أتصور أننا سنحاسب من تورط فى الفساد السياسى والتزوير منذ عام 1981 إلى الآن، وأعتقد أنه أمر صعب ثم إن الفساد السياسى لم يبدأ مع مبارك، بل كان قبل مبارك وتغول فى عهده.. أنا أعتقد أن هذه الأمور لا تستقيم وبها شىء من ثقافة الانتقام لأنها لا تصلح لبناء الديمقراطية التى هى ممارسة إيجابية تنظر إلى الوراء قليلا.. يعنى شىء من التطهر الرمزى ومن العقاب بصورة قانونية ومنضبطة وبصورة تضمن حق كل مواطن فى الدفاع عن نفسه لأن ما يحدث الآن فى الرأى العام المصرى هو إصدار أحكام متعجلة دون الانتظار للمساءلة والمحاسبة القانونية وهذا أمر غير مقبول.
ما رأيك فى قانون الأحزاب؟
- أنا أعتقد أن قانون الأحزاب الجديد فى المجمل متوازن ولكن لدىَّ اعتراض يتعلق بتمويل الأحزاب.. فأنا ضد إلغاء التمويل العام للأحزاب لأنه يعنى أننا نفتح المجال لسيطرة رأس المال على الأحزاب، وهذه مسألة خطيرة للغاية وكنت أفضل أن يكون هناك فى قانون الأحزاب بند محدد لكيفية تمويل اليد العامة أو الدولة للأحزاب وفقا لعدد أعضائها أو لعدد مقاعدها فى المجالس التشريعية على المستوى الوطنى وفى المجالس المحلية هناك العديد من المعايير التى يمكن أن تتبع وأعتقد أنه من الجيد أن يكون هناك تمويل عام للأحزاب حتى تتحول إلى هيئات للدفاع عن المصالح الخاصة، لأن الحزب السياسى يبتغى الصالح العام وكنت أفضل أيضا أن تكون هناك ضمانات ترد على التمويل الخاص بمعنى حدود تفرض على التمويل الخاص بأن يتم وضع حد أقصى للتبرع من شخص للحزب سواء بالتبرع العينى أو النقدى، أو أن يتم النص على أهمية الاشتراكات الدورية للأعضاء بغض النظر عن اختلاف قيمة الاشتراكات التى يمكن أن تحدد وفقا للدخل أو للرغبة أو لأمور أخرى.. فقضية التمويل فى قانون الأحزاب الجديد كان يمكن تعالج بصورة أفضل.. أرى أيضا أن مسألة الحديث عن إخطار ثم إن هناك محكمة تراجع وإن لم تصدر حكما بعدم الترخيص يعتبر الحزب مرخصا له.. هذا أمر جيد وأتمنى ألا يمارس الأمر ببيروقراطية تعطل الترخيص للأحزاب، وأن تكون هناك هيئة قضائية للرقابة جيد، ولكن أتمنى ألا يدار الأمر ببيروقراطية.. وما اعترض عليه البعض فى مصر أن قانون الأحزاب يحدد 5 آلاف عضو من أكثر من محافظة، أعتقد هذا يعنى حدا أدنى فى بلد يفوق عدد سكانها 80 مليونا فى 26 محافظة فهو أمر مقبول للغاية ولا يمكن الاعتراض عليه والحزب إن لم ينجح فى الحصول على 5 آلاف عضو فما الذى سيفعله فى الانتخابات..
لماذا انسحبت من الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الذى شاركت فى تأسيسه؟
- فيما يتعلق بالحزب المصرى، أود أن أقول إن الأمر كان محاولة للاندماج بين مجموعات مختلفة تحت اسم (الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى)، شروط الاندماج أو شروط العمل الحزبى من وجهة نظرى هى فى المقدمة الالتزام بالديمقراطية الداخلية والشفافية الكاملة وبحرية تداول المعلومات والالتزام بالجماعية فى اتخاذ القرارات.. فعندما تدخل إلى بناء أو إلى كيان تريد أن تبنيه على هذه المرتكزات وتجد من الآخرين عدم القبول أو تجد آخرين يدفعون بالأمور فى اتجاهات أخرى وتجد شللية غير ديمقراطية فإنه من الأفضل - وهذا ما اخترته- لهذا السبب فقط قررت الانسحاب والمجموعة التى أعمل معها قررت كذلك، فإن لم تجد هذا عليك الانسحاب سريعا فى لحظة، المصلحة العامة تفوق كل اعتبار ونحن لا نملك طرف الصراع داخل كيان نريد أن نبنيه على مسائل ديمقراطية داخلية إما هى واضحة فى أذهان الناس ويلتزمون بها أو لا..
فى وجهة نظرك ما هى الطريقة المثلى لإجراء الانتخابات البرلمانية، هل بالنظام الفردى أم بالقائمة النسبية ؟
- النظام الانتخابى المصرى من 1990 كان فرديا والنظام الفردى أنتج الكثير من التشوهات فى الحياة السياسية المصرية.. وأنتج برلمانات ضعيفة وأنتج نواب خدمة وليس نواب أمة، النائب المهتم بالدائرة وبجمع التوقيعات والذى لا ينظر إلى السياسة العامة، للأسف فرض ظواهر مسيئة للغاية للانتخابات المصرية، العنف المالى الانتخابى، غياب البرامج لغياب الأطروحات السياسية وتحول الأمر - فى الحالات الأسوأ - إلى دائرة بخمسة ملايين جنيه ودائرة بمليون جنيه.
النظام الفردى أيضا أضعف الأحزاب ومكّن المستقلين أن يكونوا دائما أصحاب الأغلبية فى البرلمان المصرى،خاصة من عام 2000، والحزب الوطنى كان يحصل على أغلبيته من خلال ضم المستقلين له فى عام 2000 و 2005. فقط فى عام 2010 لم يحدث ذلك.. وهذا فرض على العملية التشريعية فى البرلمان المصرى صعوبات كبيرة، وأضعف الآليات الرقابية.. فأى برلمان له وظيفتان التشريع والرقابة.. وهما الوظيفتان اللتان يتم إدارتهما بصورة أفضل عندما يكون هناك برنامج حزبى ورؤية حزبية توظف المسألة، فلكل هذا ولأهمية تشجيع الأحزاب ولأن الأحزاب هى المقاعد التى ستعبر عن المواطنين الذين خرجوا وقاموا بالثورة ومازالوا إلى الآن من غير المنظمين.. لكل هذا أنا أعتقد أن النظام المختلط سيكون أفضل للمصريين ، فهو نظام يجمع بين القائمة الحزبية وبين مقاعد للمستقلين فلا يمكن أن تلغى مقاعد المستقلين دفعة واحدة لأن الأمور تحتاج إلى وقت، ولكن لابد من الاعتماد على القائمة الحزبية ولتكن قائمة على مستوى الدوائر فهذا أوقع وأكثر قربا من قدرات الأحزاب فهناك أحزاب لن تتمكن من أن ترشح على كل دوائر الجمهورية.
كيف ترى مستقبل الإخوان والسلفيين والبهائيين فى الحياة السياسية، هل سيكتفون بنسبة ال 35% من مقاعد البرلمان كما يدعون؟
- أنا أرى أن الإخوان المسلمين يتحدثون فى هذا الصدد عن أهداف انتخابية وهذا أمر مشروع فكل قوى سياسية من حقها أن تحدد أهدافها الانتخابية.. أما أن ينطلق الرأى العام من أن الإخوان وضعوا فى جيوبهم 35% من مقاعد مجلسى الشعب والشورى أعتقد هذا أمر غير صحيح.. يمكن أن يحدث ولكن ليس هكذا تدار المنافسة الانتخابية فهناك أهداف انتخابية معلنة، هناك قوى أخرى لديها أهداف أخرى هى أن تنافس الإخوان، أن تنتزع من مقاعدهم، أن تضمن للقوى المصرية المدنية أغلبية داخل البرلمان، هناك الكثير من الأهداف.. أنا أعود خطوة إلى الوراء دون هذه المبالغة فى تقدير وزن الإخوان ودون تخويف منهم، التحدى الأساسى أمام جماعة الإخوان هو كيف تلتزم باستحقاقات المشاركة فى حياة سياسية ديمقراطية مدنية، هناك استحقاقات للمشاركة هم يريدون أن يكونوا حزبا سياسيا وهذا أمر جيد ولكن الحزب السياسى لابد أن يفصل عن الجماعة الدعوية فى العضوية والعمل، عضوية الجماعة الدعوية للمسلمين فقط فإذا كونا حزبا سياسيا للمسلمين فقط لن يقبل قانونا، عمل الجماعة الدعوية يختلف عن عمل الحزب السياسى.. هناك أيضا التزام بضمان الحريات الأساسية للمواطنين بما فى ذلك الحريات السياسية والمدنية ولكن أيضا حرية التفكير والإبداع والتعبير عن الرأى، فكل هذه الاستحقاقات لابد أن تتعامل معها جماعة الإخوان أولا حتى نعلم كيف سيكون فعلها فيما خص بناء الديمقراطية فى مصر، المسألة الثانية على جماعة الإخوان أيضا أن تعلم أنها جزء من فصائل وطنية كثيرة، وأن هناك أولوية للاتفاق على المطالب العامة فى هذه اللحظة، وأنه من غير المقبول أن تأخذ الجماعة اتجاها يدعو إلى تطبيق أحكام الشريعة وإقامة الحدود بعد ثورة ديمقراطية.. الإخوان عليهم أيضا أعباء الفصل ما بين الدين والسياسة لأن القوانين المصرية تمنع وتحظر ممارسة النشاط السياسى، مستندا إلى الدين وتمنع الدعاية الانتخابية بالاعتماد على الدين، فالإخوان أمامهم أيضا فى حزبهم السياسى تحد كبير بأن يلتزموا بهذا المنع دون التحايل المعهود، الإخوان عليهم أخيرا تحدى الفصل بين أين يقفون وبين تيارات أخرى ربما يمكن أن توصف فى الرأى العام المصرى باعتبارها تيارات متطرفة تنتقد الديمقراطية ولا تدعو إلى المدينة ولا المواطنة.. فلابد أن يتم النظر فى هذه الأمور وتختبر جماعة الإخوان خلال الفترة القادمة، أنا فقط مع مطالبتى هذه ضد أن يتم التفزيع من جماعة الإخوان أو ينظر إليها باعتبارها فصيلا مناوئا أو مضادا، هى فى صلب القوى الوطنية المصرية وحالة الاستقطاب والصراع هذه لن تذهب بنا بعيدا.
ما هى المحطة القادمة للمجلس القومى لحقوق الإنسان باعتبارك عضواً فيه وما رأيك فى الانتقادات التى وجهت لتشكيلة المجلس من الإعلاميين والسياسيين بدلا من الحقوقيين ؟
- أنا لا أتفق مع هذه الانتقادات، فالمجلس فى تشكيلة الأعضاء يضم عددا كبيرا من القانونيين المختصين فى حقوق الإنسان من بينهم الأسماء الجديدة التى انضمت إلى المجلس.. المحامى الشهير ناصر أمين ومدافع عن قضايا حقوق الإنسان بالمعنى القانونى كمحام وفى الممارسة طوال السنوات الماضية، وانضم أيضا إلى المجلس الأستاذ محسن عوض وهو كان له عمل سابق فى المنظمة العربية لحقوق الإنسان كناشط وقانونى ويعمل الآن فى المجلس، وهناك بعض السياسيين وبعض الإعلاميين.
وهنا الحديث مغلوط ومن ينظر إلى تشكيل المجلس سيدرك سريعا أن التشكيل متوازن.
ونحن أصدرنا بعد اجتماعنا الأول فى المجلس بيانا ضمن عمل تصوراتنا لأولويات عمل المجلس تماشيا مع ثورة 25 يناير، وهو البيان الذى يحدد ضمان عدم التمييز ضد المصريين، حقوق المواطنة المتساوية وجهات تقصى حقائق فى كل التجاوزات والانتهاكات وندعو إلى إعادة النظر فى القانون المنشئ للجنة وفى اللائحة لضمان تأثير أفضل للمجلس وندعو إلى أخذ رأى المجلس فى كل التشريعات والقرارات والقوانين المرتبطة بقضايا حقوق الإنسان فى مصر، وندعو أيضا إلى إعادة النظر فى استراتيجيات العمل بصورة تتواءم مع أن المجلس لا يخاطب فقط الدولة ومؤسساتها إنما يخاطب أيضا المواطن ويريد أن يتلقى شكاوى مباشرة من المواطنين وأن يتعامل معها، فهذه هى التصورات المتعلقة بعمل المجلس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.