صعدت إيطاليا واستعادت كرامتها المهدرة فى الأشهر الأخيرة بين المراهنات والرشاوى والتدهور الاقتصادى والهجوم العنيف من المسشارة أنجيلا ميركل على الإسبان واليونانيين والإيطاليين، بسبب الحالة الاقتصادية المتردية، ليأتى رد الطليان فى العالى بين 22 لاعبا كلهم يسعون للتأهل إلى النهائى للأميرة الأوروبية.. الأرقام الأخيرة كلها لصالح الألمان.. أفضل خط هجوم، أقوى المنتخبات الجماعية، كسر الرقم القياسى فى عدد مرات الفوز للمباريات الرسمية فى البطولات المجمّعة، ولكن استمرت العقدة الإيطالية للكرة الألمانية، 15 لقاء (10 فوز.. و5 تعادلات)، لتؤكد أن الإيطاليين أصحاب قوة عظيمة اسمها الروح والعزيمة، «الجرينتا» كما يطلق عليها باللغة الإيطالية. المباراة.. بلا برتيتا، يعنى مباراة رائعة قدمها الطليان من البداية حتى عند الاستحواذ الألمانى، كان يبدو أن اليوم إيطالى بفضل مدرب عبقرى صبغ اسمه بحروف من ذهب على جدار العاصمة الإيطالية، روما برانديللى، قرأ الجيم من قبل بدايته بتشكيل أكثر من رائع، بعودة لاعب قدير يلعب فى كل مراكز الدفاع البروفيسور كلينى، مدافع أيسر ممتاز، قلب دفاع، أداؤه فى الكرات العالية، والتغطية أداها بشكل منظم جدا، وفى الجبهة اليمنى بارزلتى فى مفاجأة لكل الطليان، وما أراده برانديللى هو الدفاع القوى المنظم، حتى لا يترك ثغرة واحدة يلعب عليها الألمان، أفضل خط هجوم، ولذلك وجدنا الثلاثى اليوفنتى كلينى وبانوتشى وبارزلتى، والثلاثى هم أقوى خط دفاع فى إيطاليا إن لم يكن فى أوروبا مع فريقهم، ولهذا وجدنا التنظيم من الدفاع والانسجام وعدم الخطأ، ومن ورائهم حارس عظيم، ويعلم جيدا معنى قيادة الفريق من الخط الأخير، هذا كان أولا، وثانيا بعد الدفاع وتنظيمه وقوته جاء الدور على الوسط، وهو نقطة التحول فى المباراة بالنسبة إلى الإيطاليين والألمان، فكان من الطبيعى الاهتمام بالنواحى الدفاعية والنواحى الهجومية، والبداية مع التعديل فى الطريقة عند امتلاك الكرة بالتحول من (4-3-1-2) إلى (3-6-1) بالاعتماد على بارزلتى وسط أيمن، وبجانبه على خط واحد ماركزيو، ومونتلفيو، وبيرلو، ودى روسى، وأمامهم نسبيا على الجبهة اليسرى كاسانو، ورأس حربة وحيد بالوتيلى للكرات الطويلة الأمامية. الوسط أغلق كل الحدود الألمانية وأفقد الألمان الجماعية وأجبرهم على التفكك وأرغمهم على رتم واحد للقاء، فصل كل الخطوط، الدفاع والوسط والهجوم، ضغط على العقل المفكر شفاينشتايجر، ولذلك لم يجد الألمان الاختراق، وهى أهم ميزتهم، ثالثا الانتشار السريع، خصوصا الجبهة اليسرى، والتى لعب عليها كاسانو الذى كان مختلفا تماما عن مباراة الإنجليز، والسبب هو الحرية التى تتيح له الإبداع على عكس وجوده فى ساندويتش بين المدافعين.. رابعا إتاحة حرية الحركة لصانع اللعب أندريا بيرلو، وهو كما ذكرته قبل ذلك ك«العقرب السام» الذى لا يتوقف، وبأدائه الدور الدفاعى والهجومى بنسبة عالية التركيز، لا تحدث إلا قليلا، خامسا توافر صناع اللعب، الهدف الأول كاسانو من الجبهة اليسرى، والهدف الثانى هو الكرة العالية من مونت ليفو وهو صانع اللعب الثالث فى الفريق مع بيرلو أيضا، سادسا رقابة مونتلفيو لشفاينشتايجر من وسط الملعب أثرت كثيرا على قوة الألمان، سابعا الضغط كان سلاح الطليان على الرغم من القوة الجسمانية والبدنية، وصغر السن للألمان، ولكن كان الفريق الإيطالى الأكثر ضغطا، خصوصا فى وسط الملعب، ثامنا الاستفادة من الروح العالية والجماعية والقوة فى التحرر من خلال الكثافة الموجودة فى الوسط، أعطت الطليان الكثرة فى كل خط فى الملعب، وأخيرا قبل دخول ألمانيا فى الهجمة المرتدة وإحراز هدف من البداية لعب عليها برانديللى حتى يربك الألمان تماما، وهذا ما حدث بعد الهدف الأول شاهدنا عشوائية وفردية وتفككا لم نعهده على الفريق الأبيض والأكثر من هذا، وهذه نقطة تعد سيئة للوف، هى الإحباط الذى أصاب اللاعبين من قوة التنظيم الإيطالى فى كل الخطوط. ألمانيا.. أخطأ لوف من البداية والسبب تونى كروز لاعب ارتكاز ثالث، تحسبا لقوة وسط إيطاليا ورقابة بيرلو، ولم يفلح، وأثّر كثيرا على قوة الهجوم الألمانى، وهو ما يعرف بالجماعية، ثانيا الإصرار على بودليسكى مع شويل مكان أفضل وأسرع فى اللقاء الأخير من ناحية التوغل فى القلب ومساعدة رأس الحربة، بالإضافة إلى سرعته، ثالثا القلة العددية للهجوم أثرت على كل الخطوط، خصوصا أن إيطاليا استفادت من وجود جوميز فقط لا غير، ولذلك اهتز الدفاع لكثرة لاعبى إيطاليا، وأيضا الوسط، مما أفقد الفريق أهم ما يلعب عليه وهو تقدم خضيرة وشفين، وعلى جانبهما طرفا ملعب، رابعا حالة التوهان التى كان عليها مسعود أوزيل، سببها جوميز بين أربعة لاعبين، أوزيل بين ثلاثه لاعبين، لا توجد مساعدة من الطرف الأيمن والشمال أيضا، وعدم تقدم الأطراف إلا فى فترات قليلة لغلقها من الطليان، وأيضا لأن السرعة قليلة جدا مع اختلاف الحال فى الشوط الثانى بدخول لاعب سريع ماركو رويس، ولكن أيضا لأن الهجوم لا يوجد بكثرة، فأتاح للطليان التنظيم بشكل عال جدا، وأخير أرغم الطليان بنظامهم ترتيبهم العالى فى كل الخطوط الألمان على لعب الكرات العالية فى القلب، وهى كلها من نصيب أفضل خط دفاع فى أوروبا، لتصعد إيطاليا لأنها كانت منظمة وسريعة وجريئة ومنتشرة وجماعية، وتنفيذ التكتيك كان بشكل ممتاز ومنظم، ولديها حارس كبير اسمه جان لويجى بوفون من الخلف، والعمود الذى لا يهدأ بيرلو مونت ليفو وبالوتيلى.. وألمانيا خرجت لأخطاء مدربها والعشوائية والفردية وعدم التنظيم وهبوط مستوى معظم اللاعبين. ملحوظة بسيطة على مدى تغير العقلية الإيطالية مع مدربهم برانديللى من دفاع إلى هجوم عند إصابة بالوتيلى فى النصف الأخير من الشوط الثانى، وهو متقدم 2/ صفر، فى السابق كان سيلعب برأس حربة واحد وهو ديمانتى، ويدفع بلاعب وسط، خصوصا أن الألمان يبدؤون بالهجوم والضغط، ولكن ما فعله برانديللى الدفع برأس حربة سريع، وهذا دليل على أن برانديللى مختلف تماما عن باقى مدربى إيطاليا، فعلا هى كاملة العدد فى كل شىء حتى لو خسرت أمام الإسبان أمهر لاعبى كرة على وجه الأرض.