بعد عناء شديد وثورة مجيدة أصبح لدى مصر رئيس هو الدكتور محمد مرسى. مبروك لمصر والمصريين، وأيضا وبعد سنوات طويلة، إيطاليا تتخلى عن طريقة اللعب «كاتنتشو»، وتلعب كرة قدم جديدة على الطليان، لم يتعودوا عليها فى معظم سنواتهم السابقة. جاء برانديللى بشكل وأسلوب جديدين وغيّر من عقلية المشاهد الإيطالى والخارجى، فإيطاليا تلعب كرة هجومية من البداية للنهاية، حيث إن الفريق لعب 120 دقيقة، امتلك فيها كل أركان الملعب باستثناء ربع الساعة الأول، الذى كان الضغط الإنجليزى خلاله على طرفى الملعب، وهو ما أحدث إرباكًا فى صفوف الطليان، وتوقعنا كلنا أن إيطاليا ستعود للخلف، كما هى الحال دائما، لكن برانديللى وعقله وفكره واختياراته للتشكيلة أثمرت عن امتلاك الإيطاليين الملعب أكثر من 105 دقائق، وهو أمر أشبه بالمستحيل، إلا إذا كنت تمتلك معدّلًا بدنيًّا رائعًا، وأيضا دكة بدلاء تستطيع منها الاستمرار فى العمل والضغط على المنافس تكتيكيًّا وفنيًّا. حول المباراة، أريد التحدث حول مجموعة أرقام تؤكد لنا أن إيطاليا تغيّرت إلى نواحٍ هجومية بحتة بعيدًا عن الدفاع الذى كان جزءًا رئيسيًّا من شكل وأداء الإنجليز. أولًا: الاستحواذ الذى كان للطليان بنسبة 70٪، ثانيا: التمريرات السليمة فى الخط الأمامى بنسبة 79٪، ثالثا: الفريق لعب فى أكثر من 64 مترًا من الملعب، وتحديدًا من بداية وسط ملعبهم، رابعًا: إيطاليا ولأول مرة تصل إلى هذا الرقم فى معدل لمس الكرة فى المباراة وهو 1180 مرة، وأعتقد أنه رقم صعب على عقلية كانت تعتمد على الدفاع ثم الانطلاق. واضح من الأرقام أن الملعب كله كان باللون الأزرق، ويتحمل جزءًا كبيرًا من هذا هوجسون بطريقته العقيمة، وهى الكاتنتشو الإيطالى والهجمة المرتدة واللعب على الكرات العالية لآندى كارول أو واين رونى، أيضا إنجلترا لا تملك صانع لعب آخر يستطيع أن يحرز للفريق فى ظل الضغط على جيرارد العقل المفكر. هوجسون افتقد إلى الأطراف بفعل فاعل والسبب الرئيسى هو المدير الفنى، الذى أراد التأمين بأكثر من 8 لاعبين «مرصوصين» أمام حارس مرماهم حسب تعليماته هو شخصيًّا، وهذا ما صعّب الأمور على الطليان فى إنهاء المباراة، حيث لعبت من البداية على الدفاع المتقدم حتى تفقد إنجلترا أقوى أسلحتها، وهى الهجمة المرتدة، ثانيًا اللعب بأكثر من صانع لعب فى الخط الأمامى، وهم كاسانو ومونتليفيو وبيرلو من وسط الملعب، ومن خلفهم لاعب آخر يجيد الزيادة والتقدم إلى الأمام، وهو دى روسى، ثالثًا لعبت على الأطراف بسلاح قوى لغرضين، الأول إيقاف ميلنر وجونسون وأشلى كول وأشلى يونج، وقد كان، والثانى هو الكرات العرضية المتوسطة الارتفاع لأى لاعب قادم من الخطوط الخلفية، رابعًا الكثافة فى الوسط للضغط على الإنجليز ورقابة أهم مفاتيح اللعب، خامسًا إعطاء أحد صناع اللعب مونتليفيو دورًا مهمًا وهو رقابة أحد لاعبى الوسط باركر أو جيرارد القريب منه، حتى لا يخلق مساحات فى الدفاع المتقدم، سادسا الانتشار الذى كان سمة من سمات الطليان لبعض اللاعبين، خصوصا أباتى فى الجبهة اليمنى وبارزلتى فى الجبهة اليسرى، سابعًا فى أثناء اللقاء وخلال الشوطين الأول والثانى، عدل من التكتيك إلى 4-1-3-2، ليعطى الحرية لبيرلو للتحرك من الخلف ويبعده عن الرقابة فى الوسط من لاعبى المنتخب الإنجليزى، وأيضا الثلاثى الأمامى تحت رأس الحربة لفك قوة الدفاع الإنجليزى، خصوصا التنظيم دون خطأ واحد بالإضافة إلى طرفين من الخلف، وهذا ما جعل الكثرة العددية والكثافة لصالح الطليان بأكثر من 7 لاعبين أماميين، إلى أن جاء الشوطان الثالث والرابع وقبلهما تعديل بسيط جدًا فى خطين، الأول هو خط الدفاع بمادجو وإعطاء الجبهة اليمنى نفس الحرية التى كانت عليها، والثانى ديمانتى الموهوب الجرىء جدًا فى تحركاته. برانديللى بعد التعديلين لعب أكثر من 40 دقيقة بطريقة 3-5-2 عن طريق مادجو ناحية اليمين وبارزلتى ناحية اليسار، وهذا ما أعطى الانطباع بأن إيطاليا تلعب فقط على الشكل الهجومى وإيقاف إنجلترا. هوجسون استمر على نفس الأداء السابق ونفس التغييرات، وكأن كل المنتخبات التى يواجهها لها نظام واحد وهذا من أكبر أخطائه، بالإضافة إلى أن لكل فريق نقاط ضعف ونقاط قوة، وإنجلترا تلعب فقط على نقاط قوته وضعفها، بمعنى أدق تلعب على التنظيم الدفاعى، وهو أكثر من رائع، تلعب على الهجمة المرتدة، وليس فى كل الأحوال تكون مفيدة، كما كان أمام الطليان فى الدفاع المتقدم، يلعب أيضا على الكرة العالية، ولا يمتلك سوى كارول فقط لا غير، الذى يجيدها بشكل ممتاز، لكن دون معاونة من لاعبى الوسط، يلعب على صانع لعب واحد هو الأكثر تمريرًا فى كل لقاءاته وهو جيرارد، ولكن أمام إيطاليا كان مراقبًا بالكماشة الإيطالية. أريد أن أتحدث عن بعض الأرقام التى تؤكد مدى قوة وسط إيطاليا والحرية التى أتاحها برانديللى ومدى الضغط الذى كان على جيرارد والسبب هوجسون، فاللاعب لمس الكرة 57 مرة، وكانت كلها من الخلف أو الضربات الثابتة، مقابل 171 لبيرلو، والإجمالى كان فى مناطق المنتخب الإنجليزى. جيرارد لم يخلق إلا 22 تمريرة فقط، منها 7 بشكل خاطئ، إلا أنه كان معزولًا عن الملعب ومهتمًا بالدفاع، وفى المقابل بيرلو صنع 98 تمريرة، منها 6 بشكل خاطئ فقط لا غير، وأخيرًا بيرلو صنع 3 تمريرات فى الخط الأمامى، فى المقابل لا يوجد أى تمريرة على المرمى عن طريق جيرارد، رغم أن الطليان كانوا متخوفين من إمكانياته، والسبب هو مديره الفنى هوجسون الذى لم يحسن التعامل من تكتيك جديد واستغلال واحد من أقوى وأغلى لاعبى العالم.