أكمل المنتخب الإيطالي عقد المتأهلين للدور نصف النهائي ليورو 2012 بعد أن تخطى عقبة المنتخب الإنجليزي بالفوز عليه بركلات الترجيح (4/2) بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي، ليضرب بذلك الأدزوري موعدًا مع المنتخب الألماني في الدور نصف النهائي. المباراة التي أقيمت في العاصمة الأوكرانية كييف كانت هي أول مباراة في البطولة حتى الآن تنتهي سلبية النتيجة، لكنها كانت جيدة المستوى خاصة من جانب الأدزوري، في هذا التقرير سنسرد لكم أبرز الإيجابيات والسلبيات التي شهدتها. الإيجابيات أثبت بيرلو مما لا يدع للشك أنه اللاعب الوحيد الذي بمقدوره أن يُحدث الفارق للطليان، بيرلو كان هو ظابط إيقاع الوسط ومهندس الهجمات بفضل توزيعاته الرائعة والتي خلقت العديد من الفرص لزملائه مثل الإنفراد الذي منحه لماريو بالوتيلي في الشوط الأول لكن الأخير تباطئ في الكرة لينجح جون تيري في التدخل على الكرة وابعادها لركلة ركنية، إبن ال34 عامًا كان في قمة عطائه بدنيًا طوال المباراة. لولا تألق جو هارت لكان الطليان قد حسموا المباراة في الوقت الأصلي لها، لكن حارس مرمى مان سيتي -بطل البريميرليج- تعملق وقدم أداءًا ربما هو الأروع له في البطولة وحافظ على نظافة شباكه أمام طوفان هجمات الطليان وتصدى لفرص محققة بالجملة على مدار شوطي المباراة، ليصل بالأسود الثلاثة للركلات الترجيحية. لكن إذا كان هارت تألق على مستوى المباراة، لكن بوفون أثبت أنه مازال "الأستاذ" وأن العبرة تكون في مواقف الحسم، عندما ارتدى قفاز الإجادة كعادته وقاد الطليان للعبور لنصف النهائي عندما تصدى لركلة ترجيحية من أشلي كول بمنتهى البراعة والاقتدار. قاد برانديلي المنتخب الإيطالي في هذه البطولة لتغير الفكرة التاريخية المأخوذة عن الأدزوري أنه منتخب "دفاعي"، وذلك بعد أن ظهر الطليان منتخبًا شرس هجوميًا يُهدد ويفرض سطوته الهجومية على كافة الفرق التي واجهها، بل وأن إنجلترا هي من لجأت إلى سلاح الطليان التاريخي "إل كاتيناتشو" لمجابهة هذا الطوفان الهجومي الأزرق. لم يستقر برانديلي على استراتيجية هجومية واحدة في المباراة، ففي الشوط الأول اعتمد في هجومه عبر الرواق الأيسر في حضور بالزاريتي الذي تقدم كثيرًا وقام بإرسال أكثر من كرة عرضية خطيرة وكان سببًا في الحد من الجانب الأيمن للإنجليز، تبدل الحال في الشوط الثاني واعتمد الطليان على أباتي في الجانب الأيمن قبل أن يخرج ويدفع بمادجيو بدلاً منه للاستفادة من تفوقه في الإنطلاقات توزيعاته المتقنة. مردود كبير قدمه الظهير الأيمن للمنتخب الإنجليزي جلين جونسون في المباراة خصوصًا على الصعيد الدفاعي، وأنقذ فريقه من هدف قاتل للمنتخب الإيطالي في الوقت بدل من الضائع للمباراة في شوطها الثاني عندما وضع قدمه بمنتهى البراعة في تسديدة لنوتشرينيو "شبه المنفرد"، كما كان له فرصة خطيرة مع بداية المباراة تألق بوفون وأنقذها. مونتليفيو كان هو رجل الشوط الأول بلا منازع بمردود ولا أروع بعد فعل كل شيء في المباراة وركض في كل أرجاء الميدان، كما كان هو الرجل الذي ربط خطوط إيطاليا الثلاث ببعضها البعض بمجهود خرافي يٌحسب له، ففي الدفاع كان حاضرًا يُقدم واجباته الدفاعية، في الوسط حضر أيضًا وشكل زيادة عددية في منطقة المناورات ساهمت في منح التفوق للطليان، أما هجوميًا فحدث ولا حرج بتقديمه الزيادة وصناعة التمريرات لزملائه، لكنه استنزف بدنيًا بعد هذا المجهود الكبير خلال الشوط الثاني ووضح تأثره الذهني كذلك عندما أهدر ركلة ترجيحية. السلبيات الفقر الهجومي كان هو سمة الأسود الثلاثة في أغلب مبارياتها هذه البطولة، فشاهدنا لأول مرة منذ عام 1980 يفشل الإنجليز في تسديد أي كرة على مرمى المنافس حدث ذلك في مباراة إوكرانيا، واليوم استمر "الاحتشام الهجومي" بسبب الإنحراف التكتيكي في تشكيلة هودسون بإبعاد واين روني عن منطقة الجزاء بالدفع به كمهاجم متأخر خلف داني ويلباك الذي خرج كثيرًا هو الآخر من منطقة الجزاء الأمر الذي منح مدافعي الطليان أريحية كبيرة في المباراة، وذلك بجانب غياب أي فاعلية أو زيادة هجومية من جانب الأجنحة وتحديدًا أشلي يونج. كانت إيطاليا قادرة على إنهاء الأمور في الوقت الإصلي للمباراة وعدم الاحتكام للحصتين الإضافيتين وركلات المعاناة الترجيحية، لكنه أهدر بغرابة كم كبير من الفرص المحققة بسبب روعونة لاعبيه، وكاد الإنجليز أن يُعاقبهم في بعض فترات المباراة عن طريق الهجمات المرتدة. على الرغم أن السيطرة كانت لصالح المنتخب الإيطالي لكنه افتقد للسرعة في التحويل من الدفاع للهجوم وعابه البطئ في الثلث الأخير، ما منح الفرصة للإنجليز لاحكام قبضتهم الدفاعية بشكل جيد. أخطأ برانديلي بسحب دي روسي من المباراة في الشوط الثاني، وكان يجب عليه إخراج مونتليفيو بدلاً منه بعدما استنفز كل مجهوده في الشوط الأول، ولم يكن حاضرًا بدنيًا في الشوط الثاني. من أحد أسباب الأداء الهجومي الباهت للإنجليز هو المردود الذي قدمه الجناحين أشلي يونج وجيمس ميلنر، فالأول لم يكن له أي حضور يُذكر على مرمى الطليان بإنطلاقاته المعهودة مع فريقه مان يونايتد وتواصلت "كوارثه" في ركلات الجزاء عندما أهدر ركلة عدلت الكفة للطليان بمنتهى السوء بالتسديد في العارضة، في حين اقتصر دور جيمس ميلنر على النواحي الدفاعية في مساندة جلين جونسون قبل أن يُغادر الملعب ويدفع هودسون بثيو والكوت الذي نشط الرواق الأيمن بعض الشيء. عول روي هودسون كثيرًا على واين روني ليخلق له الفارق في المباراة، لكن روني خيب التوقعات وقدم أداء باهت لا يرتقي للمستوى المعهود عن الفتى الذهبي الذي لم يُهدد مرمى بوفون في أي كرة سوى في لعبة واحدة أراد أن يُسددها "خلفية مزدوجة" على طريقة هدفه الشهير في شباك مان سيتي، وهو ما أجهض الفاعلية الهجومية للإنجليز.