كتب غازي مرتجىالمؤسف في المرحلة الراهنة هو إستغلال انشغال أطياف الشعب الفلسطيني وتوقيع اتفاقات خطيرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل , والضامن الأساسي لنجاح تلك الاتفاقات وعدم الاعتراض عليها هو التكتيم على تفاصيلها بداية ً , وانشغال النُخبة إما بعراكات داخلية أو بحل مشكلات ثانوية .. أو بشراء ضمائرها ! . اتفاقية "البحرين" مثالاً , فسلطة المياه وقّعت مع وزارة الطاقة والتطوير الإقليمي اتفاقاً يقضي ببيع المياه المُحلاّة للفلسطينيين والأردن ونقل جزء من مياه "العقبة" إلى البحر الميت الذي لا يزال يقبع وسيظل تحت السيطرة الإسرائيلية .. تفاصيل الإتفاق نُشرت بتصريحات من "سيلفان شالوم" الوزير الإسرائيلي ولم يُكلف رئيس سلطة المياه الفلسطيني بالتصريح أو كشف تفاصيل الإتفاق على الرغم من بعض الأحاديث الجانبية التبريرية .. الإتفاقية يُمكن تسميتها باتفاقية "إلى مدى الحياة" ولم تقتصر على فترة معينة أو أن تكون انتقالية حتى , كما تتعامل إسرائيل مع الملفات الحساسة الفلسطينية . أيام قليلة مضت لتُعلن بعدها "سلطة الطاقة" عن توقيع اتفاقية لتوريد الغاز الإسرائيلي لمحطة توليد الكهرباء المنوي إنشاؤها في الضفة بعد عامين .. الإتفاقية أيضاً لم تقتصر على فترة معينة بل كانت لمدة عشرين عاماً . هنا عند إتفاقية توريد الغاز الطبيعي .. يُطرح أكثر من سؤال .. وهل "غاز غزة" رجس من عمل الشيطان مثلاً ؟ وهل يئست السلطة الفلسطينية من المُطالبة بحقها في "غاز غزة" على الرغم من عدم مطالبتها به حتى اللحظة !؟ اعتمدت إسرائيل نظام "التجزئة" و "المرحلية" في أي اتفاق توقعه مع الفلسطينيين , إلا إذا كان الاتفاق لصالحهم ولصالح دولتهم .. أما نحن الفلسطينيون فنعتمد على "اللامبالاة" في أي اتفاق نوقعه , ونبدأ بالبكاء والعويل بعد أن يصل "الخازوق" أعلى الرأس ! إتفاقية توريد الغاز وما سبقها من إتفاقية توريد الماء , سيتبعها إتفاقيات بمراحل أطول ربما تكون لصالح توريد الهواء ! . يقول المثل الشعبي "اشتري المنشي ولا تنشي" , وسلطتنا تشتري "المنشي" دون أن تفكر بطريقة "الشي" أصلاً .. لو طالبت السلطة الفلسطينية على سبيل "المراوغة" بحصتها ونصيبها من "غاز غزة" , بدلاً من أن تشتري "الغاز الإسرائيلي" على الرغم من أن حصتها "القليلة" في غاز غزة أكبر مما وقعّت عليه لشرائه من "الغاز الإسرائيلي" . وبحسب الدراسات فإسرائيل ينقصها "الغاز الطبيعي" وهي بالأصل تشتريه من مصر ومن تركيا , على يقين أنه وفي يوم من الأيام ستستخرج إسرائيل "غاز غزة" لتبيعه للسلطة الفلسطينية أيضا ً . في يوم من الأيام سرّبت صحف إسرائيلية نوايا حكومة الإحتلال البدء باستخراج الغاز الطبيعي الموجود قبالة السواحل اللبنانية , كان "التسريب" مقصوداً لمعرفة حجم الرد اللبناني , فهدّد حسن نصر الله بحرب جديدة ضد إسرائيل لو أقدمت إسرائيل على محاولة استخراج الغاز الطبيعي اللبناني .. وكانت "التسريبة" الأولى والأخيرة ! . لا تلوموا السلطة .. ف"غاز غزة" رجس من عمل الشيطان , و "غاز إسرائيل" أنقى وأطهر .. وأقم الصلاة !