لم يكن أغبى من قرار مجلس إدارة الزمالك بقبول استقالة المعلم حسن شحاتة سوى الطريقة التى تم التراجع بها، فبعد أن خرج أعضاء مجلس الإدارة جميعهم من غرفة الاجتماع وأعلنوا بعظمة لسانهم القرار، ومنهم من أخذته الحماسة ونقحت عليه الكرامة وانتقد حسن شحاتة واستقالته التليفونية ورفضه دعوة المجلس للحضور، واعتبرها إهانة لمؤسسة الزمالك العظيمة وطعن فى كبريائها واستهزاء بمجلسها. وبعد أن وثقت البرامج الرياضية والمواقع الإلكترونية والصحف المطبوعة قرارات المجلس، وقبل مرور أقل من ثلاث ساعات جاءت الأنباء من إدارة النادى تؤكد تجميد قرار قبول استقالة شحاتة، الأمر الذى يشير إلى أن حدثا جللا قد وقع فى هذه المدة الزمنية القصيرة دفعت الأشاوس من أعضاء المجلس الذين أخذتهم العنترية الكلامية والكرامة الوهمية إلى التراجع بهذه السرعة. وعلى الفور بدأت أبحث عن أخبار مظاهرات أو تجمعات فى الميادين العامة وحول النادى تطالب بالتراجع أو اقتحام المشجعين لبوابة النادى أو إعلان اللاعبين اعتصاما مفتوحا إلى حين عودة شحاتة، ولكن المفاجأة اللطيفة والظريفة والمحزنة المبكية المؤلمة على حال نادى الزمالك أن شيئا من هذا لم يحدث، فلا الجماهير خرجت ثائرة ولا اللاعبون اعتصموا ولا البوابات اقتُحمت، والشىء الوحيد الذى وقع هو استيقاظ ممدوح عباس من ساعة أيلولته فى مصيفه بإسبانيا، وما أقوله ليس على سبيل المبالغة أو السخرية فهذه هى الحقيقة، فأعضاء المجلس لم يجدوا ممدوح عباس لمراجعته قبل اتخاذ القرار وعندما استيقظ من نومه أو عاد من نزهته وعلم بقبول استقالة شحاتة والتطور الدراماتيكى السريع الذى وقع خلال فترة غيابه عن الوعى، قرر تجميد القرار إلى حين عودته بالسلامة إلى أرض الوطن. تخيلوا المسخرة التى يعيشها الزمالك فمجلس الإدارة بحضور أغلبية أعضائه يتخذ قرارا بعد مناقشات ومداولات استمرت ساعات فيلغيه الرئيس فى مكالمة تليفون، إلا أن المصيبة لم تقف عند حدود إهانة واستهانة عباس بمجلس إدارته ولكن فى رد فعل الأشاوس الذين اعترضوا على أسلوب المعلم فى التعامل معهم، واتهموه بجريمة إغلاق تليفونه المحمول بعد تقديم استقالته، كأنه من المفترض أن يستقيل ثم يجلس ذليلا على باب غرفة مجلس الإدارة فى انتظار قرار البهوات، الذين أثبتت الأحداث أن رأيهم لا قيمة له وأنهم على مقاعدهم (طرا...)، وهو ما أثبته عباس بالدليل الدامغ بتجميده القرار بمكالمة تليفون فجاء رد فعلهم يعبر عن حالهم الحقيقى (...طير) حيث أصدر صبرى سراج نائب رئيس النادى، بيانا قال فيه إن مجلس الإدارة لم يحسم قراره بشأن استقالة شحاتة وعقوبة شيكابالا، وأن القرار النهائى سيصدر السبت القادم، وهو الأمر الذى يكشف عن النوعية الحقيقية لأعضاء مجلس إدارة الزمالك، ويؤكد ما يتردد من أن قراراتهم فى شأن فريق الكرة مرتبطة بمصالح تجارية ومعنوية بين بعض أعضاء مجلس الإدارة واللاعبين محل الأزمة، فليس خفيا على أحد علاقة الصداقة القوية والمتينة التى تربط حازم مع ميدو، وهى علاقة توطدت أواصرها من خلال عملهما معا فى قناة تليفزيونية. وعلى نفس الخط هناك علاقة بزنس تربط ميدو مع أطراف داخل النادى، وهو بزنس يقوم فى أساسه على نادى الزمالك، ولو تذكرون المشكلة التى وقعت بين ميدو وعباس قبل سفره إلى مصيفه بإسبانيا وانتهت بطرد الأول من المكتب كان محور الحديث فيها عن البزنس والمشاريع التى طلب ميدو إسنادها إلى شركته، وهو بزنس يتعاطف معه ويرعاه عمرو الجناينى عضو المجلس الذى يصدِّر نفسه للرأى العام باعتباره المخلص والمحب الوحيد للنادى، الذى تصادف مساندته لحازم فى طلب إعطاء ميدو فرصة أخرى وعدم قبول طلب شحاتة باستبعاده لأن القرار الذى اتخذه المدرب ربما يكون فى مصلحة الفريق، ولكنه ليس فى مصلحة الصداقة والبزنس.