العيون العربية غالبا في الاختيار بين اللاعبين المحترفين هي عيون كفيفة أو عورة تترك الجيد وتختار الأسوأ بين السيئين، فبعد أن رفض الأهلي ضم الإيطالي ذي الأصول المصرية ستيفان شعراوي في وقت من الأوقات متعللين بالتكلفة المالية، يعود الأهلي المصري ويكررها وفي الوقت الذي تعاقد فيه مع البرازيلي فابيو جونيور، ودومينيك داسيلفا رفض الأهلي التعاقد مع بيير إميريك أوباميانغ نجم منتخب الغابون المولود في فرنسا قبل 23 عاما عام 2011 بسبب المغالاة في ثمنه! وفي وقت العيون العمياء في المنطقة العربية ففريق بروسيا دورتموند الألماني لا يبكى أبدا على رحيل أي من نجومه، فهو يثق تمام الثقة في أن مصنعه لا يتعطل، وسينتج نجما غيره في زمن قياسي ربما يفوقه في المستوى، بفضل العيون الثاقبة في الاختيار. كشافو دورتموند يملكون أعين ثاقبة، وقد انتهجوا خلال السنوات الماضية تحت قيادة المدرب المحنك يورغن كلوب سياسة بارعة في انتقاء المواهب جعلت الفريق يناطح أسياد القارة العجوز ويتفوق عليهم. رحل لوكاس باريوس ومحمد زيدان، فسطعت نجومية ليفاندوفسكي، رحل نوري شاهين فتوهج كاغاوا، رحل كاغاوا فوصل ماريو غوتزه وماركو ريوس للقمة، رحل غوتزه فاطمئنت جماهير أسود فيستفاليا على أن أوباميانغ خير خلف له. الحبة الاخيرة في عنقود نجوم بوروسيا دورتموند وصيف بطل الدوري الألماني، فإن بيير إميريك أوباميانغ نجم منتخب الغابون المولود في فرنسا قبل 23 عاما، والملقب ب"نيمار الأفريقي"، قدم أوراق اعتماده فعليا ليكون معشوق الجماهير الجديد في مسرح سيغنال إيدونا بارك. صنع أوباميانغ شهرته مع سانت إيتيان الفرنسي خلال الموسمين الماضيين، ونجح في الموسم الماضي في الحصول على وصافة هدافي "الليغ آ" ب19 هدفا خلف النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش أيقونة باريس سان جيرمان. أعطت إدارة دورتموند والمدرب كلوب للاعب الأفريقي فرصة العمر لشغل مركز صانع الألعاب في الفريق وصيف بطل التشامبيونز ليغ، وقد كان عند حسن الظن في مباراته الرسمية الأولى امام الغريم اللدود وبطل أوروبا بايرن ميونخ، حيث ساهم بفاعلية في فوز الفريق الأصفر الكبير 4-2 ، خاصة بعد صناعة متميزة للهدف الرابع لماركو رويس عقب انطلاقة سريعة من منتصف الملعب. وفي أول جولات البوندسليغا، برهن أوباميانغ، صاحب ال13 مليون يورو، على أن دوره لن يتوقف على الصناعة فقط، بل قدم حلولا إضافية لهز الشباك، فسجل "هاتريك" في أول مباراة بالدوري امام أوغسبورغ (4-0) بثلاثية "ملعوبة" تبرهن على قدراته الهجومية، حتى أن بإمكانه تعويض انخفاض المستوى المتوقع للهداف البولندي روبرت ليفاندوفسكي المنشغل بالانتقال للبايرن. وبخلاف تلك الموهبة والقدرات الهائلة، سيفتخر دورتموند امام خصومه بأنه يمتلك "أسرع لاعب في العالم" إن لم يكن أسرع شخص على سطح الكوكب، إذ رصدت سرعته حين قطع مسافة 30 مترا خلال 3.7 ثانية فقط. هذا الرقم الذي سجله أوباميانغ يجعله متفوقا على البطل الأوليمبي والعداء الجامايكي الأشهر أوسين بولت، الذي حقق الرقم القياسي العالمي في سباق 100 متر عام 2009 ب9.58 ثانية. ولعل أكثر من يشعر بالندم الآن هو نادي ميلان الإيطالي الذي كان يملك أوباميانغ في قطاع ناشئيه عام 2007 ، لكنه فرط فيه ليصنع شهرته في الأراضي الفرنسية مع فرق ديجان وليل وموناكو قبل سانت إيتيان. لكن سخرية القدر تتجسد في أن نادي الأهلي المصري صرف النظر عن التعاقد مع أوباميانغ عام 2011 بسبب المغالاة في ثمنه وتعاقدوا مع أوسو كونان!