فرضت موجات التضخم العالمية، التي اجتاحت الاقتصاد الدولي خلال السنوات الماضية اختبارًا صعبًا على الدول الناشئة، التي وجدت نفسها أمام تحديات متشابهة، حيث دفع ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، واضطراب سلاسل الإمداد، وتقلبات أسواق العملات، هذه الدول إلى البحث عن حلول سريعة ومتوسطة الأجل لحماية اقتصاداتها واستقرار أسواقها. وفي هذا السياق، يوضح د. أحمد سمير الخبير الاقتصادي أن اختلاف مسارات المواجهة كان انعكاسًا مباشرًا لاختلاف هياكل الاقتصادات، ومدى جاهزية السياسات النقدية والمالية في كل دولة. السيطرة على السياسة النقدية وأكد د. أحمد سمير ل بوابة أخبار اليوم أن السيطرة على السياسة النقدية كانت الأداة الأبرز لدى أغلب الدول الناشئة، عبر رفع أسعار الفائدة وضبط حجم السيولة المتداولة، بهدف كبح الضغوط التضخمية واحتواء موجات ارتفاع الأسعار، اتجهت دول عديدة إلى دعم الإنتاج المحلي، باعتباره خط الدفاع الأول أمام التضخم، مع تشديد الرقابة على أسعار السلع الأساسية لمنع الممارسات الاحتكارية والزيادات غير المبررة. وأشار إلى أن تعزيز الاستقرار الاقتصادي والسياسي لعب دورًا محوريًا في استعادة ثقة المستثمرين والمواطنين في العملات المحلية، وهو عنصر لا يقل أهمية عن القرارات النقدية نفسها. تجارب دولية وأضاف سمير أن تجارب دولية أظهرت تنوعًا واضحًا في طرق التعامل مع التضخم، حيث أن تركيا اختارت تشديد سياستها النقدية بصورة كبيرة لمحاصرة الارتفاعات السعرية، بينما ركزت البرازيل على تنفيذ إصلاحات اقتصادية وهيكلية لتعزيز الاستقرار على المدى الطويل، وفي المقابل وضعت الهند زيادة الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على الاستيراد في صدارة أولوياتها، مستفيدة من قاعدة صناعية واسعة وسوق داخلية كبيرة. أين تقف مصر من هذه التجارب؟ بالنسبة لمصر، أكد د. أحمد سمير أن التجربة المصرية اتسمت باتباع نهج متكامل يجمع بين أدوات السياسة النقدية والإجراءات الهيكلية، حيث أن الدولة نجحت خلال فترات مهمة في السيطرة على التضخم، سجل المعدل نحو 4.4% خلال الربع الأول من عام 2021، وهو مستوى جاء ضمن مستهدفات البنك المركزي المصري في ذلك الوقت. وأضاف الخبير الاقتصادي أن مواجهة التضخم في مصر اعتمدت على تشديد السياسة النقدية من خلال رفع أسعار الفائدة، ودعم الإنتاج المحلي في قطاعات الصناعة والزراعة، إلى جانب تكثيف الرقابة على الأسواق وأسعار السلع الأساسية، بما ساهم في حماية القوة الشرائية للمواطنين. وأشار سمير إلى أن التقديرات الدولية تحمل قدرًا من التفاؤل للاقتصاد المصري، حيث توقع صندوق النقد الدولي تراجع معدل التضخم في مصر إلى نحو 15% بحلول يونيو 2025، فيما يستهدف البنك المركزي الوصول به إلى 7% على المدى المتوسط، مؤكدًا أن تحقيق هذه المستهدفات سيعزز موقع مصر بين الدول الناشئة التي نجحت في تحويل أزمة التضخم إلى فرصة لإعادة ضبط مسارها الاقتصادي. اقرأ أيضا تجارية الجيزة: الدولة تعزز دعم الإنتاج والتصدير وتوفر محفزات قوية للاستثما