فى الوسط الرياضى، وتحديدًا فى كرة القدم، تتكرر مشاهد الجدل والصخب مع كل إخفاق أو أزمة، لكن المثير للتعجب ليس الإخفاق ذاته بقدر ما هو طريقة التعاطى معه. فغالبية النقاشات الدائرة عبر البرامج الرياضية، التى تحولت فى كثير منها إلى «أكل عيش»، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعى، لا تذهب إلى جوهر المشكلة، بل تركز على الأشخاص لا على المنظومات، وعلى تصفية الحسابات لا على تحليل البرامج أو الخطط أو مضمون العمل، وكل ذلك يُغلّف بشعار «النقد البنّاء» وهو منه براء. أقرب مثالين على هذا المشهد هما إخفاق المنتخب الثانى فى كأس العرب المقامة فى قطر، والأزمة المستمرة التى يعيشها نادى الزمالك. ففى الحالة الأولى، سارع كثيرون إلى تحميل المدير الفنى حلمى طولان كامل المسئولية، وكأن الرجل كان يعمل فى بيئة مثالية تتوافر لها كل مقومات النجاح. بينما السؤال المنطقى الذى يجب أن يسبق أى محاسبة هو: هل تم تقديم الدعم الكافى؟، وما نوعية الاستعدادات التى سبقت البطولة؟، وهل تمت الاستجابة لمطالب الجهاز الفنى الفنية والإدارية؟. الأهم من ذلك هو غياب التساؤل حول وجود خطة واضحة للمنتخب الثانى. أما فى نادى الزمالك، فالأزمة أعمق وأكثر تعقيدًا. مجلس الإدارة الحالى تسلّم نادياً مثقلاً بالمشكلات، من قضايا دولية وديون وأزمات إدارية متراكمة. ورغم ذلك، ينحصر جزء كبير من النقد فيما دفعه المجلس من أموال، دون النظر إلى حجم التركة الثقيلة التى ورثها. كما يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى الصراحة مع الجماهير، وهل تم إيضاح أن هذه المشكلات لن تنتهى سريعًا، وأن كل يوم قد يحمل أزمة جديدة. فى النهاية، المشكلة لا تكمن فى النقد ذاته، فالنقد ضرورة لأى تطوير، لكن الإشكالية فى سهولته من مقاعد المشاهدة وصعوبته على أرض الواقع. من السهل إطلاق الأحكام وتحديد المسئوليات، لكن ماذا لو كنا نحن فى موقع متخذ القرار؟ عندها سندرك أن الكلام أسهل كثيرًا من الفعل، وأن الإدارة ليست شعارات، بل قرارات صعبة فى ظروف معقدة، وأن النقد الحقيقى هدفه الفهم والتقويم لا الهدم.