كرّم وزير السياحة والآثار شريف فتحي عالمة المصريات الأرمنية الدكتورة هوريج سوروزيان، بمنحها شهادة تقدير رسمية، اعترافًا بدورها المحوري في مشروع ترميم تمثالي الملك أمنحتب الثالث في الأقصر، وجهودها الممتدة لأكثر من ربع قرن في إعادة إحياء المعبد الجنائزي للملك. وجاء التكريم على هامش إزاحة الستار عن التمثالين العملاقين بعد الانتهاء من أعمال ترميمهما وإعادة تركيبهما ورفعهما في موضعهما الأصلي داخل المعبد، في خطوة وُصفت بأنها إنجاز بارز في مسار الحفاظ على التراث المصري القديم. وأكد الوزير أن المشروع يعكس التزام الدولة بحماية آثارها الكبرى، مشيرًا إلى أن إعادة تمثالي أمنحتب الثالث إلى مكانهما تمثل إضافة نوعية للمشهد الأثري في الأقصر وتعزز مكانتها كوجهة عالمية للسياحة الثقافية. وشدد على أن ما تحقق هو ثمرة عمل شاق وتعاون طويل بين خبرات مصرية ودولية. من جانبها، أوضحت الدكتورة هوريج سوروزيان أن فريق العمل عثر على أجزاء التمثالين على مدار سنوات متفرقة وفي حالة سيئة من الحفظ، بعدما غمرتها المياه المالحة وطبقات الطمي، إلى جانب استعادة كتل جرانيتية من المتحف المفتوح في معابد الكرنك. وأضافت أن أعمال الترميم الفعلي بدأت عام 2006، وشملت التنظيف الدقيق والمسح ثلاثي الأبعاد وإعادة تركيب الكتل حتى الانتهاء من رفع التمثالين عام 2025، بارتفاع يتراوح بين 13.6 و14.5 مترًا. واستعرضت مهندسة الموقع المعمارية والمرممة نايري هامبيكيان التحديات الهندسية التي واجهت المشروع، وعلى رأسها التغير المستمر في منسوب المياه الجوفية، ما استدعى حلولًا فنية دقيقة لضمان استقرار الموقع الأثري. وأشارت إلى أن المشروع أسهم في بناء كوادر مصرية متخصصة، من خلال تدريب أكثر من 30 مرممًا وتأهيل عدد من المهندسين للعمل في مجال الآثار. وأكدت هامبيكيان أن التعاون بين المجلس الأعلى للآثار والمعهد الألماني للآثار بالقاهرة، بدعم من مؤسسات دولية معنية بحماية التراث، قدّم نموذجًا ناجحًا للعمل الأثري المشترك، وأسفر عن نتائج غير مسبوقة في الترميم وبناء القدرات. ويعود المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث، المعروف بمعبد ملايين السنين، إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ويُعد الأكبر بين المعابد الجنائزية في مصر القديمة. ورغم ما تعرض له من دمار عبر الزلازل والسيول وعوامل الزمن، ظل تمثالا ممنون شاهدين على عظمة هذا الصرح، ليعودا اليوم بعد ترميمهما كرمز لنجاح جهود علمية وإنسانية قادتها الدكتورة هوريج سوروزيان على مدار سنوات طويلة من العمل المتواصل.