كتبت: دينا يحيى الأدغم في آواخر سبتمبر الماضي، أصدر المدير الأسبق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد»، كتابًا زعم خلاله نجاح الجهاز، في زرع عملاء داخل هرم القيادة الأعلى في عدد من الدول. المثير في الكتاب ليست المعلومات عالية السرية التي كشف عنها، ولا تمهيده غير المباشر لخلافة بنيامين نتنياهو في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، لكن المثير حقًا أن الكتاب حمل عنوانين مختلفين؛ ففي نسخته العبرية عنوان الكتاب «بالأحابيل تصنع لك حرباً»، فيما جاء اسم الكتاب باللغة الإنجليزية «سيف الحرية: إسرائيل الموساد والحرب السرية». فما المغزى والدلالة من ذلك؟ وهل هناك سوابق تاريخية شبيهة بمثل ماحدث مع كتاب الجنرال الإسرائيلي؟ ولتوضيح الصورة كاملة، استطلعت «بوابة أخبار اليوم» آراء عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين والمتخصصين في الشأن العبري. سمير فرج: إسرائيل فشلت في تهجير الفلسطينيين.. والموساد لم يخترق الدول كما يدّعي الكتاب قال اللواء أركان حرب د. سمير فرج إن كتاب يوسي كوهين يحاول إظهار الموساد كقوة قادرة على اختراق القيادات والتأثير في القضية الفلسطينية، وهو ما اعتبره "مبالغة ومحاولة لصناعة صورة غير واقعية". وأوضح أن المقترح الإسرائيلي لتهجير سكان غزة إلى سيناء قوبل برفض مصري قاطع بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدًا أن تهجير الفلسطينيين خط أحمر. وأضاف أن أجهزة الأمن المصرية قادرة على حماية الأمن القومي، بينما لم ينجح الموساد في تحقيق اختراق فعلي داخل الدول العربية. وأشار فرج إلى أن الكتاب يسعى لتبرير ما تسميه إسرائيل ب"الوضع المؤقت" للقضية الفلسطينية، رغم فشلها منذ اندلاع حرب غزة 2023 في تحرير الأسرى أو إنهاء وجود "حماس". حاتم الجوهري: اختلاف عنوان الكتاب يكشف طريقة الموساد في مخاطبة كل جمهور بلغته أكد د. حاتم الجوهري، أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس، أن اختلاف عنوان الكتاب بين النسخة العبرية والإنجليزية ليس أمرًا عشوائيًا، بل أسلوب تقليدي في الخطاب الصهيوني. وأوضح أن العنوان العبري مأخوذ من سفر "الأمثال" ويتعلق بالخداع والمكائد في تجنيد العملاء، بينما العنوان الإنجليزي "سيف الحرية" يخاطب الجمهور الغربي ليبدو أكثر إنسانية ويُظهر إسرائيل كمدافع عن الديمقراطية. وأضاف أن الكتاب يعكس اهتمام الموساد بتوجيه السرديات الإعلامية والثقافية في العالم، واستخدام الدعاية لتلميع الأهداف السياسية، رغم ما ترتكبه إسرائيل من ممارسات مثل التهجير القسري والانتهاكات، حسب وصفه. محمد هندام: كوهين يقدم نفسه كزعيم سياسي محتمل.. والكتاب خطوة لحجز مقعد في المشهد الإسرائيلي قال د. محمد هندام عبد الدايم، أستاذ الأدب العبري والسياسة الإسرائيلية بجامعة المنصورة، إن الكتاب يكشف محاولة واضحة من كوهين للمزج بين حياته المهنية وطموحاته السياسية، من خلال تقديم نفسه كقائد نفّذ عمليات بارزة في لبنان وإيران وحزب الله. وأشار إلى أن كوهين يستغل الكتاب للتقليل من إنجازات المسؤولين السابقين، وإظهار نفسه كخيار سياسي قادر على خلافة نتنياهو. وأكد أن توقيت نشر الكتاب وظهوره الإعلامي يهدفان لتعزيز مكانته في الساحة السياسية، لكنه لن يغير من الموقف المصري الرافض تمامًا لتهجير الفلسطينيين. ويرى الخبراء أن كتاب يوسي كوهين لا يعكس قوة حقيقية للموساد بقدر ما يعيد صياغة الرواية الإسرائيلية أمام العالم، متجاهلًا الحقائق على الأرض. ويجمع المتخصصون على أن الموقف المصري ثابت في حماية سيادته ورفض أي مخطط لتهجير الفلسطينيين، وأن قدرة الموساد على التأثير السياسي والإعلامي تبقى محدودة أمام ثبات المواقف العربية والدولية.