أعلن متحف اللوفر في باريس عن تضرر «ما بين 300 و400 عمل» ضمن مكتبة قسم الآثار المصرية، جراء تسرب مياه وقع في أواخر نوفمبر الماضي، وهو ما يُعد أحد أخطر الحوادث التي تشهدها هذه المؤسسة العالمية المعروفة، بعد أسابيع من سرقة مجوهرات بقيمة 102 مليون دولار من داخله. وقال نائب مدير المتحف، فرانسيس شتاينبوك، إن الأعمال المتضررة تشمل مجلات علمية ووثائق بحثية في علم المصريات يعود تاريخها إلى أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. وأوضح أن هذه المواد «مفيدة للغاية» للباحثين، لكنها «ليست قطعًا أثرية فريدة»، مضيفًا: «لم تتأثر أي قطع أثرية تراثية بالمتحف حتى الآن». وحسب إدارة المتحف، تسرّب المياه كان نتيجة فتح عرضي لصمام ضمن نظام التدفئة والتهوية في جناح «موليين»، الذي كان النظام فيه خارج الخدمة لعدة أشهر. وأضاف المتحف أن خطة استبدال ذات النظام كانت مقررة في سبتمبر 2026، لكن الحادث جاء قبل الموعد بوقت طويل. أما عن مصير الكتب المتضررة، فقال شتاينبوك: «سيُجفَّف المحتوى، ثم يُرسَل إلى مرمّم كتب لإعادته إلى حالته، وبعدها تُعاد الأرفف»، مرجّحًا أن بعض الأجزاء قد لا تُصحّح بالكامل. اقرأ أيضا: المدعي العام الفرنسي: مجوهرات اللوفر المسروقة لم تسترد بعد زيادة أسعار تذاكر دخول المتحف وسط هذه الأزمة، أعلن متحف اللوفر رفع سعر تذكرة الدخول لغير الأوروبيين ومن ضمنهم الزوار من الولاياتالمتحدة، بريطانيا والصين، إلى 32 يورو (بعد زيادة بنسبة 45%)، في خطوة قال إنها تهدف إلى جمع نحو 23 مليون دولار سنويًا لتغطية تكاليف الصيانة والإصلاحات. يأتي ذلك بعد أن شهد المتحف مؤخرًا إقبالًا واسعًا، حيث استقبل 8.7 مليون زائر في 2024، 69% منهم من خارج فرنسا. ويأمل أن تُمكِّن الزيادة الجديدة في الإيرادات من تجديد البنية التحتية المتداعية للمتحف، خصوصًا أن التسرّب المائي الأخير أعاد إلى السطح التحذيرات السابقة بشأن تآكل الأساسات والأنظمة الداخلية. اقرأ أيضا: متحف اللوفر ينقل بعض مجوهراته إلى خزائن البنك المركزي الفرنسي ما بين التاريخ والقيمة.. مخاطر تجاهل صيانة الإرث وتُعد الكتب المتضررة بمثابة قاعدة بحثية مهمة في علم المصريات، تُستخدم من قبل أجيال من الباحثين والمصوّرين والدارسين لتوثيق الحضارة المصرية القديمة وبالتالي فإن تلفها يمثل خسارة فكرية وثقافية لا تُعوَّض بسهولة. ويتزامن ذلك مع توجيه أصابع الاتهام إلى إدارة المتحف، التي لطالما طالبت بتحديث بنيته التحتية ونظم الحماية والصيانة، ولكن مطالبها قوبلت بالتأجيل أو بالتمويل المحدود. وأثارت حادثة التسرّب موجة من القلق بين المختصين بشأن مصير المجموعات الأثرية والكتب العلمية داخل المتحف، خاصة أن هذا ليس أول حادث يُسجّل ضد اللوفر في السنوات الأخيرة (سرقة المجوهرات في أكتوبر، أعطال سابقة، تأخير في الصيانة...). ويبرز حادث تسرّب المياه في اللوفر هشاشة البنية التحتية حتى في أعرق المتاحف العالمية، ويطرح سؤالًا مهمًا: هل يمكن الحفاظ على الإرث الإنساني دون ضمان استثمارات دائمة في الحماية والصيانة؟ في المقابل، يجب أن تشكّل هذه الأزمة دعوة جادة لوضع سياسات وقائية واضحة وإعادة جدول صيانة عاجلة لجميع مرافق المتاحف الكبرى.