تعددت وقائع العنف داخل المدارس في الفترة الأخيرة بأشكال وأساليب مختلفة، وتدخلت وزارة التربية والتعليم والمديريات التعليمية فى المحافظات للتعامل معها، بل إن الجزء الأكبر منها وصل إلى جهات التحقيق القضائية ما يشير إلى تطورها، ما يدفع لطرح تساؤلات عن أسباب تصاعد وتيرة وقائع العنف ومن المسئول عنها وكيف يمكن التعامل معها؟ ◄ مرصد الأزهر: 70 % من الأطفال يتعرضون للتنمر والعنف بالمدارس وقبل أيام أثار مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات عديدة حول تطور سلوكيات الطلاب وغياب كافة أشكال الانضباط التربوى والسلوكى لديهم داخل المدرسة وبدا أن هذا الانفلات أحد دوافع العنف. وأظهر الفيديو قيام مجموعة من الطلاب بمدرسة عبدالسلام المحجوب التجريبية بمحافظة الإسكندرية وهم يمارسون سلوكيات غير منضبطة متعمدين خلالها إهانة معلمة، وتضمن قيامهم بإلقاء القمامة داخل الحجرة المخصصة للمعلمة. وقررت وزارة التربية والتعليم فصل الطلاب المشاركين فى الواقعة فصلًا نهائيًا لمدة عام، وإحالة الواقعة كاملة إلى الشئون القانونية لاتخاذ أقصى أنواع الجزاءات بحق كل من يثبت تقصيره أو تورطه من إدارة المدرسة والإدارة التعليمية. وقبل هذه الواقعة هزت واقعة اتهام أربعة عاملين بخطف وهتك عرض خمسة أطفال داخل أروقة مدرسة «سيدز» الخاصة بمنطقة السلام الرأى العام، وبحسب النيابة العامة فإن اثنين من المتهمين اعترفا بأنهما «دأبا على ذلك منذ ما يزيد على عام، وبررا الأمر بهوسهما الجنسي بالأطفال». ◄ اقرأ أيضًا | بمناسبة اليوم العالمي.. ذوو الهمم في عيون «التربية والتعليم» وقررت الوزارة إحالة مسئولي المدرسة ممن ثبت تورطهم في «التستر أو الإهمال الجسيم» إلى الشئون القانونية، ووضعت المدرسة تحت الإشراف المالى والإداري. وبدا أن هناك شكلًا آخر وغير معتاد من العنف المدرسى ظهر هذه المرة قبل أيام بمدرسة شهداء الحرية الابتدائية بإدارة الهرم التعليمية، إذ قام عدد من الطلاب بإمساك قطة نافقة فى فناء المدرسة وترويع زملائهم بها وهو ما أظهره فيديو جرى تداوله على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي. وقررت إدارة الهرم التعليمية فصل 4 طلاب حتى نهاية الفصل الدراسى الأول ومجازاة المسئولين عن الإشراف والمتابعة: وهم مدير المدرسة، والإشراف العام بها، وإشراف الفناء، ومتابع المرحلة المتواجد خلال الواقعة. وخلال شهر نوفمبر الماضى شهدت مدرسة الشهيد أحمد يحيى الثانوية بمحافظة الشرقية واقعة مؤسفة عقب تعدى ثلاثة طلاب بالضرب على طالب بالصف الثانى الثانوى داخل المدرسة، وأسفرت الواقعة عن إصابة الطالب بجروح قطعية متفرقة بالجسد، وتم نقل الطالب إلى مستشفى الزقازيق العام وإخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيق. ومن بين الوقائع ما عُرف إعلامياً بقضية «طفل دمنهور» الذى ارتدى فى جلسة محاكمة مغتصِبه زى «سبايدر مان»، وقد تعرّض الطفل الذى لم يتجاوز السادسة من عمره للاغتصاب لفترة طويلة من قبل أحد العاملين فى مدرسة خاصة بمحافظة البحيرة. وللمعلمين أيضاً نصيب من وقائع العنف خلال الأيام الماضية، بعد أن تعرض الطفل عمر ياسر لإصابة بالغة داخل مدرسته بمحافظة قنا بعد اعتداء أحد المعلمين عليه ما تسبب فى إصابة خطيرة بعينه يشتبه أن تخلف عاهة مستديمة. وتشير الإحصاءات الصادرة عن المجلس القومى للأمومة والطفولة إلى ارتفاع بلاغات التحرش بالأطفال بنسبة 35% خلال العامين الماضيين، كما يشير تقرير مرصد الأزهر الصادر أخيراً إلى أن أكثر من 70% من أطفال مصر يتعرضون للتنمر والعنف داخل المدارس، وحذر من تنامى عددٍ من الظواهر السلبية داخل بعض المؤسسات التعليمية خلال السنوات الأخيرة. وأكد المرصد أن تزايد ممارسات مثل التحرش والعنف اللفظى والجسدى والتنمر والاستهزاء والتمييز بين الطلاب يشكّل خطرًا مباشرًا على سلامة الطلاب النفسية وتحصيلهم الدراسي، كما يسيء إلى صورة المعلم وقدرته على أداء رسالته الأساسية فى بناء الأجيال. من جانبها، قالت الدكتورة بثينة عبدالرؤوف، الخبيرة التربوية، إن العنف فى المدارس تحول إلى ظاهرة ولم يعد قاصراً على نمط تعليمى معين فهناك وقائع بالمدارس الدولية والخاصة والتجريبية والحكومية، لكن ما يبرهن على أن السلوك المنفلت أصبح ظاهرة هو انتشاره بالمدارس الخاصة والتجريبية وهى تضم أبناء الطبقة المتوسطة وهى الأكثر التزاماً بتربية الأبناء. وأوضحت أن أسباب العنف يرجع إلى انتشار مواقع التواصل الاجتماعى وتعلق الأطفال بالمحتويات الموجودة على الموبايل فى ظل عدم قدرة الأهل على رقابة ما يتعرضون له من محتويات، وهو أمر أضحى مستحيلاً الآن فى ظل إمكانية مشاهدة هذه المحتويات على أجهزة المحمول الخاصة بأقرانهم فى المدرسة وفى ظل مجتمع غير واعٍ نتيجة انشغال الأب والأم فى العمل أو ارتباطهم أيضا بمحتويات مواقع التواصل، مشيرة إلى أن ما تشهد المدارس المصرية يحدث بجميع دول العالم. وأشارت إلى أن قصور المنظومة التعليمية يعد من أسباب العنف، إذ إن جزءا كبيرا من المدارس يعانى عجزاً فى المعلمين والمشرفين ومعلمى التربية الرياضية والأخصائيين الاجتماعيين ويبقى الطلاب داخل المدرسة فى ظل عدم السيطرة عليهم بشكل كامل بمثابة قنابل موقوتة، كما أن لائحة الانضباط المدرسى وهى كافية لردع الطلاب لا يتم تطبيقها ولا يعرف الطلاب عنها شيئاً. وأكدت أن المعلمين يعانون ضغوطات عديدة نتيجة تحملهم القيام بمهام عديدة داخل المدرسة مع الضغط عليهم بالتقييمات والاختبارات المستمرة وكذلك وجود عجز بين صفوفهم وكذلك تعرضهم لضغوط اجتماعية واقتصادية أسوة ببعض الفئات الأخرى، بالتالى تقوم الوزارة بالضغط عليهم لكى تظهر الصورة جيدة من حيث الالتزام بينما فى الواقع يقود ذلك لمزيد من العنف الذى يصدر من بعض المعلمين أنفسهم. وقالت الدكتورة عزة فتحى أستاذة مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن وقائع التحرش واغتصاب الصغار والكبار أيضاً موجودة منذ فترة طويلة لأن المرضى النفسيين يتواجدون بيننا والنفس البشرية تحمل بداخلها الخير والشر، مشيرة إلى أن وجود مواقع التواصل الاجتماعى الآن أظهرت ما كان مسكوتا عنه.