لست ممن يحبذون استخدام المحسنات البديعية والألفاظ الرنانة فى الوصف، فأنا من مدرسة الرصد الواقعى للحدث أو للشخص، فمثلًا لا أقول إن الحادث أو الحريق مروع وضخم وفظيع وفادح، واكتفى بأن أكتب عدد الضحايا وما خلفه من تدمير، ولا أقول إن هذا الشخص ذكى وعبقرى وشجاع، واكتفى بقول إنه اخترع أو صمم أو أنقذ، فالرقم أو الموقف هو أفضل وأدق وأصدق وصف.. وسأترك لكم الوصف لموقف الرئيس عبدالفتاح السيسى، ونظيرة الأمريكى ترامب بمناسبة انتخابات مجلس النواب عندنا، والتصويت المبكر لانتخابات الكونجرس، وذلك من خلال ما كتبه كل رئيس على صفحته الشخصية عبر وسائل التواصل الاجتماعى، فكتب الرئيس السيسى يطلب من الهيئة الوطنية للانتخابات المنوط بها الإشراف على الانتخابات باستقلالية تامة: «الكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية.. لابد أن يأتى أعضاء مجلس النواب ممثلين عن شعب مصر تحت قبة البرلمان.. تحقيق الرقابة الفعالة على الدعاية الانتخابية». بينما كتب ترامب يقول: «أطلب من جميع الوطنيين الأمريكيين الأوائل فى الدائرة السابعة للكونجرس بولاية تينيسى، أن يتوجهوا للتصويت (لمات فان إيبس)، فهو يحظى بدعمى الكامل والشامل، توجهوا للتصويت لمات فإنه لن يخذلكم أبدًا»!. هذا هو موقف رئيسنا الحيادى المعلن من الانتخابات عندنا، وموقف ترامب المنحاز المعلن من انتخابات الكونجرس (البرلمان الأمريكى).. ولم نسمع أن الحزب الديمقراطى الأمريكى ولا أنصاره شككوا فى الانتخابات رغم التدخل والدعم السافر والعلنى من رئيس مفروض أنه رئيس لكل الأمريكيين لمرشح حزبه الجمهورى فى مواجهة المرشحة الديمقراطية المنافسة له!. بينما عندنا من يتعمد انتهاك التجربة الديموقراطية، التى واجهت ممارسات مست نزاهتها، وتم التعامل معها بكل صرامة وشفافية من خلال الرقابة الشعبية والقضائية، وبمساندة ودعم الرئيس، وبدلًا من أن نساعد جميعًا فى تحسين وإصلاح أداء التجربة بزيادة المشاركة فى الانتخابات، وحسن اختيار الأفضل والتشجيع.. أرى من يحاول هدم هذه التجربة وتكسير عظامها، بالتشكيك فى مؤسسات الدولة وهز الثقة فى عملها. كان يمكن أن نتقبل هذا بل ينتفض الشعب كلة إذا حدثت ممارسات تمس نزاهة الانتخابات دون مواجهة ودون عقاب، لكن طالما هناك رقابة وتصحيح للمسار، فنحن على الطريق الصحيح. احذروا الانسياق وراء حملات التشكيك فى مؤسسات الدولة، وادعموا التجربة الديمقراطية، وادعموا العدالة، واسعدوا بأن الرئيس وكل مسئولى الدولة لا ينتمون إلى أى حزب، وعلى الحياد من كل الأحزاب وكل المرشحين.. مازلنا نبنى الديمقراطية ولم نصل إلى كمالها بعد.