كشف تحليل نشرته صحيفة "ذا جارديان" عن أزمة خطيرة تضرب نظام الرعاية الصحية في إنجلترا، إذ يعاني نحو 387 ألف مريض من تأخيرات كبيرة في الحصول على فحوصات تشخيصية حاسمة لأمراض قاتلة كالسرطان وأمراض القلب، بينما يحذر الأطباء من أن هذه التأخيرات قد تؤدي إلى تدهور صحي خطير ووفيات كان يمكن تجنبها. أرقام صادمة تفضح واقع الخدمات الصحية أظهر تحليل بيانات أوقات الانتظار الذي أجرته الكلية الملكية لأطباء الأشعة أن 386,849 مريضاً انتظروا أكثر من ستة أسابيع للحصول على فحوصات تشخيصية خلال سبتمبر الماضي فقط. وبحسب "ذا جارديان"، فإن ما يقرب من نصف المستشفيات التابعة لخدمة الصحة الوطنية تفشل في تحقيق المعايير المحددة، على الرغم من توجيهات رسمية تقضي بألا يتجاوز نسبة المنتظرين 20% من إجمالي المرضى بحلول 2027. والمفارقة أن الهدف الرسمي ينص على ألا تتجاوز نسبة المنتظرين أكثر من ستة أسابيع 1% من المرضى، لكن هذا المعيار لم يتحقق منذ عام 2015. تشمل الفحوصات المتأخرة مسحات الأشعة المقطعية والمغناطيسية، والموجات فوق الصوتية، وفحوصات هشاشة العظام، واختبارات السمع، وتخطيط صدى القلب، بالإضافة إلى فحوصات تنظير القولون المستخدمة لاكتشاف سرطان الأمعاء. تحذيرات طبية من سباق مع الزمن يخسره المرضى وصف الدكتور ستيفن هاردن رئيس الكلية الملكية لأطباء الأشعة هذه التأخيرات المزمنة والواسعة بأنها "مقلقة للغاية"، مؤكداً لصحيفة "ذا جارديان" أن أعداداً كبيرة من المرضى يواجهون فترات انتظار طويلة ومؤلمة نفسياً للحصول على إجابات حول حالتهم الصحية، محذراً من أن غياب التحرك العاجل سيستمر في تعريض حياة المرضى للخطر. وأوضح هاردن أن تأخير الفحوصات يعني بقاء المرضى أسابيع أو أشهر في حالة قلق، وأحياناً مع معاناة من الآلام، دون معرفة حقيقة وضعهم الصحي، كما ان الأخطر من ذلك أن التأخيرات تستمر حتى بعد إجراء الفحوصات بسبب النقص الحاد في أطباء الأشعة المسؤولين عن تفسير نتائج المسحات، مما يعني أن المرضى لا يستطيعون البدء بالعلاج حتى يتم تشخيص مرضهم بشكل صحيح. السرطان.. معادلة قاتلة بين التأخير والوفاة نقلت "ذا جارديان" عن الدكتور هاردن تأكيده على حقيقة علمية مرعبة: كل شهر تأخير في علاج السرطان يرفع خطر الوفاة بنسبة 10%، مشيرا إلى أن بعض الأورام الخبيثة مثل سرطان الرئة تحتاج إلى فحوصات ومسحات متعددة للوصول إلى تشخيص دقيق، مما يعني أن التأخير في الوصول إلى هذه الفحوصات قد تكون له عواقب كارثية تصل إلى فقدان الأرواح التي كان يمكن إنقاذها. مليارات تُصرف دون جدوى ملموسة رغم ضخ خدمة الصحة الوطنية مليارات الجنيهات في إنشاء مراكز تشخيص مجتمعية ومراكز جراحية متطورة، أشارت لجنة الحسابات العامة البرلمانية إلى أن التأخيرات في الحصول على الفحوصات والعلاج لم تنخفض، كما أعرب معهد الدراسات المالية ومؤسسة الصحة البحثية عن شكوكهما في قدرة الحكومة على الوفاء بتعهدها الأساسي باستعادة معيار الانتظار 18 أسبوعاً للرعاية المخططة بحلول 2029. الحكومة تعترف بالأزمة وتعد بخطة إنقاذ اعترف متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية بأن الحكومة الحالية ورثت نظاماً صحياً متهالكاً مع قوائم انتظار متضخمة وخدمات طبية اختيارية بحاجة ماسة للتحديث، لكنه أكد أن هناك تقدماً يتحقق حيث انخفضت قوائم الانتظار وحصل حوالي 193 ألف مريض إضافي على تشخيص السرطان أو استبعاده في المواعيد المحددة خلال الاثني عشر شهراً الماضية مقارنة بالعام السابق. وأضاف المتحدث أن الحكومة مصممة على تحسين رعاية مرضى السرطان من خلال خطة وطنية شاملة قادمة، معترفاً بأن هناك الكثير من العمل المتبقي.