هل تتذكرون قضية إيمان عادل، المعروفة إعلاميًا ب»شهيدة الشرف»؛ تلك الجريمة التي صنفت كواحدة من أبشع الجرائم التي حدثت في عام 2020م، إيمان التي وقعت ضحية لاتفاق زوجها النذل مع صديقه بأن يهجم على مسكنها ويحاول الاعتداء عليها، ومن ثم يحضر زوجها ويسجل مقطعًا لها ليبتزها ويطلقها دون أي مستحقات، لكنها ماتت وهي تحاول الدفاع عن شرفها لآخر نفس.. أخيرا وبعد 5 سنوات من ارتكابها نفذت مصلحة السجون، صباح يوم الأحد قبل الماضي، حكم الإعدام الصادر ضد المتهمين بعد أن أيدت محكمة النقض حكم محكمة جنايات المنصورة بحقهم. أثارت قضية مقتل الطالبة إيمان عادل، بقرية ميت عنتر بمحافظة الدقهلية، حالة من الصدمة والحزن لجميع الأهالي على مستوى محافظة الدقهلية خاصة وباقي المحافظات عامة، تلك الجريمة التي اهتزت لها القلوب، واقشعرت منها الأبدان، وبكى فيها الصغير والكبير، أصابت القلوب بالحزن والألم، زاد الخوف بين الأهالي، انتشرت الشائعات وكثر الحديث، الكل حزين لا يريد سوى حق المسكينة التي قتلت غدرًا أمام طفلها الرضيع، ظل رجال المباحث لمدة أسبوع كامل يحاولون كشف لغزها حتى تمكنوا من القبض على المتهمين وكانت الصدمة أن الزوج هو القاتل الرئيسي.. لتشكف تحقيقات النيابة مفاجآت مرعبة، وهذه هي تقاصيل القضية التي نشرناها وقت حدوثها وظللنا نتابعها من البداية وحتى تنفيذ حكم القصاص الإعدام شنقًا. بدأت الحكاية في قرية ميت عنتر، حيث تعيش إيمان عادل، بطلة قصتنا، فتاة جميلة كانت رمزًا للطيبة والهدوء، تعيش مع زوجها محمد وابنهما الرضيع، زوجة شابة تُعرف بابتسامتها وحرصها على بيتها.. لم تتخيل أن من ائتمنته على حياتها سيكون أول من يبيعها، وأن من أقسم أمام الله على حمايتها سيجلس بجوارها ذات ليلة يرسم تفاصيل نهايتها. الساعة تدق... الليل ينتصف.. السماء تحمل قمرًا شاحبًا بين فكيها.. إيمان نائمة، يجلس بجوارها زوجها محمد على فراش السرير، يشعل سيجارته الرديئة، تدق رأسه الأفكار السوداء، يفكر كيف يتخلص منها حتى يظفر بحبيبته الجديدة، رسم خطة لا يمكن أن يتخيلها أحد... تفاصيل أغرب من الخيال أعطى بها نموذجًا للحقارة والدناءة في أبشع صورها.. ظن أنه فطن الخيال وخطط للإيقاع بزوجته في قضية زنا، ولكن خطته أخذت طريقًا آخر لم يكن في الحسبان ليشاء القدر أن يفتضح أمره قبل أن يلوث شرف بريئة أصبحت بين يد الله. كشفت تحقيقات النيابة تفاصيل مرعبة عن تلك القضية البشعة، فمن خلال استجواب الزوج أكد أنه لكثرة الخلافات الزوجية بينهما ورفض أهله رغبته في تطليقها، فكر في اختلاق واقعة تخل بشرفها لإنهاء علاقته بها. خطوات الجريمة بدأ الزوج يشرح كيف فكر لجريمته، فهنا جلس يفكر في خطة شيطانية ينهي بها علاقته بزوجته، بعدما تعرف على إحدى الفتيات وقرر الزواج منها، فلم يجد أمامه سوى أحمد، الذي يعمل معه داخل محل الملابس الذي يمتلكه، اتفق معه أن يتوجه لزوجته إيمان بمسكنهما ويواقعها كرهًا عنها، مستغلًا في ذلك إصابتها بنوبات من ضيق التنفس والإغماء تحول دون مقاومته، ليحضر هو خلال ذلك متظاهرًا بضبطها على تلك الحالة المخلة، فينهي علاقته معها، وكل ذلك مقابل مبلغ نقدي اتفق مع شريكه عليه، بينما اعترف المتهم الثاني أحمد بأنه لجأ للتخفي في زي امرأة منتقبة، فذهب لأحد المحال واشترى الجلباب، ثم اتجه بعد ذلك لخياط لضبط المقاس، تسلم بعدها نسخة من مفتاح بوابة العمارة، وترك الزوج مفتاح السكن بخارج الشقة، وبمجرد دخوله قابلته المجني عليها وقبل أن تصرخ انقض عليها كالذئب المفترس، حاولت مقاومته والدفاع عن شرفها وعرضها لكنه أخذ خيط الروب الذي كانت ترتديه، وخنقها حتى سقطت جثة هامدة، وكل ذلك أمام طفلها الذي لم يكمل الثمانية أشهر، ثم تركها وفر هاربًا. صرخات الرضيع شقت هدوء المنزل، أسرعت شقيقة الزوج لتعرف ماذا به، فوجدت إيمان جثة هامدة، أخذت تصرخ حتى اجتمع الأهالي و أبلغت الشرطة، وجاء محمد يبكي زوجته وتتساقط من عينيه بعض قطرات من دموع التماسيح، وصمم أن تدفن زوجته وشريكة حياته في مقابر عائلته، لم يشك أحد فيه ولو للحظة أن يكون هو سبب قتلها. المباحث تكشف الدناءة تشكل فريق بحث لكشف لغز الجريمة، أو لنقول الدناءة والخسة، أسبوع كامل ورجال المباحث يعملون ليلًا ونهارًا، بذلوا مجهودًا يفوق الخيال، كانت كاميرات المراقبة الخيط الأول في كشف اللغز، فالكل يبحث عن السيدة التي ترتدي النقاب ودخلت العمارة وقت ارتكاب الواقعة، حتى تمكنوا من تحديد هويته والقبض عليه، لكن المفاجآت كانت كثيرة، فالزوج هو المحرض والقاتل الرئيسي في تلك القصة، تم القبض على الاثنين واعترفا بارتكابهما الواقعة بالاتفاق فيما بينهما، وأمرت النيابة بإحالتهما لمحكمة الجنايات. الإعدام وبعد سنة من ارتكاب الجريمة، قضت محكمة جنايات المنصورة، برئاسة المستشار أحمد فؤاد الشافعي، وعضوية المستشارين خالد عبدالحميد السعدنى، وخالد عبدالهادي الزناتي، وشعبان إبراهيم غالب، وأمانة السر سامح الموافى، وأحمد عاشور محمد جمال، بإعدام الزوج والعامل، وقبل النطق بالحكم وجه المستشار أحمد الشافعي، رئيس المحكمة كلمات موجعة للمتهمين، فقال: «بسم الله الحق العدل.. بسم الله الذي لا يظلم تحت سمائه أحد، إن هذه الجريمة التي نحن بصددها أوجعت وأدمت القلوب وهزت وجدان هذا المجتمع ولا يزال أثرها في النفوس حتى الآن منذ وقوعها بتلك الصورة الموجعة المفزعة لكل أبناء هذا المجتمع الآمن، جريمة شروع في اغتصاب وقتل المجني عليها التي هي زوجة للمتهم الثاني، اتفق مع المتهم الأول وكان رائدهما الشيطان واتفقا فيما بينهما على أن يغتصب الأول زوجة الثاني وأن يقتلها». وأضاف: «ما قمتم به جريمة ينعدم فيها شرف الرجال ونخوتهم وغيرتهم على أعراضهم، غريبة عن هذا المجتمع، فكيف لهذا المتهم الثاني الذي خان الأمانة التي ائتمنها الله عليها وهي تلك الزوجة المجني عليها يروعها ويفزعها وهي آمنة في بيتها (بيت الزوجية). تخمرت في ذهنه فكرة التخلص منها بإلصاق جريمة مخلة بالشرف (مصطنعة) مع المتهم الأول وقتلها مقابل حفنة جنيهات، بأن أمد المتهم الأول بالنقود اللازمة لشراء ثياب النساء ليتخفى بها عن أعين الناظرين حتى يتمكن من الدلوف إلى مسكنها، وبهذا الأمر تمكن من إتمام جريمتهما بالشروع في اغتصابها إلا أنها أبت أن تسلم شرفها للمتهم الأول وقاومته حتى أسلمت روحها إلى بارئها تنطق بالطهارة والشرف والعفة، راضية مرضيه تاركة من خلفها شرفًا لوالديها ولذويها ولطفلها الذي لم يبلغ من عمره تسعة أشهر». واختتم كلمته قائلاً: «أنتما تحالفتما مع الشيطان فكان الشيطان رائدكما فجئتما بالخسران المبين وغضب من الله ورسوله فكان جزاءكما من جنس عملكما». تأييد الحكم وبعد 4 سنوات؛ وهي المدة التي استغرقتها إجراءات التقاضي حتى وصلت النهاية بحكم النقض؛ حيث أسدلت محكمة النقض، الستار على القضية بتأييد حكم الإعدام الصادر بحق المتهمين شنقًا جزاءً وفاقًا لما اقترفاه، ليصبح نهائيًا وباتًا وغير قابل للطعن.. وأخيرا تم تنفيذ حكم الإعدام، ليسدل بذلك الستار على واحدة من أبشع الجرائم.. ماتت إيمان وتركت طفلاً يتيمًا، وأسرة منكوبة، وقرية لا تزال تروي تفاصيل ليلة بكت فيها السماء. اقرأ أيضا: الإعدام شنقاً لعاطل.. خطف طفل وهتك عرضه بمسكنه بالشرقية