الحفاوة البالغة التى سادت لقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وغريمه اللدود زهران ممدانى عمدة نيويورك المنتخب حديثا بالبيت الأبيض، أكدت بما لا يدع مجالا للشك ان الرئيس ترامب لا يحترم ولا يقدر إلا الأقوياء، وأنه ربما يستمتع ويتلذذ بإهانة الضعفاء والجبناء، ولنا فيما فعله مع الرئيس الاوكرانى زيلينسكى وغيره من الرؤساء العبرة والمثل. الخميس الماضى عندما اعلن البيت الأبيض عن اللقاء المرتقب بين ترامب وممداني، شدت وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية الرحال إلى البيت الأبيض، متوقعين حدوث مشاجرة على الهواء وانفجار قادم لا محالة، وأن اللقاء سيكون ناريا يفرم فيه ترامب عدوه اللدود ممدانى الذى تجرأ وأهانه وحط من قدره أمام الشعب الأمريكى وأمام العالم كله. لكن اللقاء جاء عكس كل التوقعات وكان وديا للغاية. ترامب كشف عن دهائه السياسى وأظهر للشعب الأمريكى انه يحترم ممدانى الذى جاء بالانتخابات ويحظى بشعبية كبيرة وأصبح التعامل معه ضروريا وأمراً واقعا. أما زهران ممدانى فقد اثبت انه على قدر كبير من الذكاء.. اثبت انه لا يريد صداما مع ترامب الذى هدد من قبل بإرسال الحرس الوطنى إلى نيويورك كما فعل من قبل مع شيكاغو.. حقق ارضية مشتركة مع ترامب دون التنازل عن مبادئه. اقنع ترامب بأنه جاء يريد المساعدة من الحكومة الفيدرالية لمدينة نيويورك ويحتاج 10 مليارات دولار للإنفاق على البرامج التى وعد بها الناخبون سكان نيويورك. ومع ذلك لم يفوت الفرصة باتهام اسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بتمويل أمريكى من أموال دافعى الضرائب. ولم ينف تصريحاته السابقة التى تعهد فيها باعتقال نتنياهو فور دخوله نيويورك، لكن ترامب قال: لم نناقش وعده باعتقال نتنياهو!! صحفى وجه سؤالا لترامب: هل ستشعر بالراحة فى العيش فى مدينة نيويورك تحت إدارة ممداني؟ قال: نعم سأشعر بالأمن بالعيش فى نيويورك وممدانى العمدة.. هو رجل عقلانى قادر على القيام بأمور ستكون رائعة حقًا وسيُبلى بلاءً حسنًا.. أتوقع أن أساعده، لا أن أضرّه.. نتفق فى الغاية وأؤكد انه ليس جهاديا. قد يسأل سائل: من الفائز من هذا اللقاء؟ أقول: الاثنان فائزان ويمتلكان قدرا كبيرا من الذكاء وأعطيا درسا للجميع.. هكذا تكون السياسة، لا وداد أبدّيا ولا خصام دائما !!