أثارت تصريحات رئيس أركان الجيش الفرنسي، الجنرال فابيان ماندون، موجة جدل واسعة في فرنسا، بعد دعوته المواطنين إلى "قبول فقدان أبنائهم" كجزء من استعداد البلاد لأي صراع محتمل مع روسيا. وقال ماندون، خلال مؤتمر رؤساء البلديات الفرنسيين يوم الثلاثاء، إن قوة فرنسا الاقتصادية والديموغرافية لا تكفي وحدها، حيث تحتاج البلاد إلى "قوة الروح" لقبول التضحيات لحماية الهوية الوطنية، في موقف وصفه مراقبون بأنه خطوة غير مسبوقة في الخطاب الدفاعي الفرنسي. اقرأ أيضًا| 28 نقطة قد تغيّر خريطة أوروبا.. ما حقيقة خطة السلام الأمريكية الروسية حول أوكرانيا؟ ما وراء التصريحات المثيرة للجدل؟ "فرنسا ليست مستعدة لخسارة أبنائها".. انتقادات واسعة لرئيس أركان الجيش الفرنسي إثر تحذيره من حرب مع روسيا في المستقبل، كيف كانت التعليقات؟ pic.twitter.com/rhpqHKr5hy — AlarabyTube - العربي تيوب (@AlarabyTubeTv) November 21, 2025 كشف ماندون أن فرنسا، رغم امتلاكها الخبرة والقدرة الاقتصادية والعسكرية، تفتقر إلى "الروح اللازمة" لمواجهة تهديدات روسيا، قائلا: "إذا تعثرت بلادنا لأنها غير مستعدة لقبول فقدان أطفالها أو المعاناة الاقتصادية بسبب تحويل الأولويات نحو الإنتاج الدفاعي، فإننا سنكون في خطر". وأشار الجنرال إلى أن دوره ليس تحريض الشعب على الحرب، لكن توضيح مخاطر عدم الاستعداد للدفاع عن الوطن. ردود فعل سياسية غاضبة توالت الانتقادات من مختلف الأطياف السياسية حول تصريح رئيس أركان الجيش الفرنسي الجنرال فابيان ماندون كالتالي: وصف زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري، جان لوك ميلينشون، دعوة ماندون بأنها "خارج نطاق صلاحياته" محذرًا من أن المواطنين لم يُسألوا عن تضحيات لم تحددها الحكومة الفرنسية. بينما اعتبر رئيس الحزب الشيوعي بفرنسا، فابيان روسيل، التصريحات "تدخلًا خطيرًا وخطابًا حربيًا بغيضًا"، مستشهدًا ب51 ألف نصب تذكاري في فرنسا لتذكير الشعب بتضحيات الماضي. من جانبه، أكد نائب رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الفرنسي، سيباستيان شينو، أن ماندون "لا يمتلك الشرعية لإثارة القلق لدى الشعب" معتبرًا أن تصريحاته لا تعكس موقف الحكومة الرسمية. كما وصف نيكولا دوبونت-آينيان، المرشح الفرنسي الرئاسي لعام 2027، خطاب ماندون بأنه "وهمي" وأكد أن التهديد الحقيقي للأطفال الفرنسيين هو "انعدام الأمن اليومي داخل البلاد". كذلك قالت المرشحة الفرنسية السابقة من الاشتراكيين، سيجولين رويال، عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "إن فرنسا لن تقبل بفقدان أبنائها من أجل نظام منحرف". توضيح الحكومة الفرنسية ردًا على الانتقادات، قال متحدث باسم ماندون إن مصطلح "الأطفال" كان استعارة تشير إلى "القوات المسلحة" باعتبارهم "أطفال الأمة". وأوضح العقيد بالجيش الفرنسي جيوم فيرنيه، أن الهدف من تصريحات ماندون هو تعزيز الوعي الوطني بأن فرنسا التي لا تكون مستعدة للدفاع عن نفسها ستُجبر على الخضوع، وأن التحضير للحرب يتضمن توقع الخسائر العسكرية والمعاناة الاقتصادية. استعداد فرنسا لحرب محتملة في إطار تعزيز الروح الدفاعية الوطنية، نشرت الحكومة الفرنسية دليلاً للمواطنين حول كيفية الاستعداد لأي حرب محتملة مع روسيا، بما يشمل: - تحضير عدة طوارئ تكفي ثلاثة أيام لكل شخص، تشمل 6 لترات ماء، طعام معلب، أدوية أساسية، راديو يعمل بالبطاريات، مصباح يدوي، وألعاب وكتب للتسلية. - وإطلاق خدمة عسكرية تطوعية لتعزيز المشاركة الوطنية في مواجهة الحروب والكوارث الطبيعية والأوبئة. وأكدت وزيرة الدفاع الفرنسية، كاثرين فوتريان، أن الهدف من هذه الخطوات هو رفع مستوى الوعي الوطني وليس إرسال الأطفال إلى جبهات القتال. وأشار ماندون، إلى أن الجيش الفرنسي يجب أن يكون جاهزًا للاشتباك خلال ثلاث إلى أربع سنوات، سواء في مواجهة هجينة أو تصعيد عنيف محتمل من روسيا. ووفقًا للتقرير الاستراتيجي الوطني الفرنسي 2025، فإن فرنسا بحاجة للاستعداد لاحتمال تدخل عسكري عالي الكثافة في أوروبا بين 2027 و2030، وأن أي هجوم على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو" سيستدعي مشاركة القوات الفرنسية طبقًا للمادة الخامسة لمعاهدة واشنطن. التحليل والجدل المجتمعي وأكد مراقبون أن خطاب ماندون، يعكس سعي الحكومة الفرنسية، لإعداد المواطنين نفسيًا لمواجهة تهديدات روسية محتملة، إلا أن اللغة المستخدمة أثارت انقسامًا واسعًا داخل الرأي العام الفرنسي. وأشار خبراء الدفاع، إلى أن فرنسا تحاول تعزيز "قوة الروح" الجماعية كأساس لمواجهة أي أزمة مستقبلية، مع التركيز على أن الهدف هو الردع لا الحرب المباشرة. وبحسب تقديرات المفوضية الأوروبية، سيبلغ الإنفاق الدفاعي للاتحاد الأوروبي هذا العام نحو 392 مليار يورو، تقريبًا ضعف ما كان عليه قبل أربع سنوات. ومن المتوقع إنفاق نحو 3.4 تريليون يورو خلال العقد المقبل لتعزيز قدرات الدفاع الأوروبية، بما في ذلك اقتراح زيادة ميزانية الدفاع والفضاء طويلة الأجل إلى 131 مليار يورو. اقرأ أيضًا| خلافات أوروبية أمريكية بعد تسريبات عن صفقة تُمكّن روسيا من السيطرة على أوكرانيا