اختص الله مصر وحباها بنعم لا تعد ولا تحصى، ومن أعظم نعمه عليها، أن جعلها حاضنة لكتابه، حتى أصبحت تربتها الطاهرة تجود بالعلماء فى شتى علوم القرآن، وأصبح أزهرها الشريف قبلة لعلوم أهل السنة فى شتى البقاع، واكتملت نعمة الله على هذه الأرص وعلى أهلها بأن منَ عليها بأصوات ذهبية لا نظير لها فى شتى أنحاء الدنيا، تقرأ القرآن وترتله، حتى أصبحنا أمام دولة للتلاوة المصرية، لها لونها وطعمها، وأدبياتها التى يتوارثها جيل بعد جيل، حناجر شربت وارتوت من النيل وترعرعت تحت شمس مصر، أصبح لدينا قراء عظام يمثل كل منهم مدرسة قائمة بذاتها، وأصبح هؤلاء القراء أحد أهم مظاهر قوتها الناعمة التى سيطرت على قلوب وعقول المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وجابت شهرة أغلبهم الآفاق حتى أصبح لهم جماهير لا يتسع لحضورها سوى استادات كرة القدم، محاولة حصر دولة التلاوة فى الشيخ محمد رفعت أو الحصرى أو عبد الباسط عبد الصمد أو المنشاوى هو الخطأ بعينه، ولأن الزاد ليس بنوع واحد فلكل منهم شكل ولون وطعم، هذا تسمعه فى رمضان، وهذا صوته يليق بساعات السهر وذاك فى رمضان، حتى إننى كنت أعتقد وانا صغير أنه لا يصح الصيام من دون سماع القرآن بصوت الشيخ محمد رفعت. هذه الدولة التى سادت محيطها وسادت العالم أصابها الوهن بعض الشىء، وتراجعت، ولكن الله كتب الخير لهذه الارض الى يوم القيامة، لذلك كانت سعادتى لا توصف ببرنامج دولة التلاوة الذى يسعى إلى البحث عن حناجر ذهبية قادرة على إيصال كلام الله الى الدنيا، لنكتشف ان تربة مصر ما زالت عفية وبخير وولادة وقادرة على أن تمنحنا «عبد الباسط» جديدا و»منشاوى» آخر. ولكننا لا نريد من يقلد المنشاوى، صاحب الصوت الباكى، ولا من يتقمص الشيخ مصطفى إسماعيل، فى مهارته بالانتقال بين آيات التبشير بالجنة والتهديد والوعيد بالنار، وحسب مضمونها، بالانتقال من مقام إلى آخر، ولا أن يتقمص عبد الباسط، صاحب صوت الجنة، أو الشيخ البنا صاحب الصوت الندى الخاشع، نريد أصواتًا ذهبية جديدة، تفتح صفحة جديدة فى عمر دولة التلاوة والابتهال والإنشاد ورفع الأذان. هذا المشروع يتكامل مع مشروع آخر تم فيه تدشين تطبيق إلكترونى لشيوخ المقارئ المصرية حتى تبقى حافظة لكتاب الله، يصدح إلى أن يقضى الله .