كثيرون يعتبرون الشرود الذهني علامة على التعب أو فقدان التركيز، لكن المفاجأة أن العلم يقول عكس ذلك،فقد كشفت دراسة أمريكية حديثة أن تلك اللحظات القصيرة من "السرحان" قد تكون في الواقع آلية طبيعية ينفذها الدماغ لتنظيف نفسه وتجديد نشاطه ، تماما كما يحدث أثناء النوم. ووفقا لتقرير نشره موقع "ساينس أليرت" "Science Alert"، فإن هذه الحالة اللاإرادية تمثل نوعًا من دورات الصيانة الذاتية التي يقوم بها الدماغ خلال اليقظة، لتعويض نقص الراحة أو الإجهاد الذهني المتراكم. اقرا أيضأ|طه إسماعيل: عانينا من الشرود الذهني أمام الأردن الشرود| عندما يبدأ الدماغ بعملية التنظيف الذاتي الدراسة، التي أجراها باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، استخدمت تقنيات متقدمة مثل تخطيط كهربية الدماغ (EEG) والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لرصد ما يحدث داخل الدماغ أثناء لحظات فقدان التركيز. وأظهرت النتائج أنه خلال فترات الشرود، تحدث موجة من السائل النخاعي تتدفق خارج الدماغ ثم تعود إليه بعد ثوان قليلة، وهي العملية نفسها تقريبا التي تحدث أثناء النوم العميق لتنظيف الخلايا العصبية من النفايات الأيضية. وأوضح الباحثون أن هذه الموجة الفسيولوجية تمثل طريقة الدماغ لاستعادة توازنه وتنشيط نظام السوائل العصبية، إذ يدفع الدماغ نفسه للتنقل بين حالتي التركيز الشديد والتدفق العالي للسائل النخاعي. الدماغ لا يتوقف عن العمل حتى في لحظات شرودك وأشار تقرير "ساينس أليرت" إلى أن هذه الفترات القصيرة من الشرود الذهني قد تكون ضرورية لصحة الدماغ، إذ تمنحه وقتا لإعادة ضبط الإشارات العصبية وتنشيط الدورة الدموية الدقيقة داخله. كما لاحظ العلماء خلال التجربة أن الشرود ترافق مع: تباطؤ التنفس انخفاض معدل ضربات القلب انكماش حجم حدقة العين وهي مؤشرات تدل على أن الجسم بأكمله يدخل في وضع استرخاء مؤقت، يديره نظام عصبي موحد مسؤول عن تنظيم كل من التركيز والوظائف الحيوية. ويقول الباحث لويس المشارك في الدراسة: "تشير النتائج إلى وجود دائرة عصبية موحدة تتحكم في عمليات الانتباه، وفي الوقت ذاته تنظم وظائف فسيولوجية أساسية مثل تدفق السوائل الدماغية وتوزيع الدم داخل الدماغ". بين النوم واليقظة| الدماغ يبحث عن توازنه تبرز هذه الدراسة وجهًا جديدًا لكيفية عمل الدماغ البشري، إذ يبدو أن الشرود ليس ضعفا في الانتباه، بل إشارة إلى أن العقل يحاول ترميم نفسه،ويعتقد العلماء أن هذه "الدورات القصيرة من التنظيف" قد تفسر قدرة الدماغ على الصمود في فترات الحرمان من النوم، حيث يعوض بعض وظائفه الحيوية أثناء الاستيقاظ. لحظات الشرود ليست تضييعا للوقت قد تغيّر هذه النتائج الطريقة التي ننظر بها إلى الشرود الذهني،فبدلا من اعتباره تقصيرا أو ضعف تركيز، يمكننا الآن رؤيته ك استراحة ذهنية ضرورية، تمنح الدماغ فرصة للراحة وإعادة التنظيم.