أخشى أن أقول إن سقوط مدينة الفاشر السودانية منذ يومين فى يد ميليشيات الدعم السريع المتحاربة مع الجيش الوطنى السودانى والمنشقة عن سلطة الدولة السودانية برئاسة البرهان، سيكون له آثار بالغة الخطورة على الأوضاع فى السودان، وحاضر ومستقبل الدولة السودانية التى نعرفها فى نطاقها الجغرافى الحالى ومساحة أرضها الحالية. والخشية تعود فى أساسها إلى كراهيتى القومية والوطنية للإقرار أو الاعتراف، بأن هذا السقوط قد يعنى فى معناه وواقعه البداية المؤسفة لإعلان تقسيم جديد للسودان الشقيق، نتيجة إعلان انشقاق أو انفصال إقليم دارفور عن الدولة السودانية،..، وبذلك يكون هذا هو التقسيم الثانى للدولة السودانية بعد انفصال جنوب السودان عنها منذ عدة أعوام وإقامة دولة جنوب السودان. والآن.. الحقيقة والواقع يؤكدان وجود أطماع إقليمية ودولية كثيرة تحيط بالسودان الشقيق، وتسعى جاهدة لتمزيقه وتقسيمه إلى عدة دول أو مناطق منفصلة، وفى المقدمة منها حالياً إقليم دارفور.. وهو ما نأمل ألا يتحقق. ونأمل أيضاً أن يتمكن الجيش السودانى الوطنى من استعادة مدينة الفاشر من يد القوات المنشقة، وإبعاد شبح الانفصال والتقسيم عن الأرض والسيادة السودانية، رغم المصاعب الكثيرة التى تكتنف هذه العملية، حيث إن الفاشر هى المدينة المركزية الكبرى فى إقليم دارفور، التى تسعى قوى كثيرة لسقوطها وانفصالها عن الدولة السودانية. وإذا ما أردنا الحقيقة فعلينا أن نقول إنه إذا ما كان هناك حرب يمكن أن نطلق عليها الحرب المنسية فهى تلك الحرب التى كانت ولا تزال مشتعلة بجوارنا فى السودان وعلى حدودنا الجنوبية طوال الأعوام القليلة الماضية وحتى الآن. فهذه الحرب بالفعل كادت أن تكون منسية ليس بالنسبة لنا فى مصر خاصة، بل منسية للأسف من كل الدول العربية والإقليمية وكذلك الدولية، رغم خطورتها الشديدة وانعكاساتها السلبية العديدة والجسيمة على كل الدول فى محيطها الإقليمى، فى هذه المنطقة الطافحة بالاضطراب والعنف وعدم الاستقرار فى إفريقيا بصفة عامة وعلى حدودنا الجنوبية بصفة خاصة.